قال الكاتب الصحفي محمد بن عبدالله آل شملان إن شعب المملكة العربية السعودية مسرور بذكرى يوم التأسيس؛ لأنه يعلم أنه يمثل الاتصال الحي المباشر بين التاريخ والواقع، ولأن فيه الوفاء للمبادئ والقيم التي عاش بها ولها الإمام محمد بن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى. ومسرور أيضًا لأنه يعلم أن مبادرة الاحتفال منبعثة من وفاء الابن الوفي الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ للمؤسسين، الذين أخلصوا العمل، واستعذبوا الجهاد والتضحيات في خدمة دينهم ووطنهم.
وأضاف بأن الشعب السعودي مسرور أيضًا لأنه يدرك أنها مبادرة تترجم حقيقة تاريخية واقعية، هي أن أعظم ما تركه الإمام محمد بن سعود بعد المبادئ والمثل رجال كبار، حملوا الأمانة بشرف، وواصلوا المسير بعزم.. وإن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الكبير اليوم على رأس هؤلاء الرجال، حارس للكيان وقائد للوطن وراعٍ لمصالحه.
وأشار "آل شملان" في حديثه لـ "سبق" إلى أنه ليس غريبًا على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيده الله ـ أن يصدر أمره الكريم بالاحتفاء بيوم التأسيس؛ لأنه يتحدث عن تاريخ مؤسس عظيم، شاء الله تعالى أن يكسر منظومة التشتت معتمدًا شعار الوحدة عملاً لا قولاً، وتعاونًا لا خداعًا.
ولفت إلى أن الإمام محمد بن سعود بن مقرن -أجزل الله مثوبته، وشمله بواسع عفوه ومغفرته- كان يضع في مقدمة اهتماماته القضاء على الفوضى السياسية التي كانت في الجزيرة العربية؛ إذ كانت كل بلدة وإقليم في حكم مستقل نسبيًّا، بشكل لا يلبي المتطلبات الدنيا لقيام أي حضارة أو ازدهار أو ثقافة.
وأشار إلى أن تلك البلدان والأقاليم كانت دائمة القتال والحروب فيما بينها، وكانت الفرقة والتشتت شعارها، كما كانت لبعض القوى نفوذ عليها؛ فتوجه إلى ربه يسأله عونه، ثم انطلق بمن معه من الرجال الذين يشاركونه صدق الإيمان والطموح، فابتدأ بمدينته "الدرعية"، ووحد شطريها، وجعلها تحت حكم واحد، بعد أن كان الحكم متفرقًا بين مركزين لها، وحقق لها الاستقلال السياسي التام عن أي قوة خارجية.
وأضاف بأن سِجل التاريخ سجَّل حرصه على الاستقرار في منطقته، وشهدت تلك المدينة المشرفة على وادي حنيفة استقرارًا كبيرًا وازدهارًا في مجالات متنوعة، وكان الأئمة من أبنائه عند حسن الظن بهم، فحملوا عبء المسؤولية، وصانوا الأمانة إيمانًا بالله، وإخلاصًا لدينه.
وذكر "آل شملان" أن الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى لها مكان عند الملك سلمان، ليس كمثله مكان في العالم، ولا يستطيع القلب إلا أن يحبه.. تأسره بحضارته وعراقته وتجربته وعاطفته.. هو بالنسبة للملك سلمان وللسعوديين بمنزلة البخور الذي ينتشر شذاه ليتغلغل في الأنحاء، وكرائحة القهوة اللذيذة التي لا نستطيع مقاومتها، فلا يبرح الفؤاد أبدًا.
وأردف بأن "الدرعية، هذا المكان الأخاذ، صنو التاريخ والحضارة والألق، الأغنية الخالدة لكل الأبناء والأحفاد، كل حجر فيها ينطق بحكايات البطولات والأمجاد، فإذا اعتليت أعلى مرتفع في حي الطريف رأيت مشهدًا قلّما تجد له مثيلاً في الأرض المعمورة؛ إذ ينام هذا المكان في حضن تاريخ نابض بالحياة، منذ عام 1446م حتى الآن، يتلألأ فيه المكان أمامك بكل شوارعه وأزقته وبيوته.. ترى معالمه العريقة، مثل: منطقة البجيري التاريخية، ومنطقة سمحان، وحي غصيبة، وحي سمحان.. ترى عمق التاريخ، وتسمع صليل السيوف وحوافر الخيل، وهي تفتح المكان أمام الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب؛ لتكون الدرعية حاضرة من حواضر مجد الدولة السعودية الأولى، وعاصمة لها. تسمع كتاب الله تعالى يُتلى في جنباتها، وتسمع صرير تسجيل الكتب وتأليفها".
واعتبر الكاتب ما جاء به قبل ست سنوات، وتحديدًا في عام 2017م، من أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بتأسيس هيئة تطوير بوابة الدرعية، من ربط الماضي بالحاضر، ودرسًا عمليًّا في حب الوطن والتاريخ.. فحركة التطوير والبناء في الدرعية الآن لا تهدأ، وما رأى النور من مشاريع قليل من كثير ينتظرها من مسيرة نهضة تنموية، رسم خطوطها العريضة الملك سلمان، الذي أخذ على عاتقه تحويل المكان المستلقي في أحضان التاريخ إلى جنة خضراء، وإبرازه كمركز للأنشطة المجتمعية والثقافية، إلى جانب تعزيز مكانته كوجهة سياحية دولية رائدة؛ ليكون من أهم أماكن التجمعات السياحية في العالم، من خلال تقديم الفن والموسيقى والأزياء والترفيه للضيوف من جميع الأعمار.
وأشار "آل شملان" إلى أن وطننا وهو يحيي ذكرى تأسيسه بعد مرور أكثر من ثلاثة قرون يعيش في معركة مع المستقبل؛ فلقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظهما الله ـ لمحات بارزة في الرؤية السعودية 2030 سيرًا على نهج المؤسسين ـ رحمهم الله ـ لصناعة المستقبل من أجل الأجيال القادمة، من خلال التغيير الشامل، والتحرك بشكل كامل في المنظومات الإدارية للعمل، تمنح تحقيق تحولات كبرى في مجال العمل الحكومي في وطننا الحبيب، واقتصاده وتجارته، وقطاعاته كافة، وتوسيع خارطة إنجازاته، والارتقاء بمكانته على المستوى الدولي في مسار الاقتصاد والتنمية، وإبراز القيمة والأثر من شراكاته العالمية، وموقعه الاستراتيجي، إضافة إلى تمكين المرأة والشباب، وتحسين جودة الحياة للجميع.
ودعا "آل شملان" في ختام حديثه اللهَ أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأن يحفظ ولي عهده الأمين سندًا له وعضدًا، وأن يرحم الإمام محمد بن سعود رحمة واسعة، ما عزَّت تعاليم الإسلام منهجًا للحكم، وقوامًا للدولة، وما عزَّت مسيرة الدولة السعودية بأعماله ومنجزاته، وما سعد الشعب بالوحدة القوية الراسخة، وما تمتع الشعب بالأمن المكين والاستقرار الواعد والعيش الرغيد، وما وجدت الأجيال في كل مجال قاعدة راسخة للإصلاح والبناء والإعمار.