عند الحديث عن الاقتصاد وموارده وأصوله لا يمكن تجاهل الثروة العقارية وأهميتها كأساس لأي نهضة اقتصادية عمرانية، خصوصًا في دولة اقتصادية كبرى مترامية الأطراف متنوعة التضاريس والمناخ تتميز بوفرة مصادر الطاقة وحركة التنمية الشاملة مثل المملكة العربية السعودية؛ فضلاً عن مكانتها الدينية والسياسية في العالمين العربي والإسلامي.
إن الثروة العقارية وتنميتها وحمايتها والاستثمار فيها مرهون بتحقيق الأمن العقاري الذي يتطلب تعاهد هذه الثروة بالتجديد والتطوير وإيجاد الحلول لضمان مبدأ الأمان والحماية المستدامة لرؤوس الأموال والمستهلكين والمستثمرين، والتحكم السلس بالعرض والطلب وأسعار الأراضي والعقارات عند مستويات تنافسية مقبولة؛ تعود على الاقتصاد الوطني بالتنمية والازدهار.
وفي ظل رؤية المملكة 2030 يجدر بالثروة العقارية في المملكة العربية السعودية أن تكون عاملاً مهمًا وركنًا أساسيًا في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتنميته وتحقيق أحد أهم مستهدفات رؤية المملكة 2030 وهو تنويع مصادر الدخل والمساهمة الفعّالة في تنمية الاستثمارات في جميع المجالات؛ فضلاً عن تحقيق المتطلبات وإيجاد الحلول لقضايا قائمة منذ عقود مثل ارتفاع أسعار الأراضي وسد الفجوة بين العرض والطلب.
هناك عوامل أساسية عدة لتحقيق الأمن العقاري مثل تطوير الجهات المعنية مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان واستحداث أنظمة ولوائح جديدة مطورة تواكب رؤية القيادة الرشيدة ومستهدفات رؤية 2030 وتطلعات المواطنين والمستثمرين.
وفي هذا الصدد أود الإشارة إلى نقطة مهمة تتعلق بـ"الصكوك" وأهميتها في تحقيق الأمن العقاري، وذلك بجعلها عملة وطنية قوية ذات مصداقية وأمان على المستوى العالمي، تضمن حماية الحقوق والمشروعات ورؤوس الأموال بقوة النظام؛ مما يجعلها عملة صعبة في عالم الاقتصاد؛ تجذب الاستثمار في جميع المجالات.
إن الاهتمام والعناية بأمر الصكوك وتقويتها يبدأ من حمايتها أولاً من عوامل الإلغاء والتغيير والتلاعب، وبتوحيد الإجراءات والجهات العدلية والنظامية والتنفيذية بحيث لا تكون الصكوك عرضة لجهات تتنازعها أطراف غير مترابطة؛ مما يسبب العرقلة والتأخير وتظهر آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني والاستثمار.
إن الصكوك بعد صدورها واعتمادها يجب أن تكون لها حرمة لا يمكن المساس بها لضمان مصداقيتها وإثبات قوتها، وفي حال حدوث إشكالات أو نزاعات حولها يجب أن تكون هناك ضمانات آمنة ومجدية تحفظ حق المالك والمستهلك والمستثمر؛ على أن تتحمل الجهات المعنية بإصدار الصكوك مسؤولية تلك الإشكالات والنزاعات؛ مما يُسهم في رفع مستوى أداء تلك الجهات وأنظمتها ومعاييرها تبعًا لحرمة الصكوك وقوتها.
وهذا من شأنه جعل الصكوك بمثابة عملة آمنة وثمينة قابلة للتداول عالميًا بإجراءات أكثر سلاسة وتنافسية مع الأسواق العقارية في العالم، مع اتخاذ إجراءات محفزة مثل إتاحة الإقامة الدائمة في المملكة للمستثمر الأجنبي الذي يمتلك عقارًا بقيمة معينة ؛ سواء للأغراض السياحية أو التجارية أو الاستثمارية أو الصناعية.
إننا في ظل رؤية 2030 وما أعلن عنه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- من خطط ومشروعات تنموية ضخمة؛ أمام فرص اقتصادية واستثمارية كبرى، يمكننا من خلالها توظيف رؤوس الأموال المحلية والعالمية في مشروعات تنموية جبارة تعود على الاقتصاد الوطني بعوائد ضخمة وعلى المواطنين بالرفاهية وعلى المستثمرين بعوائد محفزة.
وفي ظل وجود الإرادة السياسية والمبادرات الرسمية والمشاركات الفعّالة ووجود أساس يمكن الانطلاق منه بالتجديد والتطوير والإصلاح فإننا على أمل كبير أن نرى هذه الإنجازات تتجسد حقيقة على أرض الواقع بما يليق بمكانة المملكة العربية السعودية ورؤية قيادتها وتطلعات شعبها؛ عبر تحقيق الأمن العقاري والرقي بالثروة العقارية الوطنية إلى مستويات عالمية.