أهدى فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، جامعة القاهرة ونائبَيْ وزير التعليم في مصر والسعودية عملاً ثقافيًّا فريدًا، عمره 170 عامًا.
وفي التفاصيل، استضافت جامعة القاهرة حفل تسليم جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، برعاية فيصل بن معمر، وحضور رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت، ونائب وزير التعليم السعودي لشؤون الجامعات الدكتور محمد السديري. وعلى ضوء التكريم قدَّم "ابن معمر" نسخًا من مخطوطة نادرة، هي "أصول الخيل العربية في مخطوطة عباس باشا الأول".
وتُعتبر المخطوطة النادرة من أندر ما كُتب عن أصول الخيول في الجزيرة العربية قبل 170 عامًا، وتُعدُّ مصدرًا معرفيًّا مهمًّا في أنساب الخيل العربية، وحققتها المكتبة بواسطة فريق من المختصين، وصدرت في مجلدين: الأول: صورة طبق الأصل من مخطوطة عباس باشا الأول في الخيل، والثاني يحتوي على الدراسة بفصولها وأبوابها المتعددة.
ويروي فيصل بن معمر قصة هذه المخطوطة قائلاً: "مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تقتني النسخة الأصلية، وهي بعنوان (أصول الخيل) التي تعرف بمخطوطة عباس باشا في الخيل التي أُلِّفت في عام 1269هـ / 1852م، وتتناول موضوع الخيل بالتفصيل والتوثيق عند قبائل جزيرة العرب من أهل البادية وأهل الحاضرة. وتتضمن المخطوطة أسماء الخيل الأصيلة، وأسماء مرابطها، وأنواع سلالاتها، وأسماء مُلاكها ومربيها وتجارها الحريصين على شرائها واقتنائها".
وأضاف عن أهميتها: "إن أصل عمل هذه المخطوطة النادرة وتأليفها يرجع إلى الصداقة الحميمة التي نشأت بين الخديوي عباس باشا الذي تولى حكم مصر سنة 1848م، والإمام فيصل بن تركي مؤسس الدولة السعودية الثانية، وحينها أهداه عددًا كبيرًا من الخيول الأصيلة. ولشغف الخديوي عباس بالخيول واهتمامه بنسبها وأصولها أرسل مستفسرًا من الإمام فيصل عنها، فردّ عليه الإمام فيصل بأن هذه الخيول الأصيلة هي بالأساس جاءت إلى مربط خيله من قبائل جزيرة العرب، ونصحه بأن يرسل له بعثة متخصصة، تُمكِّنه من تقصي أحوال هذه الخيل".
وأردف: "وفعلاً، اهتم الخديوي عباس الأول بهذا الأمر، وأرسل للإمام فيصل عددًا من الكتبة الاختصاصيين الأمناء في نقل المعلومات، ويظهر في كتاباتهم أنهم على علم بأصول الخيل، ومن المخالطين للقبائل، ووكَّل على رأسهم مملوك الخديوي عباس (علي بك الجماشرجي) المشهور باللالا، الذي ظل يجوب شبه الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، ويستحضر له أفراسًا من أعز مرابط خيل العرب الأصيلة متتبعًا خطواتها مع وعورة المسالك وبُعد المسافة وصعوبة المواصلات. وعند رجوعهم إلى القاهرة رتَّبوا كتابهم، ونظموه عن أنساب الخيل وأصولها، وقدموه إلى عباس باشا في عام 1852م تحت اسم (أصول الخيل)، وبعضهم سماه فيما بعد باسم (مخطوطة عباس باشا عن الخيل)".
وتُعنى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة عناية كبيرة بالتراث العربي الإسلامي، وقد أنشأت مركزًا خاصًّا لدراسات الفروسية، يحتوي على أكثر من 12 ألف مادة متنوعة بين الدراسات والكتب النادرة في مختلف اللغات العالمية، والصور واللوحات والأيقونات والوثائق والمخطوطات والمسكوكات.. وكلها تبرز أوصاف الخيل وقيم الفروسية، كما تقتني مجموعة من الكتب النادرة بعدد من اللغات، يعود أقدمها إلى عام ١٨٢٩، فضلاً على اقتنائها مسكوكات نادرة، عليها رسومات للخيل والفروسية، تعود إلى القرون الهجرية الأولى، إضافة إلى مجموعات متنوعة من الكتب المؤلفة بالعربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية عن الخيول العربية.
وتبرز الرؤية الاستراتيجية الثقافية للمكتبة في هذا الرصد والبحث والاقتناء في عنايتها بالتراث العربي والإسلامي بمختلف صوره وأشكاله تعزيزًا للهوية، وترسيخًا للعمق التاريخي للثقافة السعودية والعربية والإسلامية.