عندما نتحدث عن التاريخ السعودي فإن جدة التاريخية تأتي في قلب هذا التاريخ؛ إذ تحكي منطقة جدة التاريخية قصة مذهلة لتحوُّلها من قرية صيادين صغيرة على ضفاف البحر الأحمر إلى بوابة تستقبل الحجاج من جميع أنحاء العالم، ومركز تجاري يقع على طريق الحرير الشهير، وعنوان عريض لتاريخ سعودي غني.
وتكتسب "جدة التاريخية" أهميتها من كونها كانت ملتقى للحضارات، ومنفذًا بحريًّا لحجاج بيت الله الحرام في رحلتهم المباركة نحو مكة المكرمة؛ وهو ما أحدث فيها نوعًا من التفاعل الحضاري، مكَّن لها التسجيل كثاني المعالم الحضارية السعودية المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي بعد مدائن صالح.
وتضم جدة التاريخية إرثًا عريقًا بما تضمه من أسواق تاريخية، وما يزيد على ٦٠٠ مبنى تاريخي بهندسة معمارية فريدة، تعكس قدرة سكانها على التكيف مع بيئتهم، وتفاعلهم الثري مع الحضارات المختلفة.
من هذا المنطلق كانت انطلاقة برنامج "جدة التاريخية" لتطوير المنطقة، والحفاظ على آثارها وأصالتها. والبداية كانت عبر مشروع ترميم 56 مبنى من المباني الآيلة للسقوط بجدة التاريخية، الذي أعلنت وزارة الثقافة اكتمال أعماله بدعم يبلغ (50) مليون ريال من نفقة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الشخصية؛ وهو ما عكس عناية سموه الفائقة بالتراث والآثار السعودية الثرية.
ويستهدف برنامج تطوير المنطقة إعادة إحيائها سعيًا إلى أن تكون منارة للثقافة والفنون، ووجهة تراثية عالمية مستدامة، تولد فرصًا للتنمية المجتمعية والاقتصادية عبر الاستثمار بتراثها وثقافتها.
كما يقوم البرنامج بتطوير المجال المعيشي في منطقة جدة التاريخية؛ لتكون مركزًا جاذبًا للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصدًا لرواد الأعمال، وكذلك الاستفادة من بعض المباني بعد إعادة تأهيلها في استخدامات متنوعة. وكمثال على ذلك، فقد تم تخصيص اثنين منها لتكون مقرًّا لهيئة الأزياء، وهيئة فنون الطهي.