في عصر تتسارع فيه التكنولوجيا، أصبحت المدن الذكية خيارًا استراتيجيًا عالميًا، تسعى من خلاله إلى دمج التكنولوجيا الرقمية لتحسين الخدمات العامة وتعزيز الكفاءة والابتكار.
ويشهد سوق المدن الذكية نموًا سريعًا، مع توقعات بزيادة بمعدل نمو سنوي مركب قدره 24.1% ليصل إلى حوالي 7 تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2030.
هذا النمو يشمل قطاعات رئيسية مثل النقل الذكي، والطاقة الذكية، والخدمات العامة، وإدارة المخلفات.
تتوقع الدراسات أن تساهم سياسة البيانات المفتوحة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 1 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028. كما يُتوقع أن تعود الاستثمارات العامة في المدن الذكية بأثر مضاعف يصل إلى 10 تريليونات دولار أمريكي حتى عام 2028، مع خلق فرص عمل جديدة في مجالات تطوير البرمجيات، وتحليل البيانات، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني. في المقابل، قد تؤدي الرقمنة إلى تقليص الحاجة للوظائف اليدوية والإدارية الروتينية.
وتعمل التحسينات في البيئة الرقمية والبنية التحتية على جعل المدن الذكية أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة. القطاعات المستفيدة تشمل النقل، والطاقة، والرعاية الصحية، والخدمات العامة، مما يعزز من كفاءة التشغيل واستخدام الموارد.
وتلعب الشراكات بين القطاعين العام والخاص دورًا حيويًا في تنفيذ مشاريع المدن الذكية، حيث توفر الخبرات والاستثمارات اللازمة، بينما تستفيد الحكومات من تحسين تقديم الخدمات والبنية التحتية.
من المتوقع أن يشهد العالم زيادة في التوسع الحضري، حيث تُقدّر التوقعات أن يعيش 68% من سكان العالم في المناطق الحضرية بحلول عام 2050. هذا التوسع يوفر فرصًا كبيرة لتطوير المدن الذكية لتلبية احتياجات السكان المتزايدين.
في إطار رؤية السعودية 2030، تُبذل جهود كبيرة لتطوير المدن الذكية كجزء من استراتيجية تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
وتسعى الرؤية إلى تحقيق ثلاث مدن سعودية ضمن أفضل 100 مدينة ذكية في العالم بحلول عام 2030، مع التركيز على تحسين جودة الحياة، ودعم النمو الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية الذكية مثل شبكات الطاقة، وإدارة المياه، وشبكات النقل.
حققت مدينة الرياض مكانة متميزة في قائمة المدن الذكية العالمية لعام 2023، حيث أظهرت التقييمات الصادرة عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) أن الرياض تحتل المركز الثالث كأذكى مدينة عربية.
فيما احتلت الرياض المرتبة 30 عالميًا، بينما جاء ترتيب مكة المكرمة في المركز 52، وجدة في المركز 56، والمدينة المنورة في المركز 85 من بين 141 مدينة على مستوى العالم.
تأتي النتائج الحالية كنتيجة للجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئات المسؤولة في الرياض لتحويل المدينة إلى نموذج متقدم للمدن الذكية.
وتتعاون الهيئة الملكية لمدينة الرياض مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي لتفعيل إمكانيات المدينة الذكية.
وتشمل المبادرات الرئيسية إعداد استراتيجيات لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ونشر الوعي بين سكان المدينة حول التقنيات الذكية المطبقة، خاصة في مجالات الأمن
وساهمت التطبيقات والمنصات الحكومية بشكل كبير في تحسين المؤشرات الصحية والأمنية في الرياض، مما يعزز من موقع المدينة كأحد رواد المدن الذكية عالميًا.
ويواصل التحول الرقمي في الرياض دعم الأهداف الاستراتيجية للمدينة ويسهم في تطوير بيئة أكثر كفاءة وابتكارًا.
وتلتزم المملكة بتطوير الاقتصاد الرقمي كجزء من استراتيجيتها الرامية إلى تعزيز إمكانيات القطاعات غير النفطية.
ووفقًا للتقرير الصادر عن وكالة الاستشراف التقني، يُظهر أداء الاقتصاد الرقمي في المملكة تقدمًا ملحوظًا حيث أسهم بنسبة 15%، أي ما يعادل 445.9 مليار ريال سعودي، من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022.
ويُتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 18.3%، أي ما يعادل 566 مليار ريال سعودي، بحلول عام 2025، مما يعكس نموًا قدره 120 مليار ريال سعودي.
وخصصت المملكة 500 مليار دولار أمريكي للاستثمار في تحويل 285 بلدية إلى مدن ذكية.
ومن المتوقع أن ينمو سوق المدن الذكية في المملكة بمعدل نمو سنوي يصل إلى 19.6% بين عامي 2020 و2027، مما يعكس التزام المملكة العميق بتطوير البنية التحتية الذكية وتعزيز النمو الاقتصادي.