في عالم الإدارة كل شيء جائز إلا بعض الممارسات؛ فإنها مردودة على أصحابها. دعكم من الرتوش الخارجية والماكياج المؤسسي، فإنه يُخفي ما استوجب القضاء عليه..
إن ما يُحسب للقيادات (الواعية) هو تعامل الموظفين مع المستفيدين كما ينبغي، باحترام واحترافية، ويُحسب لهم سهولة التواصل مع القيادات عند الحاجة.. كما يجير لهم تسيير إجراءات العمل، ومراقبة الأداء السلوكي... يُحسب عليهم تطبيق موظفي دائرتهم الأنظمة (بالمزاج).. مراجع يتمتع معهم برحلة الإجراءات، وآخر يعاني تحت رحمة موظف غير صالح..
يعد إنشاء نظام مؤسسي ببطاقة الأداء المتوازن بوابة مهمة لبلوغ ذروة سنام رؤية 2030؛ إذ يضم أهم الأبعاد الرئيسة.. منها: بُعد الاستراتيجية، بُعد العملاء، العمليات الداخلية، البُعد المالي، كذلك بُعد التعلم والنمو.. بالرغم من كل هذا الإنفاق على برامج التحول لم تستطع بعض المؤسسات تحريك الموظفين الذين يعيقون تدفق الإجراءات دونما نص نظامي.. فمن ذا الذي خولهم بتعريض مصالح الناس للهدر والضرر؟
إن ما تفصح عنه بعض الجهات الرسمية من مستهدفات ومنجزات في وادٍ، وما يجري في أرجائها واقعًا بوادٍ آخر تمامًا.. فغياب المهنية والجهل المركب بالأنظمة ما زال حاضرًا لديهم بقوة.. فما يتعرض له الموظف من أذى داخل جهته، هو ذاته الذي قد يواجهه معظم المستفيدين، سواء مستثمرًا أو غيره..!
معلوم أن بيئة العمل بازار واسع، يتعيَّن معرفة مداخله ومخارجه؛ فالمفرط أولى بالخسارة.
كذلك نفهم أن الإدارة خليطٌ من فنون وعلوم؛ لذا يتعين تنصيب أناس لديهم القدرة والمهارة لترجمة معاني علوم وفنون الإدارة، بفكر مستنير واحترافية. فنون الإدارة يتوقع طرحها للمستفيد في قوالب الذوق النظامي بلا مِنّة ولا أذى.. فالحذر من الموظف المجاهر بالعصيان، وخصوصًا الذي يردد دومًا "روح اشتكي للمدير" و"روح اشتكينا المحكمة"... فوجوده قد يكون خطرًا على الجهاز وقياداته.. كما تعد ممارساته درجة أولى في سلم الفوضى التنظيمية..
المحاكم -بلا شك- شمس العدالة، وملاذ المظلومين.. فيفترض عدم إشغالها عن مهامها الجسيمة.. وعلى كل جهة إدارة شؤونها إلا فيما يُستشكل عليهم، أو لم يرد بحقه نص؛ فتحال من جهة الموظف إلى الجهات المختصة للفصل والمعالجة.. فما دامت الدوائر القضائية سوف تحكم بالنظام المعتمد نفسه لدى الدولة فمعنى ذلك أن الموظف يجهل أو يتعمد تعطيل العمل وتعليق حقوق الناس.. وعليها إحالته للجهات الرقابية واتخاذ التدابير.. كما أتصور أن وعي المواطن بحقوقه وحزم القضاء مع تلك الجهات قد يسهمان بضمور عضلات الفتوات الذين استمرؤوا الممارسات السلبية بحق الآخرين، سواء كان بالأمس، أو اليوم.. وربما غدًا.
عار أن تتنصل الجهات الرسمية عن الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها على الأقل، وخيبة أمل عريضة حين تُسجَّل قضايا حقوقية على الأجهزة الحكومية دون محاسبة قياداتها.. فبئس الثقافة، ثقافة "روح اشتكينا المحكمة"!!