لا شك أننا لسنا مجتمعًا أفلاطونيًّا، ولا مجتمعًا مثاليًّا بالدرجة الأولى؛ وهناك حالات استثنائية معدودة على الأصابع. وفي المقابل لسنا مجتمعًا منحلاً متفككًا بلا دين ولا أخلاق ولا عادات وتقاليد.. نحن ــ ولله الحمد ــ مجتمع متدين بالفطرة، تحكمنا شريعة إسلامية سمحة، أعطت لكل فرد من أفراد المجتمع حقوقه، وبيَّنت له واجباته، وما له، وما عليه.
وما يطرحه الإعلام المعادي، ويحتفي به الأعداء من قضية "هروب الفتيات" هذه، لم يعد ولم يكن ظاهرة حتى يحتفل بها الأعداء، ولكنها "حالات شاذة"، ولا تتجاوز أصابع اليد الواحدة خلال السنتين، وهي "حالات نادرة"، ونحن شاهدنا كيف احتفل بها الإعلام المعادي، وفتحوا قنواتهم ومؤسساتهم لحالة واحدة فقط من ثلاث أو أربع حالات حصلت، وتبيَّن لنا ما هو مغزاهم، وأهدافهم، واتضح كيف أنهم يديرون ما يشبه "العصابة"؛ إذ يختلقون من "القشة سنام جمل"، ويحاولون تبيان أن المجتمع متفكك، وأن الفتيات والمرأة السعودية مضطهدات، وأنهن مسلوبات الحق، وأنهن يعانين من مجتمعهن وآبائهن وأمهاتهن وإخوانهن وأزواجهن.. وهذه والله منافية للحقائق والوقائع والأرقام والإحصائيات، ومنافية للمنطق الذي نراه ونشاهده ويشاهده العالم أجمع من خلال مشاركة المرأة في المحافل الدولية، وبروز فتياتنا في محافل دولية كبرى، وتمثيلها للمملكة في العديد من الهيئات والمؤتمرات الدولية، ومن خلال مشاهد ونماذج للمرأة السعودية، لا تكفي عشرات الصفحات لذكر أسمائهن في أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا، وغيرها من شرق الأرض وغربها.. فتيات أثبتن للعالم أنهن مبدعات، وتلقين الدعم والتوجيه من أسرهن وأزواجهن، وأبدعن في مجتمع يدعم المبدعات، وأثبتن أنهن كاملات الحقوق، وعليهن واجبات.. والأمثلة كثيرة.
اتضح لنا ــ وهذه والله نصيحة، أرجو أن تنتبهوا لها - أن أعداء الأمة والمجتمع والدين لا يحملون من الأخلاق بضع كلمات، وأن أهدافهم (الفتنة وتأجيج المجتمع) من خلال تفكيك الأسرة، وتبيان أن الفتيات مضطهدات، وأنهن يعانين، وأن هروبهن خير نتيجة، وأنه الحل لهن.
ولكن هل شاهدتم ما حصل لتلك الهاربة التي غردت نيابة عنها وكتبت نيابة عنها تلك المافيا، واكتشف العالم أنها لا تعرف حتى القراءة والكتابة ((غُرر بها وبغيرها))؟ فالحذر الحذر من هذه العصابات التي لا تهدف إلا إلى دعم السلبيات، وتفكيك الأسر، وإفشال البرامج الهادفة التي انطلقت من خلال الدعم الحكومي وولاة الأمر بإيجاد برامج تهدف إلى الارتقاء بالمجتمع وأفراده نساء ورجالاً.. ومن أراد الحقائق فليعد إلى الجهات الرسمية، وليتابع أخبار الوزارات والهيئات لدينا، ولينظر بعين الواقع كم حصل للمرأة السعودية من دعم، وكم امرأة الآن تتبوأ منصبًا رفيعًا، وكم امرأة تمثلنا في مجلس الشورى، وكم مبدعة تعمل في جهات عالمية، وكم امرأة تقود سيارتها في شوارعنا لتذهب إلى عملها، وتوصل أولادها إلى المدارس، وتمارس حقوقها كاملة، وكم .. وكم.. ولكنه الإعلام الحاقد المغرض؛ فلا تنجرفوا خلفه، ولا تتناقلوا ما يطرحه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة "الواتس آب"، ولا يكُنْ حتى حديثكم في المجالس.. والحل الأمثل هو تجاهل مثل هذه الرسائل والأحاديث الكاذبة الخادعة، وليكن شعارنا أننا مجتمع واحد، هدفنا الارتقاء، والبناء، والمشاركة في التنمية، وإنجاح مشاريعنا التي هي من أجلنا. وما رؤية 2030 إلا دليل على هذه التوجهات، وأننا مجتمع يقفز بدرجات عالية، وهذا ما يغيظ الأعداء؛ فلا تتركوا لهم مجالاً، وسيروا في البناء والتنمية والنهوض بأبنائكم وبناتكم وأخواتكم وزوجاتكم، وواصلوا الدعم والارتقاء.. وهكذا أنتم وستظلون؛ فلا تلتفتوا لما يطرحه الإعلام المعادي الذي جعل من حالة شاذة واحدة "كذبة كبرى".