هل نحن في زمن اللاوعي؟!! هل نحن في زمن انقلاب المفاهيم؟!! هل نحن في زمن العجائب؟!!
هذه الأسئلة وأكثر منها تدور في مخيلة كل عاقل لبيب، وتصيبه بالحيرة، والدهشة، وتخلق لديه حالة من التشتت، والتوهان، وعدم التركيز، قد تصل به إلى فقدان الاستطاعة لإدراك ما يجري حوله، وعدم القدرة على التعامل معه..!!!
فالمتأمل لحالنا اليوم يجد أن الكثير منا قد اختلطت عليه الأمور، حابلها بنابلها، وأصابه التشتت، والضياع، حتى أن بعضهم قد يصل عنده الأمر إلى انقلاب في المفاهيم؛ فيصبح يرى الخطأ صوابًا، والقبيح جميلاً، والكذب صدقًا، والباطل حقًّا.. وقد يصل ببعضهم الأمر إلى أنه يرى الحرام حلالاً والعياذ بالله..!!
هذا الوضع جعل بعضهم يرى الثقافة بالمقلوب؛ فأصبح يظن أن الثقافة لا تكون إلا بالبُعد عن الدين، وعن العادات والتقاليد الحسنة التي أقرها ديننا الحنيف حين نزل على خير البشرية -صلى الله عليه وسلم-، وعن القيم العظيمة الخالدة التي جاء بها الإسلام العظيم، وتنادي بها كل الأمم التي ما زالت متمسكة بقيمها، وأخلاقها الحسنة، وتنشد النجاة، وتبحث عن التقدم، والرقي، والتطور.
أصبح يظن أن الثقافة لا تكون إلا بالتمرد على ما جاء به ديننا الحنيف، ومحاولة التخلص منه، وكأنه إرث ثقيل بالٍ، لا يتوافق مع الحضارة، والتقدم، والتطور، والرقي..!!! وأن الثقافة إنما تكون بالانجراف خلف الانحراف، والسير في ركب الفساد، وأنها لا تكون إلا باتباع كل ناعق منسلخ من دينه، ومن عقيدته، وقيمه، وأخلاقه، متنكرًا لكل ما يمت لأصل الثقافة وجوهرها، ومنبع الحضارة، والتطور، والتقدم لديننا الإسلامي الحنيف، الذي ما ترك شاردة ولا واردة من شأنها النهوض بالأمم، ورقي الشعوب، وبناء الحضارات، وتقدمها، وتطورها، ورقيها إلا جاء بها، أو أقرها، أو أمر بها، وحث عليها.
وما نشاهده اليوم، وما يجري في هذا الزمان، يشي بأننا في زمن انقلاب المفاهيم؛ فهل سنصل إلى أننا سنجد من أصبح يرى الحرام حلالاً، والقبيح جميلاً، والكاذب صادقًا، والخطأ صوابًا، والباطل حقًّا..؟!!
قبل الختام لا بد من همسة في أذن بعض البشر: الثقافة لا تعني تنكرك لعقيدتك، وقيمك، والحسن من عاداتك، وتقاليدك.. الثقافة لا تعني انسلاخك من أهلك، وناسك، وقومك، وعشيرتك، ووطنك.
الثقافة تعني: تمسكك بدينك الحنيف، وارتكازك على عقيدتك السمحة، وأخذك بالنبيل من عاداتك وتقاليدك، وتسلحك بالعلم والمعرفة، وبناء ذاتك وتطويرها، وإتقانك عملك، والإخلاص فيه؛ لتكون مساهمًا في رقي مجتمعك، وتطوره، وعاملاً فاعلاً في نهضة بلدك، وتقدمه.. وفي الختام لك منا التحية والسلام.