يخطئ كثيرًا مَن يفهم معنى مصطلح (الوطنية) في المجتمع السعودي من المنظور الغربي، أو بالمقاييس الغربية للمصطلح ذاته!! فالمشاعر الوطنية لدى الإنسان السعودي هي جزءٌ أصيل من دينه وعقيدته، وتكوينه الفكري، ومحبته الفطرية لوطنه الذي نشأ فيه.
ومن معاني الوطنية في وعي وإدراك السعوديين محبة حكامهم، والولاء لهم؛ والسبب في ذلك هو العلاقة الخاصة بين الشعب وحكامه وولاة أمره؛ إذ يدرك السعوديون منذ قيام الدولة السعودية الأولى أن آل سعود ليسوا حكامهم فقط، بل هم أهلهم وعزوتهم، هم في الواقع ولاء وانتماء، وتاريخ طويل من المحبة والعطاء.
(إن آل سعود منا ونحن منهم) هذا المعنى، وهذا الحب، وهذا الارتباط العميق في حس ووجدان الإنسان السعودي، هو الذي يجسد مفهومنا للوطنية؛ فهي ليست نوعًا من مجرد الفخر الوطني أو القومي بسبب الميلاد والنشأة في مكان ما، بل الوطنية عندنا نحن السعوديين ارتباط قوي، وتعلُّق عاطفي وجداني بالدين والأرض، والعِرض، والناس، والدولة والكيان الكبير الذي تمثله لكل واحد منا!!
وليست الوطنية مجرد كلمات تقال، أو شعارات تُرفع، أو مظاهر احتفالية في اليوم الوطني، بل الوطنية الحقة شعور يتدفق بالحب والولاء والانتماء للدين والوطن وولاة الأمر. والحب هنا يعني التضحية بالغالي والنفيس للدفاع عن الوطن ورموزه، وأن يقدم الإنسان ويبذل ما بوسعه من جهد لرفعة وطنه وحمايته من أي خطر يتهدده!!
إن الشعور بالانتماء للوطن ومحبته، الذي يشكل مفهوم الوطنية عندنا، هو جزء من الولاء الذي نعرفه بالمعنى الديني؛ فالوطنية بالنسبة للإنسان السعودي ليست على حساب العقيدة الإسلامية، بل هي بموجب مقتضيات هذه العقيدة أمرٌ مهم وإلزامي، ينبغي أن يقوم به كل شخص، ويتمثل ذلك في محبة الوطن، والعمل على ازدهاره، والدفاع عنه، وطاعة ولاة أمره وعلمائه.
بهذا المفهوم لا تكون الوطنية مجرد مظاهر وشكليات يقوم بها الإنسان السعودي، بل هي جزء لا يتجزأ من عقيدته الدينية، وقناعاته الفكرية؛ ومن هنا فإن مصطلح (الوطنية) في المفهوم السعودي يعني -ضمن ما يعني- الانتماء والولاء، وطاعة ولي الأمر في غير معصية الله تعالى، وعدم الخروج على الجماعة، فضلاً عن حب الوطن، والقيام بمسؤولياته، وحفظ أمانته، والدفاع عنه، والمشاركة الفعّالة في بنائه وتنميته وتطويره.
ويعلم كل فرد من أبناء الشعب السعودي أن (دولة المملكة العربية السعودية) -أعزها الله- هي شرفه ومجده التليد، فيها يجد - بفضل الله تعالى – عزه، ويصون عرضه، ويحفظ كرامته.. وكل ذلك متصل الوشائج، مترابط الأواصر.. فالحفاظ على حكام هذه البلاد المباركة، ورفض المساس بهم من أية جهة أيًّا كانت، هما في وعينا وعقلنا حفاظ على الدين، وحفاظ على مجد هذا الوطن الغالي؛ وبالتالي حفاظ على العزة والكرامة الشخصية لكل مواطن سعودي؛ لذلك نقول للجميع، ونعلنها مدوية: (قيادتنا خط أحمر)، وينبغي على أية جهة أيًّا كانت أن تعي وتدرك معنى هذه العبارة جيدًا.