فنّد مختص في الأنظمة، أنواع العقود التجارية التي قد يمتدّ لها أثر وباء كورونا ويخلق فيها إشكالات قد يحتاج حلها للتفاوض أو التقاضي لفض النزاع بين المتعاقدين شرعًا، إن تعذرت الحلول الودية.
وقال الأستاذ المساعد بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز بالخرج المتخصص في الأنظمة، خالد مرزوق الذيابي، لـ"سبق": إنه "كما لفيروس كورونا آثاره الصحية والاجتماعية والسياسية؛ فإن له آثاره الاقتصادية والتجارية، والتي من جملتها أثره على العقود الإدارية، والتجارية، والمدنية؛ حيث ستخلق جائحة كورونا على مدى منظور كثيرًا من الإشكالات المتعلقة بالعقود، والتي يحتاج حلها إلى تفاوض بين أطراف العقد، أو ربما محكمة مختصة لإنهاء النزاع؛ فأعراض كورونا ستظهر على العقود".
وأوضح "الذيابي" أنه "من الناحية الفقهية فإن العقود المتأثرة سلبًا بسبب جائحة كورونا يمكن أن تقسم إلى قسمين: عقود يمكن تنفيذها في ظل الجائحة، وعقود لا يمكن تنفيذها في ظل الجائحة؛ فالعقود التي يمكن تنفيذها في ظل الجائحة هي العقود المتراخية التنفيذ؛ أي التي يستمرّ تنفيذها زمنًا؛ كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات وتأجير المحلات التجارية - وفي حكمها العقود الفورية التي أُبرمت ولم تُنفذ - هذا باعتبار الوقت، أما باعتبار المعقود عليه فهي العقود التي ما زال المعقود عليه فيها موجودًا وممكنًا".
وأشار إلى أن هذه العقود باعتبار أنه ورد عليها أثناء التنفيذ ظرف عام، استثنائي، غير متوقع، لا يمكن دفعه، مرهق ماليًّا، ومسبب لخسارة فادحة لأحد أطرف العقد؛ فقواعد العدالة المستمدة من الشرع والقانون تتيح للطرف المضرور طلب ما من شأنه أن يرفع عنه الضرر الجسيم والخسارة الفادحة، كأن يخفف عنه من التزامات العقد، أو يزاد له المبلغ تعويضًا عن الضرر، أو إمهاله وإيقاف تنفيذ العقد لحين انقضاء الجائحة، أو يفسخ العقد في الجزء الذي لم ينفذ لنقص المنفعة أو فواتها.
وأضاف: أنه "إن لم يحصل على ذلك بطريق التفاوض فله اللجوء للمحكمة المختصة، على أنه ينبغي مراعاة خصوصية العقد الإداري والاستمرار في تنفيذه مع المطالبة بالتعويض؛ لتعلقه بالمرفق العام الذي يجب أن يسير باطراد وانتظام".
وتابع: "أما العقود التي لا يمكن تنفيذها في ظل الجائحة فهي العقود التي أصبح المعقود عليه فيها مستحيلًا؛ لا يمكن تنفيذه بالكلية؛ لفوات عينه أو منفعته أو وقته، مثل عقود السفر والسياحة وتأجير الاستراحات والشاليهات وقصور الأفراح؛ فهذه العقود تنقضي بالقوة القاهرة، ويدخل المتعاقدان في مخالصة هدفها إعادة الوضع ما أمكن إلى الحالة قبل التعاقد".
وأضاف: "أنه يجب التنبيه على أنه من الناحية القضائية فإن المتضرر (المتخلف عن التنفيذ غالبًا) هو المطالَب بحكم الأصل بإثبات حصول الضرر، وأن الظرف الطارئ أو القاهر هو السبب المباشر للضرر، وعدم قدرته على دفعه ورفعه، ما لم يأخذ القاضي بظاهر حال الناس لعموم البلوى ويجعل من ظاهر الحال بينة يَثبُت بها ادعاء المدعي، وهي عموماً قضايا عينية، لكل دعوى ظروفها وملابساتها".
وأكد الأستاذ المساعد بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، أن ما تقدم يدخل تحت نظرية الظروف الطارئة ونظرية القوة القاهرة، المعروفتَيْن في القانون، وهي في مجملها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، التي رفعت الحرج، وأزالت الضرر، وأرادت اليسر لا العسر، وأمرت بالعدل، وحكمت بوضع الجوائح، وجعلت أساس العقود هو الرضا؛ والرضا يختل ولا يتحقق وجوده إذا ظهر ظرف طارئ أو قاهر لم يحسب له حساب.