(نزاهة) تغرد خارج السرب

حدثت لي قصة مع (نزاهة) قبل أكثر من سنة؛ إذ قدمت بلاغاً عن مخالفة، تتمثل في وجود مقهى (شيشة) قريباً من أحد الأحياء السكنية في مدينة الرياض. وكان هذا المقهى موجوداً منذ زمن طويل، ولكن مع الامتداد العمراني أصبح قريباً من المنازل؛ وبناء عليه قدمت شكوى لبلدية الحي، وتم تأييدها بعد معاينة الموقع، ومن ثم تم رفعها لأمانة الرياض، وتم تأييدها من القسم المسؤول في الأمانة مع التوصية بإزالة المبنى عاجلاً من قِبل البلدية والقسم، وعندما وصلت المعاملة لأحد مسؤولي الأمانة قام بتمديد سنة للمقهى؟! ضارباً بالتوصيات عرض الحائط. عندها ذهبتُ للبلدية للسؤال عن السبب، وأحضر لي أحد المهندسين (من باب الفزعة) تعهداً خطياً من صاحب المقهى بالإخلاء عند الامتداد العمراني، وتوصيتهم بالإزالة، وقرأته فقط، ثم ذهبت للقسم المسؤول في الأمانة، وحدث الشيء نفسه.

 

بعد ذلك قررت اللجوء لهيئة مكافحة الفساد (نزاهة)؛ ورفعت خطاباً، شرحت فيه ما حدث، وبعد شهرين تواصل معي أحد موظفي نزاهة، وطلب مني وثائق، فأخبرته بأن "الوثائق لا يمكن أن أحصل عليها، وأن المبنى المخالف موجود، ويمكنكم الذهاب إليه ومشاهدة المخالفة على الواقع بدون الحاجة لوثائق (وهو بالمناسبة قريب من مقركم الرئيسي)". فقال لي "سنتواصل معك". وبعدها لم يتواصل معي أحد!!

 

وإكمالاً للقصة، رفع السكان المتضررون بعد ذلك بفترة قصيرة خطاباً لأمير الرياض، وكان وقتها الأمير سطام ـ رحمه الله ـ فوجَّه بإزالة المبنى فوراً، وخلال أقل من أسبوع تم مساواته بالأرض.

 

إذا كانت (نزاهة) تتعامل مع الشكاوى بهذا المنطق فأعتقد أنها تغرد خارج السرب.. كيف يمكن الحصول على وثائق وهناك قانون يمنع تسريبها؟ كما أن الحصول عليها ليس بتلك السهولة! وأنا أتفق معهم؛ فليس من حق أي شخص سرقة وثائق ومن ثم تسريبها لشكوى ضد أشخاص أو جهات.

 

ولكن أتمنى من القيادة الجديدة لـ(نزاهة) سرعة الرد على الشكاوى، والتعامل معها من خلال التفتيش والتدقيق والمتابعة المستمرة للجهات.. فهناك مؤشرات تدل أحياناً على المخالفات، وكذلك محاسبة أصحاب الشكاوى الكيدية والتشهير بهم. وفي المقابل، التعامل مع الشكاوى الصحيحة المتعلقة بالمال العام بمكافأة مَن يبلِّغ عنها، مثلما يحدث مع الوقف.