اكتسبت منتجات الإبل اعترافًا وأهميةً كبيرةً في المملكة؛ لإمكاناتها الهائلة في مختلف الصناعات، مع إعلان صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركة "سواني"، التي تهدف لتمكين نمو قطاع منتجات حليب الإبل، والإسهام في تطوير منظومة الإنتاج المحلية للوصول إلى قطاع مستدام، وانطلاقًا من حرص المملكة على دعم قطاع الزراعة والأغذية، وتنويع الاقتصاد المحلي تماشيًا مع رؤية السعودية 2030.
ويأتي هذا التوجّه لتمكين قطاع منتجات الإبل؛ لكونها جزءًا رئيسًا في تاريخ المملكة، ومكوّنًا حيويًا في نمط الحياة قديمًا، وظلّت مصدرًا غذائيًا ينتفع بحليبها ولحومها، وكذلك الاستفادة من جلودها ووبرها، في حين أن التوجهات المستقبلية تحافظ على هذه الثروة وتوسّع من نطاق الاستفادة منها باستخدام أحدث وسائل التقنية.
وتقدّر أعداد الإبل في المملكة بنحو مليون و600 ألف رأس، 57.7% منها في مناطق الرياض والشرقية ومكة المكرمة، فيما بلغت أعداد المشاريع المختصة في حليب الإبل ومشتقاته ثلاثة مشاريع مرخّصة، إضافة إلى ثلاثة مشاريع أخرى حصلت على الترخيص المبدئي لمزاولة النشاط؛ وذلك بهدف إنتاج منتجات حليب إبل صالحة للاستهلاك وخالية من مسببات الإمراض، ومحاربة العرض العشوائي لحليب الإبل، وزيادة المنتج من منتجات حليب الإبل؛ وتعد أفضل السلالات المنتجة للحليب هي المجاهيم والوضح.
وقال المدير التنفيذي لمعهد الصناعات الغذائية إبراهيم بن سعود العقيلي: إن دخول شركة "سواني" للاستثمار في القطاع، سيسهم في تمكين نمو قطاع منتجات حليب الإبل، وتطوير منظومة الإنتاج المحلية للوصول إلى قطاع مستدام، كما سيسهم التوسع في تلك الصناعة الحيوية في تعزيز وترسيخ الأمن الغذائي.
وأشار "العقيلي" إلى أن عملية التوسع في إنشاء الشركات الخاصة بالغذاء، يُعد دليلًا على ريادة قدرة الكادر البشري الوطني الذي أصبح عنصرًا رئيسًا في تلك الصناعة التي تشهد توسعًا بصفة مستمرة في العديد من مجالات الغذاء.
ولفت المدير التنفيذي لمعهد الصناعات الغذائية إلى أن من ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، تعزيز الصناعات المحلية والكوادر البشرية الوطنية خاصة، وما يتعلق بالثروة الحيوانية، وتحديدًا الإبل التي تُعد موروثًا وطنيًا.
وأوضح أّنّ الكادر الوطني في الوقت الحالي يحمل قدرًا كبيرًا من المسؤولية والتدريب وفقًا لآخر المعطيات الدولية، ما يسهم بشكل كبير في تقديم دفعة قوية لأي مجال وتخصص جديد في عالم صناعة الغذاء.
من جانبه، أكد الأستاذ المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور شجاع البقمي، أهمية الاستثمار في موروثنا وثقافتنا وتعزيز ذلك؛ مشيرًا إلى أنه من هذا المنطلق تأتي أهمية الكيان الجديد شركة "سواني"، التي من المتوقع أن تنهض بثقافة الاستثمار في قطاع الإبل بشكل عام، وسيكون لها بصمة واضحة في تطوير منظومة هذا القطاع.
وقال الدكتور "البقمي": منتجات قطاع الإبل تعدّ موردًا اقتصاديًا جيّدًا للغاية، ومن المتوقع أن يكون لشركة "سواني" مزايا تنافسية أكثر قوةً وحيويةً، ترتكز على الكثير من الركائز المهمة مثل الموقع الجغرافي المميز للمملكة، والقوة الاستثمارية، والجهود العظيمة التي يقوم بها نادي الإبل، بالإضافة إلى وفرة الإبل؛ بسبب اهتمام الكثير من المواطنين بهذه الثروة الهائلة.
وأشار إلى أن هناك بعض الشركات في العالم التي تشتهر بتصدير منتجات حليب الإبل، بل إنّ الأرقام الاقتصادية تبرهن على وجود أحجام جيّدة من الطلب؛ معربًا عن توقعاته بأنْ تقفز شركة "سواني" بمنتجات حليب الإبل إلى مراحل إنتاج أكثر تقدمًا وجودة، كما أنّ الطلب في منطقة الخليج سيرتفع بشكل ملحوظ على منتجات حليب الإبل، وذلك بسبب وجود شركة عملاقة أكثر موثوقية، بالإضافة إلى القدرات الهائلة التي تدعم زيادة حجم الصادرات ومنافسة جميع شركات العالم التي تشتهر بمنتجات حليب الإبل والتفوق عليها.
وأضاف "البقمي": "من المهم الإشارة إلى أن رؤية السعودية 2030 فتحت آفاقًا لا حدود لها أمام المستثمرين وروّاد الأعمال في كل القطاعات، وسيحظى قطاع منتجات الإبل بدخول مستثمرين وروّاد أعمال جدد؛ لأنهم سيجدون كل الممكِّنات التي تدعم استثماراتهم؛ ومن هنا أود التأكيد على أنّ نادي الإبل يقوم بجهود واضحة باتت تنهض بالقطاع والمنظومة بشكل كامل، وأتوقع أن يكون لقطاع منتجات الإبل دور مهم في المستقبل من حيث خلق الفرص الاستثمارية والمساهمة في الناتج المحلي، وتوفير الفرص الوظيفية، وتمكين روّاد الأعمال من الاستثمار في هذا القطاع الطموح للغاية".
وأكد أنّ المملكة تعد في عالمنا اليوم واحدة من أكثر دول العالم تقدمًا من حيث استخدام التقنيات وتوطين المعارف؛ فعلى سبيل المثال مؤتمر "ليب" الذي احتضنته العاصمة الرياض؛ خطف الأنظار وجذب الكثير من الزوار، وشهد مشاركة كبرى جهات وشركات قطاع التقنية؛ معربًا عن تفاؤله بأنّ شركة "سواني" ستتبنى أفضل الممارسات التشغيلية الحديثة، لتحقق بذلك قفزة نوعية عالمية جديدة في قطاع منتجات الإبل.
ويشتهر حليب الإبل بقيمته الغذائية، حيث أكدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أنّ حليب الإبل غذاء صحي ومناسب لكل العالم، موصيةً بتصنيع أنواع المنتجات من حليب الإبل؛ الغني بالبروتينات والفيتامينات والمعادن التي يحتاجها جسم الإنسان، تفوق حليب الماعز والأبقار.
ويعد حليب الإبل مصدرًا غنيًا بالمواد الغذائية الأساسية وبالأحماض الدهنية غير المشبّعة، فضلًا عن امتلاكه خواص مضادة للالتهابات والأكسدة.
وتتعدد منافع الإبل من حيث الاستخدام في عدة صناعات تحويلية؛ منها منتجات العناية بالبشرة من حليب الإبل ذات الفائدة في مجال ترميم وتقوية صحة البشرة، إذ إنّه غني بالبروتينات والدهون الصحية المناسبة لجميع أنواع البشرة، والفيتامينات التي تحارب الشيخوخة المبكرة، وهو مضاد للأكسدة ممّا يحفّز بناء الكولاجين على شد البشرة وتقويتها، بالإضافة إلى أنه يحافظ على رطوبة البشرة.
وتعمل منتجات حليب الإبل للبشرة على إصلاح الخلايا التالفة، وحماية البشرة من البكتيريا والمحافظة على صحّتها، فضلًا عن عنصريّ اللانولين والإيلاستين الموجودين في حليب الإبل، واللذين يساعدان على تقليل التجاعيد وتأخير الشيخوخة.