تتميز المملكة بطبيعة خلابة وهبها الخالق سبحانه؛ حيث تُحاط بمجموعة رائعة من الكثبان الرملية الساحرة والوديان الطويلة التي يمكن للزوار الوصول إليها للاستمتاع بها؛ إلا أن الأمر لا يخلو دومًا من بعض الكوارث التي تعكر روعة طبيعة المناطق الصحراوية.
فبين الحين والآخر تشهد المملكة بعض الحوادث المأساوية لأشخاص عَلِقوا في الصحراء، وهي قصص انتهى بعضها بشكل مروع، في حين شهدت أخرى نهايات سعيدة تتمثل في إنقاذ العالقين وخروجهم من المأزق بحياة جديدة كتبت لهم بفضل الله ثم فِرَق الإنقاذ الرسمية والتطوعية.
أما آخر تلك القصص، فوثقها مقطع فيديو، رصد لحظة تمكن فريق "إنجاد" للبحث والإنقاذ، من إنقاذ شخص عالق في مدينة قبة بالقصيم، بعدما واجه موقفًا في غاية الصعوبة أثناء وجوده في منطقة يضعف فيها تغطية الجوال؛ مما دفع فريق إنجاد إلى التواصل معه ثم أخذ وصف تقريبي للموقع، لينجحوا في النهاية في إنقاذه.
وقال فريق إنجاد عبر حسابه على موقع تويتر: "تحرك أعضاء فريق إنجاد بعد ورود بلاغ عالق في قبة في منطقة يضعف فيها تغطية الجوال جدًّا، ولصعوبة التواصل معه؛ تم أخذ وصف تقريبي للموقع -بدون إحداثية- وبتكرار محاولات التواصل تم أخذ الموقع منه، وعند الوصول عُثر عليه بعيدًا عن مركبته فتم إنقاذه وإخراج المركبة بكل احترافية ولله الحمد".
ولم تكن تلك القصة هي الوحيدة في حكايات الإنقاذ التي تمت في قلب صحراء المملكة، والتي نستعرض بعضًا منها في السطور التالية:
وقبل أسابيع قليلة، حظيت قصة العثور على أب وابنه فُقِدا في الصحراء قرب منطقة حائل، على اهتمام الجميع؛ حيث روى مبارك النماصي المتطوع ضمن فريق "إنقاذ" أنه كان في قرية قرب منطقة حائل، وفي الصباح أبلغه أهل القرية أن هناك أبًا وابنه مفقودين وآخر اتصال مع الأب كان منذ يومين خلال أيام العيد.
ولفت "النماصي" إلى أنه صادَفَ أحدًا أخبره أنه "رأى ضوءًا في مكان مرتفع؛ لكنه لم يلاحظ شيئًا آخر أثناء قطعه صحراء النفود"، وتابع أنه "قرر آنذاك التوجه ناحية الضوء، لعله يعثر على شيء"، وأثناء توجهه مع آخرين وجدوا آثارًا للرجل؛ إذ ترك شماغه على شجرة كعلامة تدل على وجوده، وأشار إلى أنهم تمكنوا أثناء توغلهم في السيارة من العثور على الرجل.
ووثق مقطع فيديو لحظة وصول المتطوع النماصي برفقة آخرين، وعثورهم على الرجل، الذي بدا وكأنه لم يصدق ذلك، وكان الرجل قد أبلغهم أنه حين تاه في الصحراء هو وابنه، كان معه لتران من الماء وكيس تمر في السيارة.
ونقل النماصي عن المفقود قوله، إنه "حين شعر بالتعب الشديد وبعد محاولته البحث عن مخرج مع ابنه، طلب من ابنه أن يعود للسيارة"، وأوضح الرجل لهما، أنه "أبلغ ابنه أن يعود للسيارة كي يبحث عن أي أحد قد يتمكن من إنقاذهما؛ لكنه كان في حال تعب شديد وكذب على ابنه، بعد أن ظن أنه مفارق الحياة، كي لا يرى أحدهما الآخر عند الموت".
وفي وقت سابق، أعلنت القوات الخاصة للأمن البيئي إنقاذ 3 مواطنين بعد أن علقت سيارتهم في رمال الصحراء، وذكرت في بيان أنها تمكنت من إنقاذ المواطنين الـ3، وقدمت لهم المساعدة، دون أن تذكر تفاصيل أكثر عن المدة التي قضوها في المكان قبل وصول المساعدة.
وكان الأشخاص الـ3 على متن سيارة في منطقة صحراوية تمتد بين منطقة الرياض في وسط المملكة والمنطقة الشرقية، عندما علقت المركبة في الرمال.
أما هذا المقيم السوداني الذي انتشرت قصته قبل ذلك؛ فلم يتمالك نفسه من شدة الفرح، وراح يبكي بسعادة عندما شاهد سيارات إنقاذ جاءت لنجدته بعد أن قضى يومين عالقًا في منطقة صحراوية غربي المملكة وعلقت مركبته في الرمال.
ووثّق مقطع فيديو تم تداوله لحظة وصول فريق تطوعي لإنقاذ المقيم السوداني، بعد أن مر عليه يومان عالقًا في الصحراء؛ حيث كان قد شارف على الموت؛ إذ سلك طريقًا صحراويًّا قادمًا من الرياض لإيصال شحنة أعلاف لرابغ، فقطع 50 كيلو في الصحراء حتى غاصت مركبته، ونفدت مؤونته من الماء، قبل تدخل فريق "برق" وإسعافه؛ في موقف وجد ترحيبًا واسعًا، عكَس خيرية وإنسانية السعوديين، والجهود التي يقوم بها المتطوعون بشتى المجالات، وخاصة الذين يباشرون حالات الفقدان بالصحارى الموحشة.
ويظهر المواطن السوداني، خلال مقطع الفيديو معبّرًا عن فرحته الغامرة، قائلًا: "مرحب بالفزعة والله.. مرحب بالفزعة"؛ حيث لم يتمالك دموعه فرحًا بعد إنقاذ حياته.
وفي العام الماضي رصد مقطع فيديو، عملية إنقاذ ثلاثة شبان سودانيين فُقدوا في الصحراء السعودية لمدة 3 أيام؛ حيث ظهروا وهم مستلقون بجانب شجرة صغيرة في الصحراء تجنبًا لأشعة الشمس الحارقة وهم في حالة يرثى لها من الإعياء والعطش.
وظهرت خلال المقطع آثار أقدام تروي المسافة الطويلة التي قطعها الشبان وهم في الصحراء دون أن يستدلوا على طريق، في الوقت الذي قام به أحد الرجال الذين عثروا على الشبان التائهين بإعطائهم رشفات من العصير والماء.
وقبل عامين، نجا مواطن من الموت، بعد العثور عليه، عقب ثلاثة أيام كاملة عَلِق فيها في الصحراء؛ حيث عَثر عليه أحد أعضاء فِرَق الإنقاذ التطوعية عبر طائرته الشراعية في منطقة أم الجماجم التابعة لمحافظة المجمعة شمالي الرياض، ومن حسن حظه أنه كان بحوزته كمية من التمر، والمياه، وهو ما أبقاه بصحة جيدة طيلة الأيام الثلاثة.
ووثّق المنقذ نايف السويد، لحظة عثوره على المفقود، الذي بَقِيَ طيلة الأيام الثلاثة ملاصقًا لسيارته التي عَلِقت في رمال الصحراء، فقال إنه يدعو أي شخص يعلق في الصحراء، إلى عدم الابتعاد عن مركبته مطلقًا؛ إلا في حال كان متأكدًا من وجود أشخاص آخرين بالقرب منه.
وفي الربع الثالث من شهر رمضان الماضي، تمكنت فِرَق الدفاع المدني، من إنقاذ الشاب الذي علق في جبل أبو راكة بتبوك؛ حيث تبعُد أقرب منطقة يمكن للسيارات الوصول إليها من موقع سقوط الشاب، 2 كيلومتر؛ حيث يتطلب من فِرَق الإنقاذ المشي سيرًا على الأقدام للوصول للشاب، وهو ما جعل الأمر أكثر صعوبة؛ بسبب نقل معدات الإنقاذ؛ لا سيما أن المنطقة وعرة.