
ذكر وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية الدكتور عبدالله بن ثاني ؛ أنه في الوقت الذي كان المسلمون يؤدون مناسك حجهم على أكمل وجه، وبحاجة إلى الدعوات الصادقة لقبول الله - جلّ وعلا - مناسكهم وبثّ العزم فيهم للصبر وحثّهم على الدعاء في مواطن الإجابة في عرفة والصفا والمروة والمشعر الحرام وعند رمي الجمرات وعند شرب زمزم وغير ذلك مما وردت نصوص صحيحة فيه، يُفاجأ المسلمون بتغريدة من "القرضاوي"؛ ومن حسابه الخاص في "تويتر"، منتقصاً من شعيرة الحج لاعتبارات سياسية، ونصّ على أن هذا الحج ليس لله تعالى حاجة فيه، الله غني عن العباد.
وأضاف "بن ثاني" ؛ أن في هذا الكلام محاذير شرعية لا تخفى على أهل الشريعة وذوي الألباب، إذ ورد تعظيم شعائر الله نصاً، ومنها الحج قال تعالى: " َٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ".
وعطفاً علي ما فات فقد وقف "بن ثاني"؛ مع تغريدة "القرضاوي"؛ 4 وقفات؛ جاءت على النحو التالي:
أولاها: القرضاوي؛ يقصد في هذا النفس الحركي، وبإيعاز من جهات سياسية واستغلال مباشر منها، الإساءة لجهود المملكة العربية السعودية التي أثلجت صدور قلوب المؤمنين بفضل ما تقدمه من خدمات جليلة وإشراف من خادم الحرمين الشريفين شخصياً، وولي العهد، وبمتابعة من الحكومة الرشيدة، وفي الوقت الذي يغمط من تلك الجهود ويقلل من شأن تلك العبادة وذلك الركن العظيم نجده يرد على الرافضين لاستضافة قطر مونديال_2022 بسبب ما تردّد عن أن تنظيم المونديال يتطلب الموافقة على بيع المشروبات الكحولية في قطر، فضلاً عن تكلفته العالية التي ستسدّد من ثروات قطر، وأفتى بجواز إنفاق الأموال الطائلة لاستقبال كأس العالم التي سترفع اسم قطر إلى عنان السماء.
ثانيتها: وردت نصوص شرعية تعظّم هذا الركن الخامس من أركان الإسلام ، ولا يحق للقرضاوي؛ أن يطعن في منزلته العظيمة في نفوس المسلمين قاطبة، وبخاصة أن سورة الحج من سور القرآن الكريم تصريحاً لا تلميحاً، وورد فيها: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ"، وقد نقل ابن كثير عن محمد بن أبي موسى: الوقوف ومزدلفة والجمار والرمي والبدن والحلق: من شعائر الله. وقال ابن عمر: أعظم الشعائر البيت. بل إن بعض العلماء قال: إنَّ شعائر الله هي ما يتعلق بمشاعر الحج فقط من النسك؛ ولذلك فسّرها بعض السلف بأنها: الصفا والمروة والبدن التي جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى، كما قال تعالى: "وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ"، فقالوا: إذاً المقصود بها الحج أو ما يتعلق بمشاعر الحج وبعض أعماله، ومنه إشعار الهدي وهو العلامة التي توضع عليه.
ثالثتها: يلحظ على منهج القرضاوي؛ التخبط وعدم الاتزان والهوية، فهو أينما تميله الريح يمل، ويخشى عليه من هذا، إذ هو على مذهب الخوارج تارةً في تأييد الثورات والخروج على الحكام وتفتيت النسيج في المجتمعات بالخطب والتكفير والاعتصامات في الميادين، ومن يتتبع بعض الصفات التي تجمع بين الخوارج قديماً وحديثاً يجدها توافرت في فكر مَن هم على شاكلته، وتارة أخرى على مذهب الاعتزال في بعض الأطروحات الفكرية التي تناولت فلسفة الحرية، كما في مقابلته في قناة "بي بي سي"، وها هو اليوم يتلبس مذهب المرجئة في التقليل من شأن العمل في الحج؛ لأنهم استندوا إلى إخراج الأعمال عن حقيقة الإيمان الذي يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي، كما هو عند أهل السنة والجماعة بما استنبطوه مما جاء في القرآن الكريم من إسناد الإيمان إلى القلب فقط، كقول الله تعالى: " ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ".
رابعتها: ينتمي القرضاوي؛ للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو كيان إرهابي، بحسب التصنيف، إذ أصدرت الأمانة العامة لهيئة كِبار العلماء في السعودية، بياناً قالت فيه: "إنه من خلال رصدنا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لاحظنا أنه ينطلق من أفكار حزبية ضيقة، مقدماً مصلحة حركته على مصلحة الإسلام والمسلمين".
وبيّن "بن ثاني": هذا التنظيم ما فتئ يرسل شواظه وألسنته الحداد بعد الاستغلال السياسي له من قِبل بعض الدول كقطر؛ للهجوم على المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، وكان من آخر مغامراته هجوم أحد أعضائه محمد حسن الددو؛ الذي كشف عن عواره وتنكّر لفضل مَن لهم الفضل عليه، وتناسى في لحظات الطيش القطري، ما قدّمته له السعودية من رعايةٍ واهتمامٍ طيلة سنين فأزبد وأرعد في استضافة قناة الجزيرة له أمام أسئلة المقدم الخبيثة.
وتابع: "نَسِيَ هذا العضو أن مصطلحات الوهابية والجامية والمدخلية وغيرها من المسمّيات الضرار من الأوهام التي ألصقها أعداء الدعوة السلفية والدولة وأطلقوها ظلماً وافتراءً؛ إذ هي على منهج أهل السنة والجماعة، والشيخ محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة مجدّدون على منهج النبوة وفهم السلف الصالح، وحبذا لو أدرك أنه اختلطت عليه ما يسمّى الوهابية؛ إذ تختلف عن فهمهم الحركي بأمرين مهمين: أحدهما البيعة لولي الأمر، وهو مما تفتقده الحزبية التي تسيطر على ذهنيته، والآخر جمع المسلمين تحت راية واحدة، وهو مما يسعى مشروع الاتحاد العالمي لتقويضه ونقضه وتفتيت النسيج الإسلامي بتأييد الثورات والخروج، إضافة إلى أن قضية توقيف ما يسميهم العلماء غير موضوعية تماماً؛ إذ الممثل الشرعي للعلماء هو هيئة كِبار العلماء بمختلف أجنحتها العلمية البحثية والقضائية وأفرع الفتوى، التي تحظى باحترام وتقدير المستويات الرسمية والشعبية على السواء".
وأردف: "أما المغامرون من الحركيين فهم أقرب للمشروع السياسي منهم إلى المشروع الشرعي العلمي، وتمّ توقيفهم بعد أن تدخلوا في شؤون الآخرين وصاروا خطراً على وحدة المسلمين وضروراتهم الخمس وهددوا هيبة الدولة الوطنية، وكي يتم تجفيف منابع الفكر المتطرف وتفكيك التوحش عمدت أجهزة أمن الدولة، إلى توقيفهم وكف شرهم عن العالم بأسره، وكان الخطأ في الزمن الماضي أن التوقيف يتم للتلاميذ المستقطبين والشباب المغرر بهم دون المنظرين والدعاة على أبواب جهنم الذين ثبت لأجهزة الدولة أن خطرهم لم يتوقف، وأن الإرهاب مستمر وبمنهجية، إذ إن مشروع استقطابهم مستمر ورافد من روافد الحركية والتوحش والتطرف لجعل شبابنا وقوداً للفتن والثورات وتواصلهم مع الجهات الخارجية لإمدادها بمعلومات استخباراتية تهدّد أمن المجتمع واستقراره فتم توقيف المنظرين وأساتذة الإرهاب، كما هو معمولٌ به في جميع دول العالم تحت مبادئ الخيانة العظمى".