«خشم الحصان».. أسطورة صخرية شامخة تروي قصص نجد .. جزء من "شمال الرياض جيوبارك"

متحف ومعلم جيولوجي .. حين تلتقي الجغرافيا بالتاريخ والشعر
«خشم الحصان».. أسطورة صخرية شامخة تروي قصص نجد .. جزء من "شمال الرياض جيوبارك"
تم النشر في

في قلب نجد، وبين سلاسل جبال طويق المهيبة، يبرز «خشم الحصان» كمنحوتة طبيعية عملاقة تتجاوز ألف متر فوق مستوى البحر، تشبه في شكلها أنف الحصان الشامخ، لتصبح علامة فارقة يراها العابر من مسافات بعيدة. هذا المعلم المدهش، القريب من مركز رغبة بمحافظة ثادق شمال الرياض، ليس مجرد جبل، بل ذاكرة شعرية وثقافية وجغرافية تختزن عبق الماضي وروح الحاضر.

رحلة في قلب طويق

يمتد جبل طويق لمسافة 800 كيلومتر، حاملاً بين تضاريسه تنوعًا طبيعيًا يأسر الأنظار. وفي أحد أبرز مواقعه، يشمخ «خشم الحصان» محاطًا ببروزات صخرية أخرى مثل: خشم التراب، خشم الحصين، وخشم الأصبع.

وقد كانت هذه التضاريس علامات طريق لرحلات القوافل قديمًا، قبل أن تصبح اليوم وجهات لعشاق الطبيعة والمغامرات.

وتتدفق من المنطقة أودية مثل وادي خشم الحصان، الذي كان يغذي سهول رغبة ويمد المزارع بالمياه قبل أن تتلاشى «عين خشم الحصان» مع الزمن.

وجهة المغامرين والمتأملين

تحوّل «خشم الحصان» في السنوات الأخيرة إلى مقصد لمحبي الرحلات البرية والمغامرات. فقد أُنشئ مسار يساعد على تسلق القمة، مانحًا الزائر تجربة تجمع بين التحدي والإبهار البصري. هناك، تتكشف مشاهد بانورامية ساحرة تمتد عبر جبال طويق وسهول نجد، حيث يجد المتسلق نفسه بين أحضان الطبيعة، متأملًا عظمة الخلق وروعة المكان.

صدى الشعر وذاكرة التراث

لم يكن «خشم الحصان» مجرد تضاريس صخرية؛ بل رمزًا حيًا في وجدان الشعراء. الفارس الشاعر راكان بن حثلين تغنى به قائلًا:

«يا فاطري، خبي خرايم طميّه…

لين اشمخرت مثل خشم الحصاني.

كما ذكره ابن عويدي في أبياته، ليصبح الجبل رمزًا للشموخ والكبرياء، وصورة متجذرة في الشعر النجدي الذي خلد معالم الأرض.

بوابة إلى «شمال الرياض جيوبارك»

يشكل «خشم الحصان» جزءًا من «شمال الرياض جيوبارك» المصنف عالميًا من اليونسكو، والذي يغطي أكثر من 3,200 كيلومتر مربع ويضم 20 موقعًا جيولوجيًا فريدًا ، وهنا، تلتقي الجغرافيا بالثقافة، ويجد الزائر نفسه أمام متحف طبيعي مفتوح يروي قصة الأرض والإنسان.

كيف تصل إلى «خشم الحصان»؟

يبعد «خشم الحصان» نحو 120 كيلومترًا شمال غرب مدينة الرياض، ويمكن الوصول إليه عبر طريق صلبوخ حريملاء رغبة ، أو عبر طريق القصيم السريع حتى مخرج «حريملاء – ثادق»، ثم مواصلة الطريق باتجاه مركز رغبة. ومن هناك تظهر تضاريس الجبل البارزة على مقربة من البلدة، ليصبح الوصول إليه سهلًا نسبيًا بالسيارات رباعية الدفع، خاصة للراغبين في خوض تجربة التسلق أو التخييم.

نصائح للزوار

أفضل وقت للزيارة: الأجواء المعتدلة والاجواء الشتوية الباردة ، والتي تبدأ تقريبا من منتصف نجم سهيل ( نهاية شهر سبتمبر ) وتستمر حتى نجم العقرب الثالثة ( نهاية شهر مارس تقريبا ) ، حيث تكون الطبيعة في أبهى صورها.

التجهيزات: يفضل اصطحاب ماء كافٍ، أدوات تسلق أو مشي، ومستلزمات التخييم لمن يخطط للمبيت.

السلامة: يُنصح بزيارة المكان ضمن مجموعة أشخاص لهم خبرة ، وتجنب الصعود في أوقات الظهيرة شديدة الحرارة.

الطبيعة: الحفاظ على نظافة الموقع وعدم ترك مخلفات لضمان استدامة المكان للأجيال القادمة.

الأنشطة المقترحة: المشي الجبلي، التصوير الفوتوغرافي، مراقبة النجوم ليلًا، والتخييم في أجواء هادئة.

بين الماضي والحاضر

من عين ماء جفت مع الزمن، إلى مسار تسلق يستقطب المغامرين، ومن قصائد الشعراء إلى أبحاث الجيولوجيين، يظل «خشم الحصان» شاهدًا على عراقة نجد وثراء بيئتها الطبيعية.

إنه أكثر من مجرد صخرة، بل حكاية شامخة تحكيها الأرض وتغنيها القصائد وتحتضنها الرمال.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org