حولت "رحمة بنت يحيى الصعدي" قريتها "رهبان" بمركز قنا التابع لمحافظة محايل عسير إلى مزار سياحي وتراثي استقطب أعداداً كبيرة من السياح والزوار من داخل المملكة ودول الخليج والمغرب العربي، بينهم مسؤولون ومثقفون ومهتمون بالتراث من الجنسين.
وقالت "الصعدي" لـ"سبق": أولعت منذ صغري بحب التراث الذي يحكي قصة حياة الآباء والأجداد الذين ذهبوا وخلفوا لنا إرثاً تاريخياً يجب المحافظة عليه وتخليده للأجيال القادمة؛ عندها قررت تحويل تلك الدور التي يتجاوز عمرها 150 عاماً إلى متاحف ذات أقسام متعددة بدأته بمقتنيات الأسرة التراثية التي لم تتجاوز في بداية الأمر 250 قطعة وتوسعت فيه إلى أن وصل عدد المقتنيات لقرابة 3500 قطعة تحكي تفاصيل الحياة للأجداد والآباء بكل جمالها وعبقها وشذاها.
وأضافت: من بين تلك الأقسام: قسم العروس والحرث والزراعة والرعي والزينة ووسائل الإذاعة والتلفاز القديمة وغيرها من وسائل الحياة التي كان يعتمد عليها في تلك الحقبة الزمنية، وقمت بإحياء بعض تلك العادات القديمة وخاصة فيما يتعلق بالنساء مثل نقش الحناء والعضية والعكرة وطحن الحبوب على الأدوات القديمة -المطحنة- وغيرها فضلاً عن ما يقمن به بنات القرية من تقديم للموروث الشعبي الأصيل للزائرات من خلال ألوان الفنون الفلكلورية التي لا تزال حاضرة في كل المناسبات وخاصة في الأعراس والاحتفالات بالمناسبات الوطنية.
وأبانت "الصعدي" التي يحلو لها تسمية نفسها ومتحفها بـ"بنت القرية"، أن المتحف الذي اكتمل عقده مؤخراً قد شهد سهرة تراثية نسائية حضرها وفود نسائية من المملكة والإمارات والمغرب من المهتمات بالتراث.
وتابعت: سجل نساء القرية حضوراً لافتاً بعد مشاركتهن في استقبال الزائرات بالأهازيج والألوان الفلكلورية التي تحكي عن الموروث القنوي الجميل، والتي سايرها أيضاً الخشرة والعضية لضيفات المكان إلى جانب تزيين رؤوسهن بالحسن والظفر والروائح العطرية القديمة، ورقص الجميع على دق المهراس وقرع الدفوف الذي رافقه أداء بعض نساء المركز لبعض الألوان الشعبية الراقصة مثل الربخة والهزمال على المطاحن -وهن يطحن الحبوب- والخطوة والدمة.
وأردفت: شارك بالسهرة بعض الحرفيات وكبيرات السن اللاتي تحدثن عن الماضي بكل ما كان يحمله من جمال وأصالة رغم التعب والمعاناة التي كن يعشنها، مؤكدات أنهن كن شريكات للرجال في الحرث والزراعة والرعي والاحتطاب وجلب المياه وجميع مناحي الحياة، واستعرضن بعض جوانب الحياة القديمة والعادات والألوان والرقصات الشعبية التي كانت تؤدى سابقاً والنساء فيها جنباً إلى جنب مع الرجال.
وأعجب الحاضرات بالتكاتف والتلاحم الذي سجله بنات القرية وتضافرهن مع "بنت القرية"؛ حيث قامت كل منهن بإعداد جانب من الضيافة جميعها من الأكلات القديمة التي تعتمد على ما تجود به الأرض والأغنام والنحل.
وبينت "الصعدي" أنه يمكن للزائر أو الزائرة التنقل بين المزارع والأشجار المختلفة التي تقع ضمن نطاق المتحف والتي تشمل أشجار الروائح العطرية مثل البرك والشذاب والريحان والكاذي والفل والحناء وأشجار الفواكه المختلفة التي تشتمل على الكثير من أشجار البن والتوت والمانجو وغيرها.
وتمنت "بنت القرية" من الجهات المختصة إيصال الخدمات التي تضمن راحة السائح والزائر مثل سفلتة الطريق المؤدي للمكان وإنارته.
يُذكر أن المتحف سجل حضوراً لطالبات بعض المدارس خلال بعض المناسبات الوطنية.