يطالب الكاتب الصحفي عبدالحميد العمري بوضع تنظيم شامل لسوق الإيجارات في المملكة، يضع سقفاً لنسب رفع إيجارات العقارات السكنية والتجارية، ويكفل أيضاً حقوق أصحاب العقارات والمستأجرين، ويوفر بيئة مستقرة تحافظ على الجاذبية الاستثمارية لسوق الإيجارات، وتحمي المستأجرين من أي ممارسات خارج الاعتبارات التنافسية والمؤشرات الاقتصادية.
وفي مقاله "تنظيم سوق الإيجارات" بصحيفة "الاقتصادية"، يقول العمري: "شهدت سوق إيجارات العقارات السكنية والتجارية، تحديداً في الرياض وجدة، موجة ارتفاع قياسية خلال أكثر من عام مضى، ولا تزال السوق تسجل ارتفاعات مطردة حتى تاريخه، حيث سجل الرقم القياسي للإيجار المدفوع للسكن على مستوى المملكة ارتفاعاً سنوياً بنسبة 9.6 في المائة حتى نهاية أبريل الماضي "أكثر من 3.5 أضعاف معدل التضخم"، ويتوقع أن يسجل ارتفاعاً أعلى خلال مايو الذي سيتم إعلان بياناته غداً، بمشيئة الله. وحسب ما أظهرت بيانات الرقم القياسي للإيجار المدفوع للسكن بنهاية أبريل الماضي، فقد نتج أغلب ارتفاعه عن ارتفاع إيجار الشقق بنسبة 22.2 في المائة، ثم ارتفاع إيجار دور فيلا 9.3 في المائة، ثم ارتفاع إيجار فيلا 6.6 في المائة".
وعما حدث من ارتفاعات في الرياض وجدة، يقول "العمري": "بالنظر إلى تحركات الرقم القياسي حسب المدن، تحديدا مدينتي الرياض جدة، فقد وصل ارتفاعه في مدينة الرياض إلى 13.3 في المائة بنهاية أبريل، مدفوعاً بارتفاع إيجار دور فيلا بنسبة 18.8 في المائة، ثم ارتفاع إيجار فيلا 11.8 في المائة، ثم ارتفاع إيجار شقة 7.7 في المائة، وجاء ارتفاعه بنسبة أكبر في مدينة جدة للفترة نفسها، حيث سجل ارتفاعاً سنوياً وصلت نسبته إلى 28.2 في المائة، مدفوعاً بارتفاع إيجار شقة بنسبة 138.2 في المائة "ارتفع 143.1 في المائة خلال مارس، ثم ارتفاع إيجار دور فيلا 18.0 في المائة "سبق أن ارتفع 32.5 في المائة مطلع العام الجاري"، ثم ارتفاع إيجار فيلا 15.3 في المائة".
ويرصد "العمري" تكلفة الإيجارات بين فئات الإنفاق الأخرى، ويقول: "يشكل التغير في تكلفة الإيجارات السكنية الوزن النسبي الأكبر بين جميع فئات الإنفاق، التي بناء على تغيرات أسعارها يتم احتساب معدل التضخم العام، حيث يصل الوزن النسبي للرقم القياسي للإيجار المدفوع للسكن، إلى نحو 21 في المائة من إجمالي فئات الإنفاق، ما يشير إلى أهمية إقرار تنظيم شامل لسوق الإيجارات عموماً "سكني، تجاري"، يعمل على حوكمة هذه السوق التي يتجاوز نشاطها السنوي مئات المليارات من الريالات، وترتبط بدرجة كبيرة جداً بجميع نشاطات الاقتصاد الوطني، وترتبط أيضاً بتكاليف تشغيل منشآت القطاع الخاص، إضافة إلى وزنها النسبي الكبير في ميزانية الإنفاق الاستهلاكي للمستهلكين عموما.
وعلى الرغم من عدم توافر مؤشرات حول التغير في إيجارات القطاع التجاري، التي في الغالب لن تأتي بعيدة عن مثيلها في القطاع السكني، إن لم تكن أعلى، فإنها تدخل هي أيضاً بدورها في التأثير على معدل التضخم العام بطرق غير مباشرة، حيث ستقوم المحال والمنشآت وكيانات القطاع الخاص في حال ارتفعت عليها تكاليف الإيجارات، بعكس ذلك الارتفاع في التكلفة على أسعار بيع سلعها ومنتجاتها وخدماتها المختلفة، والذي يفسر بدرجة كبيرة أسباب الارتفاع بين فترة وأخرى لعديد من أسعار بيع السلع والمنتجات والخدمات".
ويطالب "العمري" بوضع تنظيم شامل لسوق الإيجارات، ويقول: "بمراجعة التغيرات القياسية التي سجلتها تكاليف الإيجارات "سكني، تجاري" خلال أكثر من عام مضى، ومقارنتها ببقية المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية، سيتأكد للجميع الأهمية القصوى لوجود تنظيم شامل لسوق الإيجارات، يعمل وفق معايير وضوابط دقيقة تكفل حوكمة هذه السوق العملاقة، ويكفل أيضاً حقوق الأطراف الرئيسين فيها "مستثمرين، مستأجرين"، ويكفل أيضاً توفير بيئة مستقرة تحافظ على الجاذبية الاستثمارية لسوق الإيجارات، وفي الوقت ذاته تعمل على حماية الأطراف المستأجرة من أي ممارسات خارج الاعتبارات التنافسية والمؤشرات الاقتصادية".
ويعلق "العمري" قائلاً: "يؤمل بتوافر هذه البيئة التشريعية والتنظيمية لسوق الإيجارات، تنقيتها في جانبها التجاري من الممارسات الخارجة عن الواقع لبعض ملاك المحال والمواقع المؤجرة لمنشآت القطاع الخاص، التي قد يتسبب رفعها لتكاليف الإيجار بنسبة تفوق 100 في المائة أو أكثر، إما باضطرار أصحاب تلك المحال والمواقع لرفع أسعار منتجاتها وسلعها وخدماتها، وإما انتقالها أكثر من مرة وحرمانها من الاستقرار، أو حتى قد ينتهي بها المآل إلى التوقف عن النشاط! وكذلك الحال بالنسبة للعقارات السكنية، التي يستهدف أن يشملها وجود تنظيم سوق الإيجارات، ويحقق بوجوده استقراراً معيشياً لعموم الأسر والأفراد، وبما يحقق في مجمله استقراراً للأسعار وللحد من أي ظواهر للتضخم في الاقتصاد".
ويضيف "العمري" قائلاً: "كما لا يعني إقرار مثل هذا التنظيم حرمان ملاك العقارات المؤجرة تجارياً وسكنياً من تحقيق العائد الاستثماري المجدي، بل يوفره ويكفل إمكانية تحققه وفق ضوابط مرنة لا تلحق أضراراً أو انعكاسات سلبية على الاقتصاد والمجتمع، وفي الوقت ذاته تمكن أولئك الملاك من تحقيق العوائد المجدية".
وينهي "العمري" قائلاً: "هذا يعني أن يعمل التنظيم المنشود على تحديد سقف لنسب رفع إيجارات العقارات السكنية والتجارية، تأخذ في الحسبان موقع العقار حسب المدينة والحي والشارع، إضافة إلى عمر مبنى العقار وجودة بنائه، ومدى توافر البنى التحتية والخدمات اللازمة، وبقية الاعتبارات المتعارف عليها في مجال تحديد القيمة السوقية للعقار والعائد الإيجاري عليه، وللحديث امتداد في هذا الشأن التنموي والحيوي بمشيئة الله تعالى".