طالب مهتمون بذوي الإعاقة وتحديداً بمرضى التوحد، بضرورة التشخيص المبكر لأطفال التوحد منذ ظهور الأعراض أو المؤشرات الأولية، مؤكدين وجود نقص بمراكز الفحص المتخصصة للكشف المبكر عن مرض التوحد على مستوى المملكة مما يزيد الفجوة ويرفع عدد المرضى، محذرين أولياء الأمور بأن "إغلاق الأبواب" على المعاقين ليس هو الحل بل يضاعف المشكلة، وعليهم مجابهة هذه الأمراض والإعلان عنها والبحث عن العلاج، فالدولة -أعزها الله- لم ولن تبخل في ايجاد الحلول العلاجية ولن تجعل الأسرة وحدها تعاني الانغلاق على نفسها.
وقال الدكتور واصف كابلي، من مركز نداء الأمل لذوي الإعاقة بجدة، خلال مشاركته في ديوانية الاطباء في لقائها الــ 59 بعنوان (التوحد والتدخل الوقائي المبكر للإعاقة) الذي تم مساء أمس الأول، -عن بعد-، إن التدخل المبكر والكشف المبكر على أطفال التوحد يسهمان في حل هذه المعضلة التي تواجه الأسرة، مشيراً الى أن أسباب التوحد غير معروفة، ويعتبرها البعض مزيجاً من أمراض وراثية أو طبيعية أو حوادث اجتماعية ونفسية "كآبة، وفاة عزيز، خسارة مالية" مرت بها الأم أثناء الحمل، إضافة إلى عوامل أخرى كتعرضها في حياتها الزوجية لعنف أسرى وإساءة لشعورها أو إحساسها أثناء الحمل، وتدخل بموجبه في حاله كآبة وحزن وألم نفسي قد يحرم الطفل من بعض الإنزيمات المغذية التي تنعكس على الجنين بالتوحد.
وأضاف: "ويرى البعض من المتخصصين أن التوحد هو نتيجة حتمية لبعض العوامل المساندة في أثناء الحمل مثل "التدخين، شرب المسكرات، أدوية دون وصفة طبية، بعض التطعيمات الثلاثية التي تؤخذ مرة واحدة، وهناك إعاقات يكون سببها طريقة التوليد أو نقص الأكسجين في المستشفيات، وأحياناً تكون هناك مشكلات في القوقعة تحرم الرضيع من التواصل".
وطالب "كابلي"، بعمل بحث مجتمعي يشرف عليه عدد من الأطباء في الجامعات ومراكز البحث العلمي، بهدف التحقق من سبب مرض التوحد أثناء الحمل، مشيراً إلى أنه قد نتمكن من معرفة السبب ونوع الإفرازات التي لم تفرز أثناء الحالة النفسية والاجتماعية والتي قد تكون سبباً في التوحد، ثم نتوصل للحقن التي تعوض هذا النقص الذي سبب التوحد وتعطي في الأشهر الأولى بعد الوضع، موصياً في ذات السياق بتطوير المهارات المهنية والرياضية والاجتماعية والحياتية لمرضى التوحد والتخلف العقلي ومتلازمة داون لمن تجاوز سنهم ١٢ عاماً.
فيما كشف الدكتور تركي البطي، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين والمتخصص في الاضطرابات النمائية والتوحد ومدير مركز عبداللطيف الفوزان للتوحد بالخبر، أن نسبة الأطفال المصابين بالتوحد بالمملكة بحسب دراسة أجريت حديثاً وسوف تنشر نتائجها قريبا 1 / لكل 45 طفلاً أي إن نسبة الاصابة 1.5 - 2% وهذه قريبة من النسبة العالمية، لافتاً إلى أن الدراسات الحديثة العالمية أظهرت تزايد نسبة الإصابة باضطراب طيف التوحد بشكل مطرد خلال الـ 15 سنة الماضية، حيث زاد العدد من ١ لكل ١٦٦ طفلاً عام ٢٠٠٤ ليصل إلى ١ لكل ٥٤ طفلاً عام ٢٠٢٠م.
وأكد "البطي"، أن الكشف المبكر على الأطفال الذين يتم تشخيصهم بالتوحد سيوفر على الدولة مبالغ كبيرة فكل ريال يصرف على الكشف المبكر يوفر سبعة ريالات قبل وصول الطفل الى سن خمس سنوات، مبيناً في ذات السياق أن التوحد هو اضطراب نمائي عبارة عن عوامل (وراثية وبيئية طبيعية)، وأن الأعراض تظهر في عمر مبكر من حياة الطفل في مرحلة السنة والسنة والنصف، ويصبح هناك صعوبة في التواصل مع الآخرين، الذي من المفترض أن يبدأ هذا التواصل من عمر ستة أشهر الى سنة ونصف، وأي تأخر في ذلك سيؤدي إلى تأخر في الكلام والإدراك (قصور إدراكي)، لافتاً إلى أن أفضل بيئة لتطوير طفل التوحد هي المدرسة مع تكييف المنهج الأكاديمي بما يتلاءم مع قدرات الطفل التوحدي.
بالمقابل وخلال ديوانية الأطباء -عن بعد-، سلطت، أم يوسف، والدة طفل توحدي، الضوء على معاناتها مع ابنها ذوي الخمس سنوات، الذي كان مصاباً بطيف توحدي عالٍ، وبفضل اهتمامها ودراستها وتركيزها على هذا المرض منذ السنة والنصف الأولى بعد ملاحظته على ابنها، تم علاج الابن واصبح بشكل أفضل، مطالبة بضرورة التشخيص المبكر لأطفال التوحد والتدخل المبكر، وأن تكون هناك برامج وورش تدريبية للأمهات للتعامل مع حالات أبنائهم في مجال التدخل المبكر، إلى جانب دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات في المراكز بأحدث الطرق التعليمية ليطوروا أنفسهم والاستفادة من تجارب جميع الدول.