وداع مؤثر لقامة قضائية وأدبية.. الشيخ محمد الهويش يرحل وتبقى سيرته وصوته حاضرين

جمع بين القضاء والشعر والإذاعة.. وملك القلوب بحكمته وإنسانيته
محمد الهويش
محمد الهويش
تم النشر في

فقدت المملكة الشيخ محمد بن إبراهيم الهويش، أحد أبرز القامات القضائية والعلمية والأدبية، بعد حياة حافلة بالعطاء، امتدت بين القضاء والإذاعة والشعر، وامتزج فيها الوقار بالإنسانية، والصرامة بالرحمة.

رحل الشيخ.. وبقيت قصائده، وصوته في الإذاعة، وكلماته التي رافقت أبناءه وطلابه، وذكرياته التي لا تزال تعبق بالوقار في قلوب من عرفوه.

“سبق” التقت بابنه الدكتور يوسف الهويش، عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء، الذي استعرض محطات مؤثرة من سيرة والده، منذ طفولته وحتى وفاته.

وُلد الشيخ محمد الهويش في شقراء، وفقد والدته وهو في الخامسة من عمره، لكنه وجد في والده وعمّته “دليل” حنانًا ورعاية دفعاه نحو العلم، حيث التحق بدار التوحيد وظهرت ملامح نبوغه مبكرًا.

تابع مسيرته التعليمية مع شقيقه عبدالعزيز، وتخرّج من دار التوحيد، ثم التحق بكلية الشريعة في مكة المكرمة، متفوقًا على دفعته، قبل أن يحصل على الماجستير من المعهد العالي للقضاء برسالة علمية أصبحت مرجعًا في بابها.

عمل مديرًا لتعليم الخرج، ثم قاضيًا في ديوان المظالم إلى جانب شقيقه، قبل أن يفقده مجددًا بعد إصابته بمرض في الكبد، وهو ما ترك أثرًا بالغًا في نفسه، ودفعه لطلب الانتقال من الديوان بسبب ما كان يشعر به من ألم عند رؤية مكتبه.

واصل الشيخ الهويش مساره في وزارة العدل، مفتشًا قضائيًا، ثم قاضي تمييز، حتى أصبح رئيسًا لمحكمة التمييز، أعلى منصب قضائي بلغه، وكان يحظى بتقدير كبار المسؤولين، ومنهم الملك سلمان – حين كان أميرًا للرياض – الذي قال عنه: “والدك له آراء قضائية متميزة يتفرد بها”.

ورغم مشاغله، لم يفارق الشعر وجدانه، فحفظ أكثر من سبعين ألف بيت، وكان “شاعر الدار” في شبابه، وألقى قصائد أمام الملك فيصل، من بينها بيتٌ أعجب به الملك وطلب تكراره:

وإذا أراد الله نهضة أمةٍ … أخذ البنون بخطة الآباء

كان قريبًا من أبنائه، حاضرًا بتوجيهه وحنانه، كريمًا لا يرد سائلًا، لا يرضى بالواسطة، يذهب بنفسه لقضاء الحوائج، يملك حضورًا مؤثرًا في المجالس، لا يرفع صوته، لكن الجميع ينصت حين يتحدث.

رشّحه الملك فيصل عام 1384هـ للإشراف على برامج إذاعة القرآن الكريم، وعندما اشتد به المرض، عهد بالمهام لابنه يوسف الذي واصل العمل 21 عامًا، وتعلّم من والده دقة الملاحظة وأخلاقيات المهنة.

أصيب قبل عام 1420هـ بتليف شديد في الكبد، وأجرى عملية زراعة ناجحة في الولايات المتحدة، لكنه عانى لاحقًا من عودة المرض، وأدخل المستشفى لمدة شهر، قبل أن يتوفاه الله بهدوء يوم الاثنين 26 جمادى الأولى 1447هـ.

واختتم الدكتور يوسف حديثه بالدعاء لوالده قائلًا: “نسأل الله أن يغفر له، ويجعله في عليين، وأن يبارك في ذريته، ويجزيه عن علمه وكلماته ومواقفه خير الجزاء”.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org