شوكة في ظهر الملالي.. العلاقات "السعودية- العراقية".. أولوية وشراكة ونهج

"أخوة وجيرة" حرصت المملكة عليهما.. إعمار يُنعش وقنصلية و"تنسيقي" يتطور
شوكة في ظهر الملالي.. العلاقات "السعودية- العراقية".. أولوية وشراكة ونهج
تم النشر في

المراقب للمشهد السعودي العراقي، يلحظ التقارب اللافت بين البلدين أخيرًا، وهذا ما يؤكد الرغبة الجادة لدى القيادتين لتوثيق العلاقة وتوسيع طرقها رغم أنها من أساسها لم تشهد فتورًا في مضمونها، لربما مرت بنوع من الركود بسبب ظروف الحرب هناك؛ لكنها كانت قائمة على أسس عربية وإسلامية؛ فالسعودية ترى في العراق العمق العربي، والعراق يرى السعودية العمق الإسلامي والقوة في الشرق الأوسط والجار والشريك الذي يحرص قادته على البقاء على علاقة متميزة معها.

فالتحول الأخير في العلاقات رسم خارطة طريق، وقلب أوراق طهران في المنطقة، حتى شهد البلدان المتاخمان زيارات رسمية عكست الأخوة العربية والإسلامية؛ فالسعودية تحاول منذ عصورها الأولى تهدئة الأوضاع في دول الجوار خاصة العربية، وتسعى لأن تكون تلك الدول مستقرةً ولا تتحول مسرحًا للصراع والاقتتال الطائفي والأهلي، وفي أولوياتها "بغداد" الذي عانى من الحروب ومر بنكبات انهكت اقتصاده وشعبه بسبب مطامع إيران وشبح التوسع على حساب الإنسان والأوطان؛ حتى عاد لحضنه العربي مؤخرًا بحراك، وتواصل بين قادة البلدين، تُغَذيه الجيرة والعلاقة التاريخية.

ولا شك أن عودته للمحيط العربي -بحسب مراقبين- يُقلق طهران التي تحاول منذ سنوات السيطرة على العواصم العربية لتمرير أيدويلوجيتها المتطرفة، على عكس السعودية التي تسعى لأن يكون للعراق استقلاله وازدهاره، ودعمته مؤخرًا بمليار دولار ومشاريع متنوعة.

وقبل ذلك تم إنشاء المجلس التنسيقي السعودي العراقي الذي وافق عليه مجلس الوزراء السعودي في منتصف أغسطس 2017، وبعد نحو شهرين وقّع البلدان محضر تأسيس المجلس برعاية الملك سلمان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أثناء زيارة الأخير للرياض في 22 أكتوبر 2017، وعقد الاجتماع الأول للمجلس في اليوم نفسه وخلال الاجتماع اتخذ الجانبان مجموعة من القرارات المهمة؛ منها الاتفاق على فتح المنافذ الحدودية بين البلدين، وتطوير الموانئ والطرق والمناطق الحدودية، ثم بعدها هبطت أول رحلة تجارية على أرض العراق بعد ربع قرن.

وتدرك السعودية هي الأخرى اليوم أن العراق قوة عربية وبلد له علاقات تاريخية معها وإرث ونهضة إسلامية لا بد من التقارب معه، وتسعى لأن تُرجعه لمحيطه العربي؛ حتى لا يكون فرصة تتنازعه الأطماع السياسية؛ فتوطدت العلاقة وزار وفد سعودي يرأسه الدكتور ماجد القصبي قبل مدة قصيرة العراق لاستئناف أعمال الدورة الثانية لمجلس التنسيق السعودي العراقي في العاصمة العراقية بغداد، وتفعيل دور السعودية في مرحلة الاستثمار وإعادة الإعمار في العراق والتعاون في مختلف المجالات.

فلا تنظر السعودية للعراق بنظرة المستثمر فحسب؛ بل هي شريك في بنائه وإعماره، وخصصت 1.5 مليار دولار لمشاريع إعادة إعماره، وتمويل الصادرات السعودية له.

وتزامنًا مع زيارة الوفد السعودي الأخير؛ أعلن تدشين القنصلية السعودية ببغداد ليفتح العالم عينيه على علاقة دبلوماسية سعودية عراقية؛ حيث العراق جزء من العرب وازدهاره، ونماؤه أولوية بالنسبة للمملكة، والجامع بين البلدين أكثر من كونها مكاسب سياسية أو مطامع اقتصادية؛ فعنوان هذا الانسجام والتلاحم الأخير "الأخوة والجيرة"؛ حتى جاءت زيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي للرياض، مع وفد من وزراء حكومته لتوقيع اتفاقيات، والذي أعطى دلالاته وله ارتداداته في الأوساط السياسية؛ فطهران لا تريد للعراق أن ينهض ويخرج من قبضتها ويعود للعرب.

لكن المملكة اليوم تدرك أن العراق جزء من استراتجيتها القادمة وتحولاتها، وتؤمن بأن العراق بلد خصب ومليء بالفرص الاستثمارية؛ وإلا ما وقّعت الاتفاقيات التي ستعود منافعها للعراق في وقت تحتاج فيه بغداد للتنمية والازدهار، كما أن العراق اليوم يؤسس لعلاقة جديدة بدأت تظهر نتائجها ببناء جسور تواصل دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع السعودية، ويرى أن لديه المقدرات والفرص للنهوض مع الشريك الرياض.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org