أكد أستاذ الإسكان المشارك، ورئيس قسم التخطيط العمراني في جامعة الملك سعود الدكتور وليد الزامل لـ"سبق" أن زيادة قيمة القروض العقارية ليست الوسيلة المثلى لتمكين المواطن من الحصول على مسكن ميسر يتلاءم مع حدود القدرة الاقتصادية للأسر، موضحًا أن ضخ المزيد من القروض يعني مزيدًا من التضخم وارتفاع في الأسعار.
وبيّن الدكتور الزامل أن قيمة الأراضي أصبحت تشكل 60% من تكاليف المسكن على الرغم من توفر الأراضي الشاغرة، إلا أنها ظلت خارج القدرة الشرائية، طارحاً عدة حلول لكبح موجة الأسعار، من أبرزها كما ذكر إيجاد آلية ملزمة لبناء الأراضي الفضاء المملوكة خلال مدة زمنية محددة وإلزام المطور العقاري بتخصيص نسبة من الأراضي المدعومة لذوي الدخل المنخفض عند اعتماد المخطط.
جاء ذلك بعد أن طالب مجلس الشورى بدراسة زيادة مقدار القرض العقاري المدعوم إلى مستوى يفي بشراء العقار المطلوب من منطق أن زيادة قيمة الدعم العقاري يمكن أن يحقق الملاءة المالية للأسر ويصل إلى مستويات تلامس الأسعار الحالية للعقارات السكنية.
القدرة الشرائية
وتفصيلاً، قال الدكتور الزامل إن زيادة قيمة القروض العقارية ليست الوسيلة المثلى لتمكين المواطن من الحصول على مسكن ميسر يتلاءم مع حدود القدرة الاقتصادية للأسر، موضحًا أن المؤشرات الإحصائية في بعض المدن قد تشير إلى توفر معروض كافٍ من الإسكان، وهو ما يوحي بعدم وجود إشكالية؛ إلا أن هذا المعروض يقع خارج حدود القدرة الاقتصادية للأسرة متوسطة الدخل، فضلاً عن الأسر محدودة الدخل.
القطاع الخاص
وتابع أنه وعلى الرغم من دور القطاع الخاص في ضخ منتجات سكنية في السوق إلا أنه في معظم الأحوال يستهدف الفئات التي لديها القدرة الاقتصادية أو التمويلية، وهكذا فإن سوق الإسكان المتوازن هو السوق الذي يوفر مخزونًا سكنيًا ميسر وكافيًا يعمل على ضبط التوازن في الأسعار ويوفر بدائل سكنية اقتصادية ومناسبة للأسر.
التضخم
وفي معرض الإجابة على تساؤل حول مدى جدوى ضخ المزيد من القروض التمويلية أكد الدكتور الزامل أن الباحث الحصيف لمسار قروض التمويل والإعانات التي تُقدم في سياق تمكين الأسر من الحصول على مسكن يجد أنها ارتبطت طرديًا مع زيادة الأسعار، فكلما زادت القروض التمويلية ارتفعت معدلات الطلب على المنتجات السكنية، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الأراضي والوحدات السكنية في مقابل زيادة الأعباء والديون على كاهل الأسر المستفيدة.
تكلفة الأرض 60%
وأضاف الدكتور الزامل أن الارتفاع الصارخ لأسعار العقارات السكنية يأتي مع توفر الأرضي الشاغرة في المدن والتي تظل غالباً خارج حدود القدرة الاقتصادية للأسر، حيث تشكل قيمة هذه الأراضي ما يعادل 60% من تكلفة المسكن. وهو ما يؤكد الحاجة الماسة إلى تطوير سياسات إسكانية تعالج وضع السوق وتعمل على تخفيض قيمة الأرض السكنية، وصولاً لمستويات عادلة، وبالتالي إمكانية تخفيض قيمة التمويل السكني بدلاً من زيادته.
ارتفاع الأسعار
وفي إطار وضع حلول لكبح ارتفاع أسعار العقارات السكنية أكد الدكتور الزامل أن الحلول تأتي في سياق تحسين واقع السوق الحالي من خلال تطوير سياسة إسكانية تسعى إلى تخفيض قيمة المنتج السكني بديلاً عن زيادة حجم التمويل. يمكن أن تتضمن السياسة الإسكانية جملة من الإجراءات والتشريعات والقوانين التي تنظم سوق الإسكان وتحدد أدوار المشاركين في السوق، كالمستثمرين والمطورين والمستفيدين وبما يضمن تحقيق "المصلحة العامة".
المسكن الميسر
وقال "الزامل": يمكن تلخيص عدد من المبادئ التوجيهية لتحسين واقع السوق الإسكاني في المدن على النحو التالي: تطوير مؤشر واضح لسعر المسكن العادل، بحيث تأخذ في عين الاعتبار التباين في السوق الإسكاني بين المدن، ومتوسط الدخل، ومعدل الإنفاق السكني ضمن حدود القدرة على تحمل التكاليف، وبشكل لا يتجاوز 30% من الدخل، يساعد هذا المؤشر على إيجاد تعريف واضح "للمسكن المُيسر" وبالتالي ضخ كمية من الوحدات السكنية بأسعار مناسبة أو دعم مشاريع الإسكان الميسر لتعيد التوازن في السوق الإسكاني.
أراضي الفضاء
بالإضافة إلي إيجاد آلية ملزمة لبناء الأراضي الفضاء المملوكة خلال مدة زمنية محددة أو بيعها والحد من بقائها لفترات زمنية طويلة، أو التجارة بها دون تطوير نفعي، لاسيما أن معظم هذه الأراضي تقع داخل حدود المدن وتتمتع بكامل الخدمات والمرافق وبقاؤها دون تطوير يعني مزيدًا من الهدر الاقتصادي.
بجانب تنويع أنماط التملك والحيازة السكنية بما يتماشى مع تركيبة الأسرة وحالتها الاقتصادية، ويشمل ذلك المساكن المستقلة وشقق الإيجار والملكية الجماعية وجمعيات الإسكان التعاونية، مع تطوير أواسط المدن وتحفيز القطاع الخاص لاستثمار قيمة التموضع المكاني لها مقابل تخصيص مشاريع سكنية تزيد من مخزون الإسكان الميسر في المدينة.
إلزام المطور
وبين الزامل أنه يجب تطوير تشريعات عمرانية لمخططات الأراضي السكنية بحيث تتضمن إجراءات تلزم المطور العقاري بتخصيص نسبة من الأراضي المدعومة لذوي الدخل المنخفض عند اعتماد المخطط مع العمل على تحفيز القطاع الخاص في تطوير مشاريع سكنية ميسرة كجزء من المشاريع الاستثمارية وبما بخدم الفئات المستحقة للدعم السكني.