مع مطلع الأسبوع هزَّت جريمة متحرش المعادي المجتمع العربي بأسره. ولم تكن جريمة تخص المجتمع المصري وحده؛ فما يحدث مع طفل في أي بلد من الممكن أن يحدث مع أي طفل حول العالم إن لم يوجد قانون، يتضمن عقوبات رادعة.
طيلة السنوات الماضية كان السواد الأعظم يبرر للمتحرشين سلوكهم بحجة أن لباس المرأة أو سلوكها هما السبب، متجاهلين أن الآخر ليس سببًا فيما يصدر منك من سلوك مشين. وهذه قاعدة؛ فإسقاط سوء تصرفاتك أو نواياك ودوافعك على الآخرين محاولة فاشلة لإنقاذ نفسك. وهذا ينطبق على جميع التعاملات في شتى مناحي الحياة.
قد تكون تلك المحاولات ناجحة للعديد من المرات، لكن لا يمكنها أن تستمر في النجاح طوال الوقت؛ لأنه لا يصح إلا الصحيح.
رغم إيماني بأنه يمكن تبرير معظم السلوكيات بأي تبرير، وإن كان المبرر غير أخلاقي، إلا أنه يبقى تبرير يمكن أن يفسر السلوك البشري، ورغم ذلك لا يبرر الجرائم إلا مجرم؛ فاستغلال الطفولة أو الحاجة بالخداع والتزييف لا يختلف جرمه عن جريمة قتل النفس؛ فكلاهما لا يخلو من إزهاق روح بشكل من الأشكال، تُميت شيئًا لا يمكن إحياؤه.
حينما تصدر مثل هذه التصرفات أو غيرها من السلوكيات المستجدة كظواهر يتساءل الكثيرون عن وجهة نظر القانون في مثل هذه الحال؟ وهل يوجد قانون صريح وواضح يعالج هذه السلوكيات بالعقاب أم إن الأمر خاضع لاجتهادات فردية، هي التي تقرر حجم الجرم، وتضع ما تراه مناسبًا من عقوبة؟ ولا يمكن إغفال أن الاجتهادات الشخصية قد تكون قاصرة عن إدراك تبعات الجرم، ومدى أثره على الفرد والمجتمع بشكل عام.
ويلجأ الناس للسؤال عن القانون؛ لأنه لا يعول كثيرًا على التزام الأشخاص الأخلاقي كانعكاس لوجود نصوص دينية، أو أعراف اجتماعية، وهذا ما أكده الأثر: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"؛ فالقانون هو الضمان الوحيد لردع المتحرشين ومبرِّري سلوكهم.