منذ أكثر من عام وتواصل "إسرائيل" انتهاكاتها وعدوانها الغاشم على غزة مخلفةً ما يقارب 45 ألفاً من الشهداء معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن انتهاكها لسيادة لبنان، ما يضع السلام في المنطقة موضع شك.
ولطالما كانت المملكة داعية إلى إحلال السلام في المنطقة، وجهودها الرامية إلى فرض الاستقرار تشهد بذلك، إذ قدمت الرياض في عام 2002 "مبادرة السلام العربية"، التي هدفت إلى إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات العربية مع "إسرائيل"، ولكن كل تلك المحاولات كانت تواجه بشكل دائم ومستمر بمماطلة إسرائيلية تارة وتعنت وصلف تارة أخرى.
ويمكن القول إن كلمة سمو ولي العهد رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الافتتاحية للقمة العربية الإسلامية غير العادية، بتأكيد أن الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية بعدوانها الغاشم على غزة، إضافة إلى انتهاك قدسية المسجد الأقصى، وانتقاص دور السلطة الفلسطينية يقوض كل جهود السلام الهادفة إلى منح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وإحلال السلام في المنطقة بأكملها، جاءت متسقة تماماً مع الرؤية السعودية لقضية السلام في المنطقة.
واستطاع الأمير محمد بن سلمان بكلمته الوافية التي شاهدها واستمع إليها الملايين حول العالم، الإشارة بوضوح إلى سبب المعضلة التي تعيشها المنطقة عبر عقود، واستفحلت في السنة الأخيرة إثر العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، والاستفزاز المتواصل في المسجد الأقصى.
وبإشارة سموه إلى المعضلة، فقد أوجد الحل المتمثل في وقف الانتهاكات الإسرائيلية، والإبادة الجماعية في غزة والعودة إلى مسار السلام الشامل والدائم عبر حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
واستثمرت الرياض بالفعل في هذه الحلول، فقد اتخذت مع مجموعة من الدول العربية والإسلامية خطوات مهمة على الصعيد الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي الآثم وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية، ونجحت المملكة في حث المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين.
وأثمرت الجهود السعودية مع عدد من الدول العربية والإسلامية في اعتراف دول عدة بالدولة الفلسطينية، إذ سارعت دول بربادوس وجامايكا وترينيداد وتوباجو وجزر البهاما، إضافة إلى مجموعة من الدول الأوروبية منهم إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا وأرمينيا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية بفضل الجهود الدبلوماسية التي قادتها الرياض.
إضافة إلى ذلك، فقد تمكنت السعودية من حشد للإجماع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية، كما أطلقت الرياض التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والنرويج التي استضافت المملكة مؤخراً اجتماعها الأول.