خطورة المياه الموجودة داخل بحيرات/برك تبخير مياه العادم الناتجة من محطات تنقية ومعالجة مياه الشرب

خطورة المياه الموجودة داخل بحيرات/برك تبخير مياه العادم الناتجة من محطات تنقية ومعالجة مياه الشرب

رغم جمال المنظر بها في بعض الأحيان إلا أن هذا الجمال يخفي وراءه حقائق مخيفة ، وللأسف أن البعض يعلم هذه الحقائق ولكن تارة يتناساها وبأخري يتجاهلها ، والأسوء من ذلك هو غياب هذه الحقائق عن الكثير لعدم توافر السبل الإرشادية والتوعوية اللازمة لذلك .

دعونا نتكلم عن البحيرات/البرك التي يتم تجميع مياه العادم الناتجة من محطات تنقية ومعالجة ورفع مياه الشرب على العموم .

لنبدأ بتعريف المراحل الرئيسية لتنقية مياه الشرب داخل محطات التنقية بصورة مبسطة دون التطرق لأدق التفاصيل :

أولاً : مصدر المياه الرئيسي اللازم لتشغيل محطات التنقية (الآبار والمياه الجوفية من باطن الأرض) :

بعد عمل الجسات الأرضية والكشف عن منسوب عمق الماء في باطن الأرض وتحليل العناصر الموجودة بالماء الخام ودرجة حرارة الماء ليتم بعدها تحديد إمكانية حفر بئر بالمنطقة لإنتاج الماء الجوفي من عدمه وذلك بناءاً على كمية الماء الممكن إنتاجه من البئر بالإضافة للعناصر الموجودة بالماء مثل العناصر المعدنية والأملاح الزائدة والغازات وبعض المواد المشعة ، وقد يكون الماء طبيعياً لا يحتاج إلى أي عمليات تنقية بحيث تكون نسبة المعادن والأملاح في الماء مطابقة للنسب المعترف بها دولياً لصلاحية استخدام الماء للشرب ، وقد يوجد بئران مجاوران لبعضهما وينتج أحدهما ماء صالح للشرب بشكل مباشر والآخر لا يصلح تماماً وذلك حسب طبيعة وتضاريس التربة بالمنطقة .

********************

ثانياً : مرحلة تهوية وتبريد الماء وفصل الغازات وأكسدة الحديد (Aeration Tower) :

المقصود بها هي أبراج التهوية ، وهي أول مرحلة داخل محطة التنقية يدخلها الماء المرفوع من الآبار للمحطة ويلزم وجوده في الحالات مثل ارتفاع نسبة الحديد في الماء و ارتفاع درجة حرارة الماء عن حوالي (35 إلى 38) درجة مئوية وتواجد الغازات مثل غاز الرادون ، وتعريفاً ببرج التهوية فهو عبارة عن مبنى على شكل خزان (سواء مربع أو اسطواني) يدخل إليه الماء من الأعلى والهواء المضغوط من الأسفل بحيث يتم ضخ الماء من الأعلى بواسطة رشاشات (دش) ويتم دفع الهواء من الأسفل بواسطة نوافخ للهواء وبذلك تختلط جزيئات الماء المرشوشة من الأعلى بالهواء ليتم تخفيض درجة حرارتها وإيصالها للدرجة المناسبة لمراحل المعالجة التالية ، وأيضاً تتحد جزيئات الحديد الموجودة بالماء مع جزيئات الأكسجين الموجود بالهواء لتتم عملية أكسدة الحديد لتزيد كثافة هذه الجزيئات وتنفصل عن الماء وتترسب ولا تكمل المسيرة مع سريان الماء لباقي المراحل ، كما تنفصل الغازات عن الماء داخل أبراج التهوية .

*******************

ثالثاً : خزان المكث والتندف (Detention Tank) :

عبارة عن خزان مستطيل تتوسطه حوائط خرسانية لتوجيه حركة الماء داخل الخزان لزيادة وقت سريان الماء من الدخول للخزان إلى الخروج منه وذلك لضمان اختلاط الماء بالمواد الكيميائية التي تضاف للماء للقضاء على البكتيريا والميكروبات العالقة بالماء ولترسيب أي عناصر معدنية متبقية بالماء وغير مرغوب فيها للتخلص منها قبل دخول الماء لباقي مراحل التنقية .

*******************

رابعاً : مبنى المرشحات الغشائية الدقيقة (Ceramic Filtration) :

المرشحات الغشائية الدقيقة (ألواح السيراميك) وهي التقنية الجديدة والبديلة للفلاتر الرملية والمسئولة عن إزالة أي عناصر معدنية غير مرغوب فيها أو بكتيريا أو مواد مشعة ، بحيث يدخل الماء بعد خروجه من خزان المكث إلى مبنى المرشحات ليبدأ دورة المعالجة داخل المبنى بدءاً بالفلاتر الميكرونية والتي تقوم باختزال وفصل أي عناصر مترسبة بالماء قبل الدخول إلى ألواح السيراميك المغمورة داخل أحواض الماء المطلوب معالجته والتي تقوم بفصل المواد المشعة من الماء وترسيبها بقاع الأحواض ليتم تصريفها بعد ذلك خارج الأحواض ، كما تتم إضافة المواد الكيميائية اللازمة للتحكم في نسبة ملوحة الماء (TDS)  والقلوية (PH) وإزالة العناصر الغير مرغوب فيها من الماء تماماً باستثناء الأملاح الزائدة .

تعريف ألواح السيراميك : هي عبارة عن ألواح من مادة السيراميك تعمل على فصل المواد المشعة من الماء عن طريق تمرير الماء من خلال مسام الألواح نفسها من السطح الخارجي للألواح إلى الأنابيب الموجودة داخل الألواح بقوة الشفط بحيث تكون مسام الألواح ونافذيتها أصغر من جزيئات المواد المشعة لتمنع مرور أي مواد مشعة مع الماء لباقي المراحل وليتم تصريفها بعد ذلك إلى خارج الوحدات .

**********************

خامساً: مبنى أغشية التناضح العكسي (Reverse Osmosis – R.O) :

هنا تتم المرحلة الأخيرة من مراحل التنقية وهي فصل الأملاح الزائدة من الماء والوصول بنسبة ملوحة الماء (TDS) إلى النسب الصالحة للاستهلاك الآدمي بحيث لا تقل عن (120:130 PPM) ولا تزيد عن (300:350 PPM) ، ويتم ذلك عن طريق تعريض الماء الخام لضغط عالي (تقريباً 9 بار) داخل اسطوانات (أنابيب) طولها حوالي (6متر) وقطرها (160مم)  متراصة مع بعضها بشكل متوازي على هيكل معدني ،ويوجد داخل هذه الأنابيب أغشية تسمى بأغشية التناضح العكسي وهي المسئولة عن فصل الأملاح من الماء تحت الضغط المذكور ، ليخرج بعد ذلك من هذه الأنابيب نوعان من الماء أحدهما هو الماء النقي الناتج من جميع مراحل التنقية السابقة والصالح للشرب ، والنوع الآخر عبارة عن محلول ملحي لا يمكن استخدامه على هذه الصورة لارتفاع نسبة الأملاح المتركزة فيه بشكل كبير والتي يمكن إعادة ضخها مرة أخرى لمراحل التناضح لاستخلاص الماء مرة أخرى منه .

******************

سادساً : الخزان الأرضي للمياه المنتجة :

وهو الخزان الذي يتم تجميع المياه المنتجة من المحطة فيه بحيث تكون سعته تقريباً مساوية لحجم الإنتاج اليومي من الماء داخل المحطة ويكون معالج تماماً من الداخل للحفاظ على الماء .

******************

سابعاً : محطة الرفع/الضخ للمدينة (Lift/Pump Station) :

وهي المحطة المسئولة عن رفع المياه المنتجة من المحطة والموجودة بالخزان الأرضي إلى المدينة بواسطة مضخات تعمل بضغط عالي مساوي للضغط اللازم لإيصال الماء إلى أبعد نقطة مطلوب تغذيتها بالماء سواء بالضخ إلى شبكة المواسير الموزعة للماء بالمدينة مباشرة أو إلى الخزان العالي المسئول عن عملية توزيع الماء للمدينة ، بحيث يتم دراسة عملية توزيع الماء المطلوبة هيدروليكياً لتحديد الضغط اللازم لعملية ضخ الماء ولتحديد نوع ومواصفات المضخات المطلوبة لذلك .

ثامناً : نصل إلى مياه التصريف الخارجة من المحطة :

يخرج من المحطة بعد انتهاء مراحل التنقية نوعان من ماء التصريف ، أحدهما يمكن الاستفادة منه وإعادة تدويره ، والآخر لا يمكن الاستفادة  منه ويلزم التخلص منه .

  1. النوع الذي يمكن الاستفادة منه : وهو المحلول الملحي الخارج من تصريف وحدات التناضح العكسي بنسبة ملوحة عالية ، بحيث يمكن تدويره مره أخرى وإعادة ضخه داخل وحدات التناضح العكسي لاستخلاص أي كمية يمكن إنتاجها من الماء النقي الصالح للاستخدام .
  2. النوع الذي لا يمكن الاستفادة منه : وهو يشمل كل من تصريف مبنى المرشحات الغشائية الدقيقة (السيراميك) لاحتوائه على مواد مشعة ومواد كيميائية لا يمكن إعادة تدويرها ، وأيضاً تصريف المرحلة النهائية لإعادة تدوير المحلول الملحي الناتج من وحدات التناضح العكسي ، بالإضافة إلى تصريف غسيل الوحدات والأرضيات وعمليات الصيانة والتنظيف داخل الوحدات .

  ختاماً : أحواض أو برك أو بحيرات التبخير (Evaporation ponds) :

وهي البحيرات التي نجدها مجاورة أو بالقرب من محطات التنقية وتكون بمساحات واسعة وأعماق بسيطة (غير عميقة) ، وهي مسئولة عن تجميع ماء التصريف الذي لا يمكن الاستفادة منه واللازم تصريفه خارج المحطة ولا يمكن تصريفه بشبكات الصرف العمومية نظراً لاحتوائه على مواد مشعة ومواد مضرة بصورة مركزة ، لذلك يتم ضخ هذا الماء إلى تلك البحيرات بحيث يتم تعريضها بمسطح كبير لأشعة الشمس المباشرة والتي تقوم بدورها بتبخير هذا الماء في الجو ، ويلزم أن تكون هذه البحيرات بعيدة تماماً عن النطاق العمراني حفاظاً على سلامة الأفراد وأي كائنات حية محيطة ، ويعتمد تصميم هذه البحيرات على عوامل متعددة منها كمية تصريف المحطة من مخلفات المياه وعلى تقارير هيئة الطقس والأرصاد حول خصائص وطبيعة الجو بالمنطقة المتواجد بها المحطة لتحديد فترات سطوع الشمس يومياً ومتوسط درجات الحرارة ونسبة الرطوبة والبخر بالجو على مدار العام .

وعلى الرغم من خطورة هذه النوعية من المياه المتواجدة داخل البحيرات/البرك ، إلا أنه لازال يوجد الكثير ممن لا يبالون باللافتات التحذيرية واللوحات الإرشادية الدالة على خطورتها ، بحيث يلجأون إلى هذه المناطق نظراً لتوفر الهدوء والجو الطبيعي بعيداً عن الزحام داخل المدن وقد يستخدمون مياهها بصورة طبيعية كأنها برك للسباحة أو شواطئ عامة .

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org