تنوّعت بيوت ومنازل مركزَي بني مالك وثقيف في محافظة ميسان قديماً بشكلها، ومواد بنائها، وطريقة بنائها؛ لتتناسب مع البيئة والحياة الجبلية الريفية، وتتلاءم مع احتياجات الأهالي.
ومنذ القدم يستخدم ساكن هذه القرى جميع الموارد المتاحة في بيئته؛ لبناء مسكن لعائلته، سواءً في المناطق الجبلية أم الريفية أم الصحراوية أم الساحلية أم ما يُسمى تهامة والسراة، وما أسهم في إتقانه هو ممارسته مختلف المهن، الأمر الذي أسهم في تعدُّد العمران الأثري لمركزَي بني ومالك وثقيف في محافظة ميسان.
واتخذت بيوت وحصون ومنازل قرى بني مالك وثقيف حلة فريدة بأشكال هندسية متنوعة، حيث اعتمد أهاليها على بيئتهم وما توفره من مواد الخام الأولية في البناء، كما حرصوا عند اختيار مواقع منازلهم على قربها من موارد المياه أو الموارد الطبيعية الأخرى، إذ تأتي في مسار متصاعد ومتلاصق، ويوجد في قلب كل قرية مسجد وساحة للاحتفال والاجتماعات الرسمية أو ما يُعرف بساحة للملعب وتبادل الأشعار والمعلومات الحصرية.
وأخذت الحياة الجبلية حيزاً كبيراً في بناء هذه المساكن، والخدمات التي تُقدم لقاطنيها بشكل احترافي في البناء، حيث شيَّد أهالي هذه القرى بيوتهم الأثرية بناءً على ثقافتهم القديمة الخاصة، التي كان لها بالغ الأثر في معمارهم الحالي؛ نظراً لما يميزها من ترابط بين مبانيها؛ لتؤكّد عمق الألفة والمحبة بين أفراد مجتمع هذه القرى.
وأدى تعدُّد المهن والأنشطة للأهالي إلى اختلاف كبير في طريقة بناء منازلهم، حيث يبني الأب المنزل داخلياً بما يخدم مهنته بشكل كبير، ويخصص المزارع في بيته غرفاً لمهنته، منها مسطحات في أعلى المنزل تستخدم لتجفيف أنواع الحبوب أو الثمار أو غرف أخرى لتخزين المؤونة استعداداً للمواسم الزراعية والحصاد، ويضاف إلى المنزل درج داخلي يربط العليّة بما يسمّى أو ما يُعرف بـالسِّفل وهو مكان تحت البيوت القديمة له أكثر من مدخل؛ وغالباً ما يستخدم لتخزين محتويات المنزل في فصل الصيف، وفي الشتاء تساق إليه الماشية وتحتمي فيه من الأمطار وانخفاض درجات الحرارة.
وتُزيَّن هذه المنازل والحصون وجدرانها وأبوابها وأسوارها بالنقوش وأخشاب العرعر والزخارف، حيث أبدع الأهالي في تقسيمها الهندسي، وتعدد مداخلها، وتشييدها إلى ثلاثة طوابق، وهي بمكانة نموذج معماري فريد من نوعه للعمارة الحجرية الصلبة الصماء، كما يقتني أهالي هذه القرى الحوض الزراعي الصغير لزراعة العطريات، مثل الرياحين والبعيثران والدوش والحبق والنعناع بأشكالها المميزة ورائحتها العطرية التي تفوح بعبق الجبل والوادي.