قال الدكتور سالم بن عبد الرحمن البلوي، الأستاذ المشارك في جامعة طيبة، والمشرف على فرع الجامعة بمحافظة العـلا وعميد كلية العلوم والآداب سابقاً، ومؤسِّس مجلس وادي القرى الثقافي، "إن "وادي حنيفة له رمزية كبيرة يحيلنا إلى الخصوبة والجريان والحياة".
وأضاف خلال محاضرة ألقاها بأمسية ديوانية آل حسين التاريخية مساء الجمعة الماضية بعنوان (من وادي القرى إلى وادي حنيفة قراءة في كتاب صراطي) أن "وادي حنيفة نموذج للثَّراء التاريخي، وحضور الشعر من قبل شعراء كبار أمثال الأعشى صاحب المعلقة المشهورة، وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ.. وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ".
وتابع: "وادي حنيفة بعمقه التاريخيِّ ارتبط بقيادة ممتدَّة عبر التاريخ، والحقيقة أنَّ وعي القيادة لأهمية هذا المكان على عدة مستويات (الماضي -الحاضر -المستقبل)".
وقال: "إذا استعرضنا الماضي فَإنَّنا نتوقَّف عند مرحلة مهمَّة، وهي يوم التأسيس الذي هو حتماً يؤكِّد ويعزِّز وجودنا في الحاضر والمستقبل".
وأضاف "وادي القرى مرَّ به ستُّ ممالك، ويضمُّ أوَل موقع صُنِّفَ من قبل منظمة اليونسكو في المملكة العربية السعودية، وهُوَ مصدر إشعاع حضارِي؛ حيث إنَّه موطن الخط العربي المبكر، وهذا اكتشاف مثبت من قبل أستاذ علم الآثار مشلح المريخي، فَقَدْ ألقى محاضرة عن هذا الاكتشاف مجلس وادي القرى الثقافي".
وأشار إلى أنه من خلال هذا الإرث الحضاري العريق، ليس بغريب أن يقوم وهو أحد أبناء محافظة العلا بتأسيس (مجلس وادي القرى ثقافي) بمحافظة العلا.
وقال: "الجميع يُلاحظ خطاب المملكة المعاصر الذي يهتمُّ بالتاريخ والكشف عن الإرث الإنساني المشترك، لأنَّ الثقافة هي القوَّة الناعمة التي تعزِّز وتدعم القوى الأخرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية".
ونوّه إلى أن غاية المجالس الثقافية والأدبية، تعزيز الأبعاد الفكرية والإنسانية التي تشكل بلا شكٍّ جوهر ومضامين رؤية 2030؛ حيث إنَّ الرؤيا اهتمت بالجانب الثقافي؛ مثل الابتعاث الثقافي، لأن الثقافة تحتاج متخصصين في إدارة الثقافة، وتقييم المشهد الثقافي، تسويق الثقافة".
وحول كتاب "صراطي"، أوضح أنه مقسم إلى ثلاثة أقسام الأول: حق وحقوق للأجداد والآباء ومن له أياد بيضاء لوعيي وسعيي على الصراط.
أما القسم الثاني، فيتحدث عن سيرته ومسيرته مع الحياة بأهم أحداثها لأنَّ المسكوت عنه يظلُّ مسكوتاً عنه، في حين يوثق القسم الثالث شهادات الزملاء ومشاركاتهم على اختلاف مشاربهم وتجاربهم وجنسياتهم وتخصُّصاتهم واختلاف الزمان والمكان.
وقال: "كتاب صراطي"، هو كتاب وطني تاريخي تربوي أدبي، باختصار هو سجل للزمان والمكان والأحداث، وتضمَّن الكتاب مواقف عدّة منها: موقف مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والأمير سلطان بن عبد العزيز، والأمير سلطان بن سلمان، بالإضافة إلى عدد من الوزراء والمسؤولين منهم الخويطر والرشيد والعنقري".
وقال إن "الكتاب يوثق كذلك مواقِفُ مع والدي رحمه الله، حَّولت حياتي من النقيض إلى النقيض الآخر، من زيف الظاهر إلى صدق الباطن، ومن حبِّ الأنا إلى حبِّ الآخر، ومن ذل الطمع إلى عزِّ القناعة، ومن ضعف الشكِّ إلى قوة اليقين، ومن أسر الدُّنيا إلى سر الملكوت، ومن أرض ضاقت عليَّ إلى أرض الله الواسعة".
وأهدى الكاتب كتابه إلى الوطن، مضيفاً: "الغاية الكبرى أبعث برسالة عرفان لوالدي لأُوفِّيه بعض حقِّه علي وأنني أعلم يقينا أنني لا أستطيع لذلك سبيلاً".
ووجه الكاتب رسالة لشباب الوطن، بالقول: "لا تسع لاكتشاف ذاتك فقط، اسعَ إلى صِنعِ ذات تحتوي مجموعة متعددة من ذوات أخرى، والقدوة رسول علم الإنسانية أسمى معاني الأخلاق، صلَّى الله عليه وسلَّم".
كما أوصى الشباب بالاجتهاد، قائلاً: "أجداد وآباء صارعوا الدنيا وصارعتهم، أمَّا أنتم تنعمون في استقرار أمنيٍّ ونهضة علميَّة وثقافيَّة وفكريَّة، فيجب أن تحمدوا الله عليها، وأنْ تغتنموا هذه الفُرصة العظيمة وأن تثمِّنوا جهود القيادة الحكيمة التي قيضها الله لقيادة الأمة".