حضر الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، مساء اليوم، افتتاح مؤتمر "المروية العربية" الثاني الذي عُقد بعنوان "ثقافة الصحراء"، وذلك في قاعة الأميرة هياء بنت تركي للمؤتمرات بجامعة الفيصل في الرياض.
وكان في استقبال أمير الرياض لدى وصوله، الأمير تركي بن فيصل بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ورئيس جامعة الفيصل الدكتور محمد آل هيازع.
وبدأ المؤتمر الذي افتتحه الأمير تركي بن فيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بآيات من القرآن الكريم، ثم ألقى الأمير تركي الفيصل، كلمة قال فيها: لقد رعَى لنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - عُروبتنا تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فهنيئًا لنا هذه الرعاية، وهنيئًا لنا فارس لوائِها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، وما مرويتنا التي جمعتنا في هذا الحفل سوى عرفان منا بجميل رعاية مليكنا وولي عهده الأمين -أيدهما الله-، مثمنًا حضور وتشريف أمير منطقة الرياض.
وتابع الأمير تركي الفيصل القول: هذه مرويتنا نرويها لَكُمْ مِنْ عِقْرِ دارِها عربيةً عاربة ومستعربة، شَرَّفَها ربنا جل جلاله - بأنْ كانَ فيها أوَّلَ بيتٍ وُضِعَ لِلناسِ لِّلَّذِي بِبَكَّةَ مباركًا وَهُدًى للعالمين؛ بل وأضاف إليها أنْ جَعلَ لُغَتَهَا لُغَةَ كِتَابِهِ المقدس، ولم يكتفِ بذلك، وإنَّما خلق أشرف خَلْقِهِ مِنْ أبنائها، محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وأضاف: عبر القرون، احتوت دارُنا كُلَّ من عبرها، وارتوى بمائها، وارتدى رداءها، وتعلم لغتها؛ فأصبح عربيًا يحمل معنا إرثنا ويتثقف بثقافتنا، فإنَّ الثقافة، هي حينما تُسْتَنْطَقُ الأخلاق فتحكي للأجيال قصة ذلك الإنسان الأنموذج، كما يجب أن يكون - في ديباجة مِنَ الفنون المبدعة والآداب المعتبرة.
وتطرق إلى اللغة والتحاور وثقافة الصحراء وجغرافيتها والمبادئ السامية المحفوظة في ثقافة الصحراء.
وألقى مساعد الأمين العام لشؤون العلمية بمركز الملك فيصل الدكتور عبدالله حميدالدين كلمة أشار فيها إلى سبب اختيار المروية العربية عنوان للمؤتمر، متناولاً ثقافة الصحراء وعلاقة الإنسان العربي بها ومعاني الصحراء في عصر الحداثة والعولمة.
ولفت النظر إلى التحديات التي تواجهها ثقافة الصحراء في عصر العولمة والتحديث، وفي ظل هيمنة الثقافة الاستهلاكية والنمط المعيشي الحضري المعاصر ذات الإيقاع السريع والخالي من قيمة الراحة.
وأكد في ختام كلمته، أن الصحراء ليست مجرد مكان جغرافي أو بيئة طبيعية، ولا صفحة من الماضي أو ذكرى تراثية، بل منظومة ثقافية وإنسانية متكاملة، وجزء حي وفاعل في الحاضر والمستقبل وذات تأثير عميق على نمط حياة العرب وقيمهم وتقاليدهم، وخصوصًا مجتمع الجزيرة العربية.
وألقى رئيس مجلس إدارة مؤسسة موتوكو كاتاكورا لثقافة الصحراء السفير الدكتور كونيو كاتاكورا كلمة استعرض فيها مسيرة استكشافه ثقافة الصحراء والطبيعة البدوية إبان عمله في سفارة بلاده بالمملكة في ستينات القرن الماضي ومرافقًا لزوجته الراحلة الدكتورة مًوتوكــو كاتاكــورا، الباحثة في الأنثروبولوجيا الثقافية.
وتناول السفير كاتاكورا، البحث الميداني لزوجته الراحلة وكتابها "القرية البدوية" الذي ترجم إلى العربية بعنوان «أهل الوادي.. دراسة للمجتمع السعودي أثناء مرحلة الانتقال» التي شملت موضوعات أبحاثه المناخ، والموارد المائية، والنباتات والحيوانات، وملكية الأرض، والأنساب، والمساكن، والأزياء، والمناسبات الاحتفالية في المنطقة.
وأبان أن مؤسسة موتوكو كاتاكورا لثقافة الصحراء تعمل على إنشاء أنشطة بحثية وفنية حول ثقافة الصحراء، وتخطط لإدارة سلسلة مـن المعارض والندوات في هذا المجال، فضلاً عـن دعم النشر في مجـال ثقافة الصحراء، ونشـر المواد البحثية، معربًا عن شكره لمشروعات مركز الملك فيصل الأرشيفية لدعم المؤسسة أثناء أرشفة مواد موتوكو الأكاديمية.
وقال: قد بلغت عمليات مؤسستنا ذروتها في المدة ما بين 2015-2019م، وذلك عبر إجراء سلسـلة من الزيارات إلى وادي فاطمة بمساعدة شركة «أرامكو آســيا-اليابان» وتبرعها الســخي، ومنذ عام 2018م، وبالتعاون مع وزارة الثقافة بالمملكة.
يُذكر أن «المروية العربية» مشروع بحثي حضاري ينهض به مركز الملك فيصل، يسعى إلى مُعالجة الالتباس والتراجعِ الواقِعَيْنِ في مفهومِ «حضارة العرب»، والوقُوف أمام المحاولات الدَّؤوبة لطَمْس وتهميش الاستحقاق الحضاري لنا، بل وفي إشكالِ مفهومِ الحضارة ذاته؛ إبرازًا لقِصَّتِنا، وقِصَّة لُغَتِنا المعُجزةِ، وتأكيدًا لاستحقاقنا الحضاري الأصيل، من خلال دراسة سردية العرب وسيرة اللغة في الجزيرة العربية، بمنهجية علمية رصينة، وبطريقة تجمع بين أدوات تفعيل الأفكار اجتماعيًا، ووسائل التأسيس المعرفي، لإنتاج حوارات، ودراسات ميدانية، وقراءات نقدية، وكتابات علمية تأسيسية، في المجالات التاريخية، والآثارية، والاجتماعية، والفلسفية، والأدبية، والفنية. تهدف المروية العربية إلى إبراز الدور الحضاري والثقافي للجزيرة العربية بما يرسخ انتماءنا وأبناءنا للحضارة والثقافة العربية، ويعزز التواصل الثقافي بيننا وبين الشعوب المحيطة بنا والمتفاعلة معنا.