يُعد فن "الدحية" أحد الفنون الأدائية المكونة للثقافة السعودية، وموروثًا شعبيًا تشتهر به منطقة تبوك ومحافظاتها، وهو من الفنون الأصيلة التي ارتبطت بحياة البداوة المستمدة جذورها من الماضي، مُشكّلةً أيقونة ثقافية تربط الأجيال بالتراث، ودائمًا ما تُسجل "الدحية" حضورًا رائعًا في المناسبات العامة والاحتفالات الوطنية والأعياد؛ لما تمتاز به من حماسة إيقاعاتها، ولا تخلو من محاورة شعرية تشعل المنافسة، بالإضافة إلى أنها تحتوي على ألحان مختلفة ورقصات استعراضية.
وتنطلق مجريات "الدحية" باصطفاف المشاركين صفًا واحدًا أو صفين متوازيين بشكل متراصّ كتفًا إلى كتف، يتوسط كل صف شاعر يُلقب بـ "البَداع" يتمثل دوره في تلقين أفراد الصف بيت القصيد بصوتٍ خافت لترتفع به الأصوات على نحو جماعي فور انتهاء الصف المقابل، ويتعين على شاعر الدحية التمتع بالمهارة الشعرية وسرعة الرد على الشاعر المنافس خلال مدة زمنية قصيرة.
ويتغنى شعراء الدحية "البداعة" بألحان متنوعة منها "المربوعة" و"الزريبي"، كما تتنوع أبيات القصيد بين المدح والفخر والغزل والوطنية، ويردد المشاركون في "الدحية" أبياتًا شعرية بألحان عذبة يفصل بينها بيت شعري شهير: "هلا هلا بك يا هلا * لا يا حليفه يا ولد".
ودائمًا ما تختتم الدحية بـ "النحة" وهي على نوعين "العادية" و"الشاهوقية" عبارة عن صوت يصدر من الحناجر يشابه صوت الزئير تتسارع وتيرته تدريجيًا حتى بلوغ ذروة التسارع بالتزامن مع تصفيق الأيدي في إيقاع رائع متناغم، وفي بعض الأحيان تُعاد "النحة"؛ لما تبعثه في نفوس ممارسيها من بهجة وسرور وحماس.