تمتلك جزيرة فرسان موروثًا ثقافيًا فريدًا، برزت ملامحه في تراثها الشعبي، المتناغم مع طبيعتها البحرية، كجزيرة سابحة فوق البحر عبر تاريخها القديم الممتد لآلاف السنين، حين تشكّلت حضارة إنسانية محمّلة بإرثٍ تراثي، باح به الإنسان إنشادًا وغناءً ورقصًا.
وبرزت "الدانة" كأقدم الفنون الشعبية في فرسان، وأشهرها تعبيرًا عن اشتياق البحّارة خلال فترات غيابهم الطويلة في رحلات الغوص نحو الأعماق؛ بحثًا عن اللؤلؤ، حيث ارتبطت رحلاتهم تلك، بالمشقة والتعب والمخاطر، فابتكروا فنًّا للترويح عن أنفسهم، انتصارًا على متاعب الحياة، وكسرًا للسّأم والمشقة، وابتهاجًا بالعودة للديار ولقاء الأحبة.
واشتقّت الدانة اسمها من اللفظة الأولى في مطلع الأداء الغنائي "يا لدانة يا لدانة" فتَشَكّل لون شعبي بديع، هو نتيجة لتراكمات الحنين داخل البحّارة عاشوها في غيابهم خلال رحلات الغوص، ثم كان البوح بتلك التراكمات بلون فني بهيج عند العودة للبيوت في ليالي الفرح.
وارتبط فنّ الدانة بجزيرة فرسان بصفته موروثًا غنائيًّا، واكتسب شهرته منها، وتوارثته الأجيال عبر السنين، محافظين على أدائه، مبتهجين كابتهاج البحّارة القدماء الذين ابتكروا هذا الفن.
وللدّانة عددٌ من المطالع والألحان تختلف في أدائها وتتوحد في إيقاع الدانة، وهي تتكون من صفٍّ وشاعر يقف في منتصف الصف، فيما يحوي النص ستة أبيات، حيث يغني الشاعر الأبيات الثلاثة الأولى، ويظل يرددها حتى يحفظها أفراد الصف الذين يؤدون الرقصة، وحين يحفظونها يغنون هم، فيما ينتقل الشاعر لغناء الأبيات الثلاثة الأخرى.
وتمتاز الدانة الفرسانية بكلماتها الرقيقة جدًا، وبشعبيتها وبساطتها التي تدفقت من الشعراء نصوصًا فنية، وتلقفتها الأصوات الرخيمة الجميلة، فغدت فنًا يبوح بجمال فرسان وتنوّع تراثها الفني.