
أطلقت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، أمس، معرضًا خاصًّا للمخطوطات العربية النادرة التي تتناول علوم اللغة العربية، وآدابها، وفنونها، ومعاجمها، وذلك بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي الذي خصصته الأمم المتحدة للاحتفاء باللغة العربية.
ويضم المعرض مجموعات نادرة من المخطوطات التي تُعنى باللغة العربية، من أبرزها مخطوطة كتاب النوادر لأبي زيد بن أوس الأنصاري (ت 215هـ / 830م)، وهي واحدة من أقدم وأندر المخطوطات في اللغة العربية، ويتناول الكتاب آلاف الكلمات النادرة الغريبة التي تشكل مستويات متعددة المعاني والتعبير في فضاء المعجمية العربية.
وتعرض المكتبة في معرضها مخطوطة للمعجم الشهير لأبي نصر الجوهري: "تاج اللغة وصحاح العربية"، وهو أقدم ما صنف في العربية من معاجم الألفاظ مرتب على الأبواب والفصول.، كُتبت في عام 591 هجرية.
ويضم المعرض مخطوطة قيمة لعالم اللغة العربية أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، يعود تاريخ نسخها إلى بدايات القرن الخامس الهجري، وهي عبارة عن مجلد يضم عددًا من الرقوق في غير ترتيب، وكتبت بخط أندلسي أسود على رق من جلد الماشية، وبعض الرقوق التي تضمنها المخطوطة بها ثقوب ناتجة عن عمليات شدها قبل الكتابة عليها.
ويبلغ عدد رقوق المخطوطة النادرة 58 رقًا، وضبط الكثير من كلماتها بالشكل، كما كتبت بعض العبارات المراد إبرازها بقلم أسود عريض.
وفي سياق متصل، تعرض المكتبة مخطوطتين لكتاب (القاموس المحيط) للفيروزآبادي كتبت الأولى في العام (994 هـ)، والمخطوطة الثانية كتبت عام(977هـ ).
وجاء في الكتاب: "وأسميته بـ"القاموس المحيط البحر الأعظم ، ولما رأيت إقبال الناس على صحاح الجوهري وهو جدير بذلك، غير أنه فاته نصف اللغة أو أكثر إما بإهمال المادة أو بترك المعاني الغريبة النادرة".
وتقوم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بدور معرفي متجدد، حيث تبدي اهتمامًا كبيرًا بمختلف عناصر الثقافة العربية والإسلامية، حيث خصصت ضمن برنامجها للنشر العلمي جانبًا كبيرًا لإصداراتها التي تُعنى باللغة وبالتراث العربي، وأصدرت في برنامجها للنشر كتبًا في جماليات اللغة العربية والشعر العربي وعددًا من المعاجم.
وأصدرت المكتبة مجموعة من الترجمات لكتب الرحالة والمستشرقين الذين جابوا شبه الجزيرة العربية خلال بدايات تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، حتى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود في 23 سبتمبر1932م.
ومن أبرز ترجمات كتب الرحالة التي أصدرتها المكتبة تلك الكتب التي ألفها كل من وليم فيسي "الرياض.. المدينة القديمة"، ومسعود عالم "شهور في ديار العرب"، وتاكيشي سوزوكي "ياباني في مكة"، وليوبولد فايس (محمد أسد) "الطريق إلى مكة"، وآر إيتشيزمان "في شبه الجزيرة العربية المجهولة"، وإليزابيث مونرو "فيلبي الجزيرة العربية"، والليدي إيفيلين كوبولد "الحج إلى مكة"، وأ. غ. شيرباتوف "الخيل العربية الأصيلة"، وإيف بيسون "ابن سعود ملك الصحراء".
واهتمت المكتبة، منذ نشأتها، برصد التراث الحضاري والثقافي والعلمي للحج وللحرمين الشريفين من خلال الكتب والصور النادرة للحرمين الشريفين، والمخطوطات التي كتبت في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمسكوكات الإسلامية، التي تم سكها منذ ما يزيد عن الألف سنة التي تنفرد مكتبة الملك عبدالعزيز العامة باقتنائها، ويمثل هذا التراث الفكري ذاكرة متكاملة باللغة العربية للحرمين الشريفين وتوثيق تاريخ المملكة.
ومن خلال برنامج وأهداف جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة تقوم المكتبة بدور كبير في نشر ثقافة اللغة العربية، عبر منح جوائز للترجمة من العربية وإليها بمختلف اللغات، وهي بذلك تقوم بإثراء اللغة العربية بالمصطلحات والمفاهيم العالمية الجديدة في مختلف المجالات، مما يوسع من فضائها المعجمي والمفاهيمي.
وقدمت الجائزة للمكتبة العربية أكثر من (30) كتابًا مترجمًا للعربية من مختلف عناصر المعرفة، وقد حازت جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة على ثقة مراكز الترجمة والتعليم والجامعات العالمية، واعترافاً دولياً كبيراً لأهمية الجائزة وما تقدمه من جهود كبيرة لتفاعل الثقافات واللغات العالمية.
وشكّل مركز الفهرس العربي الموحد الذي أطلقته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مطلع أبريل 2007 م لخدمة اللغة والثقافة العربية وتوثيق وفهرسة المنجز الفكري للوطن العربي باللغة العربية، عملاً ثقافيًا ناجزًا، حيث وحّد العمل المكتبي في 22 دولة، كما أنه يوفر الاطلاع على كل المكتبات العربية من أي مكان وفي أي زمان وربطها بالثقافات العالمية الأخرى.
وفي إطار العناية بإبراز بعض جماليات اللغة العربية وأناقتها في الكتابة والخطوط، أقامت مكتبة الملك عبدالعزيز ثلاثة معارض مهمة، أبرزها: "المعرض العالمي للخط العربي"، وعرض مكتبة تضم أكثر من (200) كتاب عن جماليات الخط العربي وفنونه، ولوحات متنوعة بأنواع الخط بواسطة أشهر وأميز الخطاطين.
والمعرض الثاني هو معرض: المسكوكات الإسلامية عبر العصور، ويتبين فيه طرق الكتابة على العملات بخطوط اللغة العربية، مما يدل على هذا التنوع وحركة الكتابة الدقيقة في صياغة معلومات العملة.
والمعرض الثالث هو معرض خاص تضمن مجموعات نادرة من المصاحف الشريفة، حيث تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مجموعات من المصاحف الشريفة كتب معظمها ما بين القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر الهجري، وتتكون من (267) مصحفاً، وتعد المصاحف المتحفية (20 مصحفًا)، تمثل طرز الفن الإسلامي والمنمنمات العربية والإسلامية.