انطلقت فكرة إنشاء سكة الحديد في المملكة في منتصف الستينيات الهجرية (الأربعينات الميلادية)، عندما برزت الحاجة آنذاك إلى إنشاء ميناء تجاري على ساحل الخليج لنقل البضائع المستوردة عن طريقه إلى مستودعات شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو).
وتضمنت الفكرة التي تَقدمت بها شركة أرامكو لإنشاء خط للسكة الحديد من الدمام إلى الرياض، إنشاء ميناء تجاري كبير يمكنه استقبال السفن الضخمة التي تنقل مستلزمات أعمال صناعة النفط ومعداتها؛ فضلًا عما سيكون لهذا الميناء من فوائد جمة للاقتصاد الوطني.
وعند عرض الأمر على الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- أمر جلالته بتنفيذ المشروع كاملًا ليصل إلى العاصمة الرياض، ليتم فعليًّا البدء في تنفيذ المشروع في تاريخ 26 ذي القعدة 1366هـ (21 أكتوبر 1947م).
وفي 19 محرم عام 1371هـ (20 أكتوبر 1951م)، تم افتتاح الخط في الرياض في حفل رسمي حضره الملك عبدالعزيز، والملك سعود بن عبدالعزيز -رحمهما الله- وحشد كبير من المسؤولين.
وظلت السكة الحديد منذ ذلك الوقت تعمل تحت إشراف شركة أرامكو لفترة من الزمن، حتى ارتبطت بوزارة المالية، وسميت مصلحة السكة الحديد، ليصدر في 22 محرم 1386هـ/ 13 مايو 1966م مرسوم ملكي يقضي بالموافقة على النظام التأسيسي للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وبمقتضاه تم تحويل السكة الحديد إلى مؤسسة عامة لها شخصية اعتبارية، يديرها مجلس إدارة، ويرسم سياساتها العامة وفقًا لأسس تجارية.
ولاحظت المؤسسة أن جزءًا كبيرًا من البضائع الواردة عن طريق ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام تخص موردين من منطقة الرياض أو ما جاورها.. وعندما زادت واردات الميناء بالدمام بكميات كبيرة جدًّا بعد عام 1395هـ، الموافق لعام 1975م؛ وهو ما أصبحت معه الطرق بين الدمام والرياض تعاني من أزمة ازدحام شديد؛ برزت فكرة إنشاء الميناء الجاف بالرياض، ليسهم القطار في تخفيف أزمة الازدحام عن طريق تمكين مستوردي البضائع في منطقة الرياض من نقل بضائعهم على القطار مباشرة إلى الرياض؛ حيث يتم تخليصها جمركيًّا وتسليمها لهم فيه.
وتم افتتاح الميناء الجاف في الرياض يوم الأحد 20 رجب 1401هـ الموافق 24 مايو 1981م؛ حيث شهدت أعداد الحاويات الواردة إلى الرياض عن طريق الميناء الجاف، زيادات كبيرة مطردة، وزاد الإقبال على الخدمات التي يقدّمها الميناء الجاف نتيجة لما لمسه العملاء من حسن الخدمة ومناسبة تكلفتها وسرعة أدائها وسهولة إجراءاتها، كما تَضاعف حجم النقل عدة مرات منذ بدء تشغيل الميناء الجاف؛ حيث بلغ عام 1401هـ، الموافق لعام 1981م، 21.000 حاوية نمطية بالاتجاهين؛ فيما تجاوز 318.000 حاوية قياسية في عام 1426/1427هـ.
وفي عام 2006م، كانت الانطلاقة مع تأسيس صندوق الاستثمارات العامة للشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار"؛ لتتولى إدارة وتشغيل الخطوط الحديدية، بداية من تنفيذ مشروع قطار الشمال وتشغيله.
وفي فبراير من العام 2021م، أصدر مجلس الوزراء قرارًا بإلغاء المؤسسة العامة للخطوط الحديدية ونظامها؛ على أن تحل محلها الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار" اعتبارًا من الأول من أبريل 2021م باسمها الجديد "الخطوط الحديدية السعودية- سار"، وأن تكون "سار" هي المالكة للأصول التشغيلية الثابتة والمنقولة إضافة لملكيتها للبنى التحتية لمشروعات القطارات بالمملكة للشحن والركاب بين المدن.
وتمتلك "سار" 3 شبكات رئيسية هي: شبكات الشمال، الشرق، قطار الحرمين السريع، بالإضافة إلى إدارتها جميع العمليات التشغيلية لقطار المشاعر المقدسة بمجموع أطوال يزيد على 5.380كم.. وتخدم الخطوط الحديدية خمسة موانئ؛ اثنان منها في مدينة الجبيل، إضافة إلى ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، والميناء الجاف بالرياض، وميناء رأس الخير، واثنان من المناجم.
وتشمل شبكات "سار" 15 محطة للركاب، و8 ورش للصيانة، و15 ساحة للمناورة، وتشغل 220 قطارًا للركاب والشحن، وتنقل ما يزيد على 3 ملايين مسافر سنويًّا.
وصُنّفت "سار" كواحدة من أفضل (3) شركات للخطوط الحديدية في مؤشر الأمان العالمي لمشغلي القطارات، الصادر عن الاتحاد الدولي للخطوط الحديدية (UIC) للعام 2019م، وحصدت كذلك جائزة السلامة الدولية للعام 2020م للمرة الثانية على التوالي من مجلس السلامة البريطاني، بالإضافة إلى حصولها على شهادة الأيزو ISO45001 في مجال الصحة والسلامة.
ويُعد قطار الشمال أطول خط متكامل في العالم يستخدم نظام الإشارات والاتصالات الأوروبي المتقدم، المستوى الثاني (ETCSL2)، الذي يعد النظام الأفضل في إدارة الإشارات والحركة بشكل آمن وموثوق.
وتشغل شبكة قطار الشمال 2.750كم؛ حيث يبلغ طول خط الركاب في قطار الشمال 1.250كم، ينطلق من الرياض باتجاه القريات مرورًا بالمجمعة والقصيم وحائل والجوف؛ في حين أن قطار الشمال للشحن يبلغ مجموع أطواله 1.550كم تمتد من حزم الجلاميد، مرورًا بالجوف وحائل، وصولًا إلى تقاطع البعثية في القصيم؛ ليتجه منها نحو منشآت التجهيز والتصدير في رأس الخير بالمنطقة الشرقية.
ويصل طول القطار الواحد إلى ما يزيد على 3.5كم بقدرة تم من خلالها نقل أكثر من 60 مليون طن من المعادن وهي (الفوسفات، البوكسيت، الكبريت المنصهر، حمض الفوسفوريك)؛ مما أسهم في إزاحة أكثر من 4.5 ملايين شاحنة عن الطرق.
ويضم أسطول قطار الشمال للركاب ستة قطارات تنقسم إلى أربعة قطارات نهارية، واثنين ليلية. وهي قطارات ثنائية الاتجاه تتكون من مقطورتين و8 عربات للركاب وتبلغ سرعة القطار 200 كم في الساعة.
وتتكون قطارات الركاب ثنائية الاتجاه من مقطورتين و8 عربات ركاب؛ حيث يضم الأسطول 4 قطارات نهارية و2 ليلية، وتبلغ السعة القصوى للقطار الواحد 442 مقعدًا؛ بما في ذلك درجتا الأعمال والاقتصادية؛ فضلًا عن مطعم بخدمات متكاملة.
ويعمل قطار الشرق على خط مزدوج للركاب يبلغ طوله 733كم يربط الرياض بالدمام مرورًا بالأحساء وبقيق، وخط الشرق للشحن بطول 550كم يربط ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام بالميناء الجاف في الرياض مرورًا بالأحساء وبقيق والخرج وحرض والتوضيحية.
وتقوم "سار" بتشغيل 157 مقصورة على خط الشحن؛ في حين يبلغ عدد العربات العاملة على هذا الخط 5.577 عربة؛ حيث تنتقل القطارات بخمس رحلات يوميًّا بمتوسط سعة 220 عربة للقطار الواحد، وبطاقة استيعابية تجاوزت في عام 2020م الـ735 ألف حاوية.
ويتكون أسطول قطار الشرق من 22 قطارًا؛ منها 12 طقم قطارات حديثة، و10 أطقم كلاسيكية تنقل الركاب بين الرياض والدمام مرورًا ببقيق والهفوف، وتبلغ سرعتها القصوى 180كم في الساعة.
ويربط قطار الحرمين، الذي يُعد واحدًا من أسرع 10 قطارات كهربائية في العالم؛ إذ تبلغ سرعته 300كم في الساعة بخطوط يبلغ طولها 449كم، بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورًا بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
ويضم قطار الحرمين السريع 35 قطارًا، بسعة مقاعد تبلغ 417 مقعدًا للركاب في القطار الواحد، وبسرعة تصل إلى 300كم في الساعة.
وينتقل قطار المشاعر، الذي تأسس في عام 2009 ويضم في أسطوله 18 قطارًا تسير بسرعة 80كم في الساعة، بين مشعر منى ومشعر مزدلفة ومشعر عرفات ويخدم حجاج بيت الله الحرام.
وتسعى الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار"، جاهدة في إنفاذ الرؤية الاستراتيجية الحكيمة لقطاع النقل الحديدي، بالاستفادة من كل الوسائل النافعة والمتقدمة، ومن بينها وسائل الاتصال المتطورة؛ لما في ذلك من خدمة لبلادنا، ومصلحة لاقتصادنا، ورفاه لأبناء الوطن.