أكد البروفيسور العراقي قصي منصور التركي أستاذ الآثار والحضارات القديمة في بلاد الرافدين والجزيرة والخليج العربي من مركز ويست كوست ( WCSESC) - بأستراليا - في محاضرته التي أقامها النادي الأدبي الثقافي بالطائف بتنسيق مع جماعة فرقد الإبداعية بالنادي- والتي جاءت بعنوان: (أنماط المدافن الحجرية في المملكة العربية السعودية ودلالاتها الرمزية)- على أن العمارة الحجرية للمدافن والقبور القديمة في المملكة العربية السعودية تحمل أنماطًا عديدة تزيد على 200 نمط وهذه ميزة فريدة تختص بها المملكة دونًا عن أراضي أي دولة في العالم.
وأشار "التركي" إلى أن هذا يدل على التنوع الفكري المعماري لدى الإنسان في الجزيرة العربية وخصوصًا على أراضي المملكة.
وعن إحصاء القبور المكتشفة وجد أنها تزيد على مليون مدفن وقبر على مدى أكثر من 3000 سنة، وهذا يثبت أن أرض المملكة هي أصل البشرية، وقد تم اكتشاف هذه المدافن بأشكال وأنماط مختلفة ومن أهمها النمط الدائري والنمط المسماري والنمط الإسفيني والنمط الصولجاني والنمط النجمي.
وعرض نماذج من المرافق الصولجانية المهمة في منطقة رنية وعشيرة شمال الطائف ومحافظة تربة وبقية مناطق المملكة مثل جبال طويق وشمال جدة والمنطقة الشرقية وغيرها.
كما تحدث عن جهود هيئة التراث في الكشف عن المدافن، مشيرًا إلى أن المنشآت الحجرية هي المعالم الأثرية الحجرية التي شيدتها حضارات قديمة تعاقبت على أرض المملكة العربية السعودية عبر مختلف العصور، وهذه المنشآت الحجرية بأنواعها المختلفة مؤشرات مهمة للعمق التاريخي الذي تتمتع به أرض المملكة، ومدى التطور الحضاري للأمم المتعاقبة التي عاشت في المنطقة، وهي شواهد معمارية لمبانٍ متعددة الأشكال والوظائف والفترات الزمنية، رصدت أغلبها صور الأقمار الصناعية، وهي منتشرة في أنحاء المملكة خصوصًا في الحرات البركانية، وبالقرب من الواحات والمراكز الحضارية القديمة وتتشكل هذه المنشآت في مجموعات تمتد لعشرات الكيلومترات.
وقال الدكتور "التركي" عن سبب تأخر الكشف عن المدافن ودلالاتها في القرن الماضي إن عدم وجود التقنيات الحديثة والمتعلقة بالتصوير الرقمي الجوي التي ساعدت على معرفة الأشكال والتصاميم.
وتحدث عن الدلالات قائلاً: أما الدلالات فإنها تبقى محض نقاش واجتهادات من حيث ارتباطها بمعتقدات وأفكار ظهر ما يشبهها في رموز عددٍ من الكتابات القديمة والرموز الفنية والتي أعقبت تاريخ وجود تلك القبور بآلاف السنين.
ثم ذكر أنماط أغلب مدافن الخليج وجنوب شرق الجزيرة العربية وهي:
1 - المدافن الدائرية الجماعية التلية والتي تنتشر في "البحرين".
2- المدافن الدائرية الجماعية في "أم "النار" و"هلي" و"بات" و"أملح" في "عمان" و"الإمارات".
3- المدافن الفردية (الرجُمْ) التي تشبه خلايا النحل في شمال "قطر" وحتى جنوب "عمان".
4- المدافن المضلعة التخطيط وذلك في طريقة تسقيف هذه المدافن فإنها تتم بالاعتماد على الأقواس المدببة يتم إدخال رؤوس الكتل الحجرية المستخدمة في البناء نحو الداخل.
كما تحدث وعرض صورًا للنمط المميز والفريد لمدفن تم اكتشافه أخيرًا في محافظة رنية عن طريق مكتشف هذا النمط "المؤرخ والباحث، سعد بن هميل بن قطنان من سكان مدينة رنية وهو نمط (الآلة الموسيقية)، لافتًا إلى أن هذا النمط ، تنفرد به مدينة تربة وتحديدًا في حرة بني هلال"، حيث يوحي شكل المدفن إلى شكل آلة موسيقية لها عمود طويل وأسفل الدائرة البيضوية الشكل مجموعة من المثلثات الحجرية عددها 17 مدفنًا، والتي تشبه الأوتار.
ثم فتح مدير اللقاء البروفيسور متعب القثامي أستاذ التاريخ السابق بجامعة أم القرى الباب لمداخلات واستفسارات الحضور وتعليقاتهم، حيث تداخل الدكتور منصور الدعجاني الذي تساءل عن الحرات البركانية في المملكة وتاريخها وتحدث الشيخ ناصر بن سعيد السبيعي من منطقة رنية.
وقدم معلومات عن محافظة رنية والمدافن القديمة المنتشرة بها والسدود القديمة الموجودة في المنطقة وعلى أطراف وادي رنية كما تداخل المؤرخ والباحث الأستاذ خالد الحميدي الذي قدم عدة تساؤلات حول المحاضرة، وشارك كل من المؤرخ عيسى القصير، والدكتور عبدالله السفياني بمداخلتين حول موضوع المحاضرة.
وفي نهاية الأمسية، قام رئيس النادي الأدبي الثقافي بالطائف عطا الله الجعيد بعد إلقاء كلمته بمشاركة رئيس جماعة فرقد الإبداعية الدكتور أحمد الهلالي بتكريم الضيوف المشاركين والتقاط صورة تذكارية جماعية مع الضيوف والحضور.