حلول الإسكان بين الوطن والرؤية..!
منذ أن تأسست وزارة الإسكان بقرار ملكي حكيم، ووُضعت لها البنود والميزانيات، وهي تسعى جاهدة إلى إيجاد الحلول المناسبة لزيادة تملُّك المواطنين المساكن من خلال العديد من البرامج الهادفة.
وحتمًا لا يخلو أي عمل وأي جهد من الملاحظات، ومن المراجعات، ومن التقويم والتقييم.. وفي ظني، إن وزارة الإسكان واحدة من الجهات التي تعمل بجد، وماضية قُدمًا في سلسلة من البرامج التي تسهم في تمكين المواطنين من تملُّك منازل في مدنهم ومناطقهم المختلفة، وبأسعار في متناول أيديهم، وتضع لهم الخيارات الممكنة من خلال برامج سداد، وغيرها من التسهيلات التي تراها الوزارة ممكنة التطبيق، أو من خلال الشراكات مع القطاع الخاص عبر المشاركة الفاعلة في تطبيق هذه البرامج..
لنكن منطقيين، ونعترف بأن لدينا صعوبات في العديد من المشاريع، سواء تعليمية أو صحية.. فمثلاً: بناء المستشفيات والمدارس والجامعات والمساكن في بلادنا من المشاريع التي وإن وجدت اهتمامًا ودعمًا وموافقة على إقامتها إلا أن الزمن هنا يقف حجر عثرة، ربما في التنفيذ، إضافة إلى عدم توافر السيولة المالية الكافية لتوفير العدد الكافي من تلك المشاريع؛ لتحقق الاكتفاء في كل مناطق السعودية؛ ذلك أن البناء في حد ذاته يحتاج إلى زمن محدد؛ ليكون واقعًا صالحًا للاستخدام.. لكن الزمن الذي أقصده هنا هو أن الدولة تعاني عدم وجود أراضٍ لها في جُل المدن السعودية؛ لتقيم عليها مشاريعها الحيوية تلك؛ ولهذا يذهب الوقت، وتذهب سنة تلو الأخرى والدولة ما زالت تبحث عن أرض لإقامة مشروع حيوي عليها دون جدوى.
أعود لموضوع المساكن التي تأمل الدولة بزيادة عددها؛ ليزيد عدد تملُّك المواطنين لها.. ففضلاً عن أن شروع الدولة بنفسها ببناء مساكن للمواطنين أمرٌ لا يشجع عليه الاقتصاديون؛ كونه صعب التحقيق، ومكلفًا ماليًّا، إلا أن الدولة تواجه مشكلة عدم وجود أراض مناسبة وقريبة من المدن؛ ليمكن إيصال خدمات البنية التحتية والأساسية لها بسهولة، وبدون تكلفة مالية عالية. ولعل تجارب سابقة تمت من قِبل الدولة، ومن قِبل جهات خيرية، أكدت عدم جدوى بناء مساكن خارج المدن، أو بعيدة كليًّا عنها.. أقول مثل هذا الكلام وأمامي تجربة ناجحة، أقدمت عليها الدولة - ممثلة في وزارة الإسكان - إذ شرعت في حل مشكلة عدم توافر أراضٍ في المدن تابعة للدولة بعمل شراكات مع القطاع الخاص، والتعاون معه لحل هذه المشكلة.
نتفق – إذن - أن الدولة شرعت في اتخاذ العديد من الحلول المالية والحلول التنظيمية والشراكة مع القطاع الخاص لتجاوز مشكلة السكن بزيادة عدد مُلاك المساكن من المواطنين؛ فما تم في مشروع (إطلالة البحر) في مدينة الخُبر، وفي مشروع (سندس) في مدينة جدة، بمساحة مليون متر مربع، وفي وسط المدينة، مثال صارخ وقوي على ثمرة هذه الشراكة التي أثمرت توفير مساكن داخل المدن، بل بعضها على الشواطئ الجميلة كمشروع الخُبر، وبأسعار مقبولة بين 550 ألف ريال و750 ألف ريال، وبأقساط شهرية لا تتجاوز 2000 ريال.
هذا التوجه عالج موضوع شح الأراضي الحكومية في المدن، وساهم بشكل مباشر في توفير مساكن جديدة.. والأهم من كل ذلك أن أسعار هذه المباني في هذه المواقع الاستراتيجية هي أسعار يمكن للمتقدمين إلى الصندوق العقاري والمتقدمين إلى وزارة الإسكان الحصول عليها، وفي الوقت ذاته تسديد دفعاتها بكل يُسر وسهولة..
إذن، حينما أتحدث وأكتب عن وزارة الإسكان وبرامجها أرجو وآمل ألا يأتي مَن يلقي اللوم على أحرفي وعلى المنطق الذي أطرحه دون النظر إلى الواقع الذي نعيشه، كما أرجو ألا يُنظر للموضوع بعين العاطفة فقط دون التوقف عند حلول تنظيمية ومالية وشراكات اتخذتها الدولة؛ لنتجاوز تلك الصعوبات السابقة في موضوع السكن.. وما ذكرته في السطور السابقة، وتحديدًا ما تم في جدة وفي الخُبر، مثال حي على أن هناك شيئًا بات يتغير نحو الأحسن، وأن هناك عملاً أثمر واقعًا ملموسًا، تمثل في توفير مساكن في مواقع استراتيجية، بأسعار متناولة.
أكاد أجزم أن الغالبية اطلع على بنود الرؤية 2030، وما هو نصيب السكن من تلك البرامج.. فقط لا تستعجلوا على الحُكم، والقادم أجمل بإذن الله.