يرتبط شهر رمضان في ذهن كثير من الناس بالسهر ليلاً والنوم نهارًا، وهذا النمط من الحياة يختلف من بلد مسلم إلى بلد آخر؛ حيث يبدو أن العادات السائدة في المجتمع تؤثر في نمط حياة الفرد خلال الشهر الكريم؛ وفي هذا الصدد قدم مركز اضطرابات النوم دراساتٍ وأبحاثًا تجيب عن التساؤلات التي تناولتها "سبق" في هذا الشأن عبر زاوية #صحتك_في_رمضان39.
نمط الحياة والنوم في رمضان
تحدث تغيرات في نسق حياة المجتمع ككل مما يساعد على السهر خلال الليل؛ فساعة بدء الدوام تتأخر خلال رمضان وتنشط المحلات التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل، وكذلك القنوات الفضائية، وتكثر اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل، وينتج عن السهر نقص حاد في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض؛ ما قد يسبب الخمول والنعاس وتعكُّر المزاج خلال النهار.
هل تحدث تغيرات فيسيولوجية؟
هناك بعض العوامل التي قد تؤثر في فيسيولوجية النوم خلال الصيام، فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد ينتج عنها زيادة عمليات إنتاج الطاقة "الأيض" خلال الليل؛ ما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم خلال الليل.
ففي العادة تنقص درجة حرارة الجسم نحو نصف درجة مئوية قبل النوم؛ ما يساعد على النوم، ولكن نتيجة لزيادة الأكل في رمضان خلال الليل قد ترتفع درجة حرارة الجسم؛ ما قد يؤدي إلى زيادة النشاط وعدم الشعور بالنوم خلال الليل، ويتبع ذلك خلال الصيام انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء النهار والشعور بالنعاس أو بصورة مبسطة تغير الساعة الحيوية في الجسم، وهذه إحدى النظريات المطروحة عن علاقة الصوم بالنوم ولها ما يدعمها من الدراسات.
وقد أظهرت الدراسة السابقة زيادة وزن الصائمين خلال شهر رمضان وزيادة نسبة الدهون المكونة للجسم، وهذا يعود للإفراط في الأكل خلال الليل.
هل يزداد التركيز خلال الصوم؟
عرف الباحثون منذ زمن طويل أن الحرمان من الطعام يزيد اليقظة عند مختلف الكائنات الحية، كما أظهرت الأبحاث أن الصوم يزيد التركيز واليقظة، وهذا ينطبق على الصوم التجريبي الذي يقوم به الباحثون، وكذلك على صوم رمضان؛ فقد أظهر في أكثر من بحث أنه عند الحصول على نوم كاف بالليل وطعام متوازن، فإن الصوم لا يؤثر على اليقظة أو التركيز، وهذا يناقض ما يعتقده كثيرون من أن الصوم يسبب النعاس.
لماذا يزيد الصيام اليقظة والتركيز؟
هناك نظريات عدة لزيادة التركيز خلال الصوم؛ حيث يعتقد أن أحد أسباب زيادة اليقظة والتركيز هو: زيادة إفراز مادة الأوريكسين، وتعتبر مادة الأوريكسين إحدى النواقل العصبية المهمة التي تفرز من مركز في المخ يعرف "بالمركز التحت المهادي"، وهي مادة مهمة لتوازن النوم واليقظة، كما أنها تزيد إفراز كثير من النواقل العصبية التي تزيد اليقظة في المخ، وقد أظهرت الأبحاث أن الصوم يزيد من إفراز مادة الأوريكسين في المخ.
لذلك، وبناء على الدلائل المتوافرة من الأبحاث، يبدو أن الصوم في حد ذاته لا يؤثر في جودة النوم ولا يسبب زيادة النعاس ونقص التركيز خلال النهار، وأن التغيرات التي تحدث في النوم خلال شهر رمضان قد يكون مردها إلى تغير نمط الحياة خلال شهر الصوم.
نتائج عدم الانتظام في النوم
ومهما كان السبب الذي يؤدي إلى عدم انتظام النوم، فالنتائج واحدة، وهي كما يلي: "يؤدي السهر ليلًا والاستيقاظ في وقت متأخر نهارًا إلى الشعور بالكسل والنعاس خلال النهار، ويقوى الإحساس بالتعب والإرهاق، حتى دون بذل مجهود".
كما يتسبب اضطراب النوم إلى ارتجاع حموضة المعدة، واضطراب الهضم. ويؤثر السهر والاستيقاظ متأخرًا إلى إرهاق البشرة وظهور علامات التعب عليها، كما تصاب بالتجاعيد والترهل والبثور، وقد يتساقط الشعر بكثرة، بسبب السهر وعدم انتظام النوم.
طرق تفادي المشكلات
ولتفادي مشاكل النوم للصائمين خلال الشهر الكريم يجب الانتظام في نمط الحياة اليومي، عدم التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، فنوم النهار لا يغني عن نوم الليل، والحصول على ساعات نوم كافية خلال الليل، والحصول على غفوة قصيرة خلال النهار إن أمكن، وعدم الإفراط في الأكل خلال الليل وبالذات قبل النوم؛ فقد يؤدي إلى اضطراب النوم وزيادة ارتداد الحمض إلى المريء مما يؤثر في جودة النوم.
وتزداد أهمية ما سبق ذكره في حق الأطفال؛ حيث يجب على الوالدين مراعاة حصول أطفالهما على نوم كافٍ خلال شهر رمضان.