قال أستاذ المناخ بجامعة القصيم "سابقاً"، نائب رئيس جمعية الطقس والمناخ السعودية الدكتور عبدالله المسند؛ إن من حكمة الله تعالى ألا يأتي البرد فجأةً بين ليلة وضحاها، أو خلال بضعة أيام، بل اقتضت حكمة العليم الخبير أن يأتي البرد متدرجاً عبر 3 أشهر تقريباً، تمهيداً وتحولاً تدريجياً لطيفاً من الصيف اللاهب إلى الزمهرير القارس، وذلك من لطف الله بعباده لعلهم يتذكرون فيشكرون.
وأوضح "المسند"؛ عبر حسابه على منصة "إكس"، أنه لو جاء البرد دفعة واحدة، وتغيّرت درجة الحرارة من الأربعينيات إلى أقل من 10 درجات في غضون ساعاتٍ؛ لضرّ ذلك الحرث والنسل وربما أهلكها، داعياً إلى تأمل قول الخالق المالك المدبّر وهو يصف وظائف الأرض ويمُن على عباده (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا) وقال: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا)، وقال: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا)، وقال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا)".
وأضاف: "السؤال كيف تتغيّر درجة الحرارة بين الصيف والشتاء؟ جعل الخالق الحكيم محور كوكب الأرض الذي تدور حوله مائلاً بمقدار 23.5 درجة، وبسببه ومع دوران الأرض حول الشمس تبدأ أشعة الشمس الساقطة على الأرض تميل رويداً رويداً من كونها عمودية في ذروة الصيف إلى مائلة منكسرة ناحية الجنوب في الشتاء، وهذا يجعل ظل الأشياء أطول، ويجعل أشعة الشمس تسقط على مسطح جغرافي أوسع، فلا تكون مركّزة كالعمودية؛ بل متبعثرة، وهذا بدوره يخفّف درجة الحرارة".
وتابع: "لولا هذا الميلان لمحور الأرض لعاش الناس فصلاً واحداً، وتجمّعوا في نطاقات محدودة من الأرض، ولكن العليم الحكيم قدّر هذا الميلان بقدر رياضي، وهذا ليس إلا لكوكب الأرض فقط، فلو زاد لزاد برد الشتاء أكثر، واشتد حر الصيف بشكل لا يطيقه الإنسان، ولا تتحمله العجماوات، ولا يناسب النباتات، وتباطأت تعرية الجمادات أيضاً".
وأردف: هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليس لقرب الأرض من الشمس أو بُعدها أيُّ أثرٍ يُذكر لتعاقب الفصول الأربعة خلال السنة، بل العجيب أن كوكب الأرض أقرب ما يكون من الشمس في فصل الشتاء الشمالي، وذلك في العشر الأول من يناير، فتكون الأرض أقرب إلى الشمس بنحو 5 ملايين كم، مقارنة بموقعها في 3 يوليو (ذروة الصيف)، وأبعد ما تكون الشمس من الأرض في فصل الصيف الشمالي في العشر الأول من يوليو، والفارق بين النقطتين 3% أي 5 ملايين كم.
واختتم يقول: "هذا الفرق القليل لا يشكّل أهمية في التأثير على درجة الحرارة، وإلا لكان الصيف في يناير عندما تكون الشمس قريبة، والشتاء في يوليو، ولكن ميلان محور الأرض هو العامل المتسبّب في تعاقب الفصول خلال العام، ومن ثم تغيُّر درجة الحرارة بين ارتفاعٍ وانخفاض، والذي هو أمرٌ إيجابي للإنسان، والحيوانات، والنباتات، بل حتى للجمادات".