ماذا يحدث في العراق؟!

ماذا يحدث في العراق؟!
تم النشر في
كان الأمر مفاجئاً، من المنظور العسكري، أن يتم اجتياح الموصل، وهي من أكبر المدن العراقية مساحة، في غضون ساعات قليلة، من قبل مسلحين يُفترض أن تسليحهم محدود جداً، إذا ما قورن بتسليح وتدريب الجيش العراقي الذي تشكَّل على أيد أمريكية، بعد حل الجيش العراقي في أعقاب الاحتلال الأمريكي في العام 2003م.
 
ما زالت هناك ألغاز تكتنف الحدث، لعل في مقدمتها لغز الجيش العراقي، فجيش صدام حسين تلاشى في لحظة محددة، ومن غير المعروف حتى الآن، على وجه اليقين، ماذا حدث، وكيف تفكك، وجيش "المالكي" لم يصمد ولم يحارب ولم يدافع، ولكنه فرَّ مذعوراً عن بكرة أبيه، وكذا قوات الشرطة في مواجهة مسلحي العشائر.
 
ولغز أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية، التي لا تغيب عينها عن العراق، هل فشلت في التنبؤ بالمشهد؟، أم استهانت بقدرة المسلحين وكفاءتهم؟، أم إن لها أدواراً أخرى في العراق، شغلتها عن متابعة هذا الحراك الذي باغتها، كما باغت العالم كله من أدناه إلى أقصاه؟
 
الأمر ذاته ينطبق على الأجهزة الاستخباراتية والأمنية الإيرانية، صاحبة الذراع الطولى في العراق، والداعمة لرئيس الوزراء نوري المالكي، هل فشلت هي الأخرى في التنبؤ بهذا الحراك المسلح الذي يقوِّض مصالحها في العراق، ويُفشل مشروعها الطائفي من الأساس؟
 
وهل كان المسلحون على هذا القدر من القوة والمقدرة والكفاءة، بحيث يجتاحون مساحات شاسعة من العراق، تساوي في جغرافيتها بعض الدول العربية مجتمعة، في غضون ساعات قليلة، دون أية مقاومة تُذكر؟
 
ومن أين لهم بهذه القوة، وهذا التخطيط العسكري الاحترافي، الذي لا يتوافر إلا لجيوش منظمة ومدرَّبة، وليس لمجموعة من الثوار أو مسلحي العشائر؟
 
وأين موقع "الدولة الإسلامية" المعروفة بـ"داعش" من هذا الحراك العسكري، لا سيما وأن أغلب الشهادات الميدانية للسكان والمتابعين، تؤكد أن هذا المكوِّن ليس له وجود كبير على الأرض، وأن السكان استقبلوا المسلحين بحفاوة، باعتبارهم فاتحين، وهذا لا يتحقق في وجود "داعش" المعروفة بتطرفها وبُغض المدنيين لها، خاصة وأن مكوناتها ليست عراقية صرفة.
 
إن الإجابة عن هذه التساؤلات، وفك الألغاز يفتح الباب أمام سؤال أشد خطورة، يتعلق بمستقبل المنطقة كلها، لا سيما دول الخليج العربي، إلى أين يتجه العراق؟
 
إن التحولات الجارية في العراق قد تضطر إيران إلى سحب جزء من مقاتليها من سوريا، وتدفع بهم إلى بغداد لمساندة المالكي، وهو ما يعني ضعفاً في الجبهة السورية، يسمح للحراك الثوري هناك بتحقيق مكتسبات وانتصارات؛ إذ من المعلوم أن إيران هي القوة الرئيسة التي تقاتل في سوريا ببعد طائفي واضح.
 
وهذه التحولات قد تدفع إلى تعاون أمريكي- إيراني جديد؛ لمواجهة الوافد على الساحة العراقية الذي يبدو أنه عدو مشترك لكلا الدولتين، ومن ثم فإن مصلحتهما تقتضي التعاون المشترك في مواجهته وحصاره والقضاء عليه، قبل أن يبتلع العراق كله، على نحو ما فعلت حركة طالبان في حقبة التسعينيات بأفغانستان.
 
وقد تدفع تلك التحولات ناحية حرب طائفية شرسة، لا تقف عند حدود العراق، خاصة وأن بعض الحسينيات والحوزات تنفث في أوار تلك الحرب؛ بدعوى الحفاظ على المقدسات والعتبات، على نحو ما صنعت في سوريا، وفتحت مقارَّها للتطوع والقتال.
 
إن سيناريو العراق مفتوح على كل الجبهات.. ولا شك أن لكل سيناريو تبعاته وآثاره الإقليمية والدولية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org