السعودية الـ58 عالمياً في مكافحة الفساد.. كم سيكون ترتيبها بعد دمج مؤسساته الرقابية بجهاز واحد؟

إصلاح تنظيمي وهيكلي سيركز قدرات الدولة في القضاء على الانحرافات
السعودية الـ58 عالمياً في مكافحة الفساد.. كم سيكون ترتيبها بعد دمج مؤسساته الرقابية بجهاز واحد؟

في إطار جهودها المتسارعة لإصلاح وتطوير منظومتها الإدارية والقانونية، خطت السعودية خطوة لافتة اليوم (الخميس)، عقب صدور الموافقة الملكية على الترتيبات التنظيمية والهيكلية المتصلة بمكافحة الفساد المالي والإداري، التي اقتضت ضم هيئة الرقابة والتحقيق، والمباحث الإدارية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعديل اسمها ليكون هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، في عملية دمج ثلاثية تهدف إلى تركيز قدرات الدولة في القضاء على انحرافات الفساد، التي يرتكبها بعض الممتهنين للوظيفة العامة.

وكما يلاحظ فإن الجهاز الإداري للدولة، يضم المؤسسات الكفيلة بضبط أدائه، والقضاء على أي انحرافات فساد تعتريه، ولكن من شأن الإصلاح الهيكلي والتنظيمي أن يضاعف فاعليتها في الاضطلاع بمهامها في الحفاظ على المال العام، ففي الوضع السابق كان أسلوب مواجهة الفساد موزعًا على ثلاث مؤسسات كل منها له اختصاصات وصلاحيات، وفي الوضع الجديد ستجمع كل الاختصاصات والصلاحيات في كيان واحد، هو هيئة الرقابة ومكافحة الفساد؛ ما سيمكنها من استهداف الفساد ومحاصرته من خلال تسريع وتيرة العمل، واختصار وقت تعقب الفاسدين والتحقيق معهم ومقاضاتهم.

وسيترتب على الدمج الجديد للأجهزة الثلاثة القضاء على تكرار المهام، الذي كانت تزاوله ضمن اختصاصاتها، فمثلاً من مهام هيئة الرقابة والتحقيق"متابعة تنفيذ الأوامر السامية التي تكلف بها"، ونجد تكرارًا للاختصاص نفسه على نحو متقارب لدى هيئة مكافحة الفساد، التي من ضمن مهامها "متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين بما يضمن الالتزام بها"، وسيضمن الدمج عدم تشتيت جهود الجهة المعنية بمكافحة الفساد في مهام مكررة تؤدي إلى تبديد طاقتها القضاء على الفساد.

ولا يعني هذا التطور التنظيمي والهيكلي، الذي أقدمت عليه المملكة أنها لم تكن تواجه الفساد بطريقة ناجعة، فالمملكة تحتل المركز 58 عالمياً من أصل 180 دولة، ضمن قائمة أفضل دول العالم في مؤشر مدركات الفساد، فيما حلت في المرتبة 11 بين دول مجموعة العشرين، في تقرير مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية لسنة 2018، وتراجعت المملكة خلاله مركزًا واحدًا عن العام 2017 عندما حلت في المرتبة الـ 57، بينما جاءت في المرتبة 62 في تقرير 2016، وإذا كانت السعودية قد حققت تلك المرتبة في ظل ثلاث مؤسسات رقابية، فكم سيكون ترتيبها بعد دمج تلك المؤسسات في جهاز واحد يطوّر أداءها؟ من المرجح أنها ستتبوأ مكانة أفضل من تلك التي حققها، دون التقليل من قيمة مكانتها الحالية.

ولا نخالف الواقع أبداً، إذا خلصنا إلى أن تطلع المملكة لتحقيق المزيد من التقدم في مؤشر مدركات الفساد على الصعيد الدولي، يشكل أحد دوافعها في إجراء هذا الإصلاح الهيكلي، بالإضافة إلى الدوافع الوطنية التي تقتضيها مصلحة الدولة، وتتطلب مضاعفة قيمة الإنجاز في تحقيق الازدهار لمواطنيها، ولا تتعارض الدوافع الدولية للمملكة مع دوافعها الوطنية، فكلاهما يرتبط ببرامج التحديث والنهضة الشاملة التي تشهدها انطلاقاً من "رؤية 2030"، وتسعى إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن، وتعزيز حظوظ المملكة دولياً في استقطاب الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال، لاسيما أن الفساد يعد من أهم العوائق المعرقلة لذلك.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org