جدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، التأكيد على أن المملكة دولة إسلامية كبرى، تنتهج الفكر المعتدل، وتتمسك بمبدأ الوسطية، وتلفظ التشدد والعنف، فضلاً عن أنها حاضنة لأفراد المذهبين السني والشيعي، الذين يعيشون على تراب هذا البلاد في تآخٍ وتراحم وود.
وجاءت تصريحات ولي العهد بمثابة إشارة إلى أن المملكة بعيدة كل البعد عن التشدد، وإلا لما اتبعت آراء المذاهب الفقهية الأربعة "الحنبلية، الحنفية، الشافعية، والمالكية"، للتخفيف عن المسلمين في أمور دينهم ودنياهم.
وقد أراد سمو ولي العهد، في الحوار الذي أجراه مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، أن يبعث برسائل "مهمة" و"عاجلة"، إلى العالم أجمع، عنوانها الأبرز أن "المملكة التي تتغير، هي دولة معتدلة ومتسامحة إلى أقصى مدى".
ولم تقتصر هوية التغيير الذي تشهده المملكة، في إحدى رسائل ولي العهد، على الجانب الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي فحسب، وإنما هو تغيير كبير وعميق، وصل إلى آلية التفكير، ونمط التعاطي مع القضايا الفكرية، وتعزيز الانفتاح على الآخر، وتعميق التآلف والتآخي والتسامح بين كافة الشعوب، على مختلف أديانها ومعتقداتها ومذاهبها، مع التمسك في الوقت نفسه بثوابت المجتمع السعودي المسلم والمحافظ.
وسعى الأمير محمد بن سلمان، الذي يزور الولايات المتحدة الأمريكية حالياً، إلى تصحيح معلومات خاطئة واعتقادات ما زالت راسخة لدى بعض الأفراد في الغرب، بأن المملكة تميل إلى التشدد الديني من بوابة "الوهابية"، وأنها تدعم أفراده.
وأكد الأمير "محمد" للجميع بأن "الإسلام" يعني "السلام"، في إشارة جلية على أن المملكة العربية السعودية، باعتبارها أكبر دولة مسلمة وهي مهبط الوحي، فهي داعية إلى السلام، ومنفتحة على الديانات والثقافات الأخرى، وترحب بالحوار بينها، لترسيخ التآلف والمحبة والتسامح بين أفرادها، وأن دولة هذه صفاتها في التعامل مع الشعوب الأخرى، من المستحيل أن تدعم التشدد بأي شكل من الأشكال.
وخلال الشهر الماضي، أراد ولي العهد أن يترجم رسالة "اعتدال المملكة، وحرصها على تعزيز التآخي والتقارب بين الديانات والثقافات" بشكل عملي، وعلى أرض الواقع، وذلك من خلال زيارتيه إلى مصر وبريطانيا، حيث زار في الأولى "مصر" البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية في مقره بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وهي أول زيارة من نوعها لمسؤول من المملكة.
وفي بريطانيا، التقى ولي العهد رئيس الأساقفة جاستن ويلبي، وجرى خلال اللقاء، التأكيد على أهمية دور الحوار بين مختلف الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والسلام لشعوب المنطقة والعالم.
وكانت هاتان الزيارتان محل ترحيب وتأييد كبيرين من دول وقادة العالم والمؤسسات الدينية على مختلف توجهاتها، التي رأت أن المملكة دولة تحترم الأديان السماوية، وتدعم وترحب بالحوار بين أصحاب هذه الأديان، للوصول إلى صيغة للتعايش المشترك والبناء فوق هذا الكوكب.
وكان للاعتدال والوسطية والتسامح الديني، التي تنعم بها المملكة، منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز وجه آخر، ودليل عملي لا جدال فيه، استشهد به ولي العهد في حواره مع المجلة الأمريكية، عندما قال: "لدينا في المملكة العربية السعودية مسلمون سُنّةً وكذلك لدينا مسلمون شِيعة"، يعيش الجميع في تآلف وتفاهم تام، وهو ما يؤكد لمن يهمه الأمر بأن المملكة رغم أنها سنية، إلا أنها ترحب بالتعددية المذهبية على أرضها ولا ترى فيها غضاضة، وتتعامل بشكل حضاري وإنساني نبيل مع أبنائها من الشيعة"، مُذكرًا الجميع بأن أكبر جامعة في المملكة يرأسها أكاديمي شيعي.