تستضيف الهند قمة العشرين، أضخم اقتصاديات العالم، الشهر المقبل على وقع حروب وانقسامات، وفي أجواء دولية تسودها الاستقطابات السياسية، وبروز قوى على حساب أخرى.. فالصراع الروسي-الأوكراني وتعقيداته، والأزمات التي تعصف بالوطن العربي، ألقت بظلالها على الاستقرار العالمي.. إلى جانب وجود مخاطر عالمية أخرى، تهدد أمن الملاحة البحرية وناقلات النفط، وكذلك التجارة الدولية والتضخم المعيشي الذي تكافحه الدول.
وفي اجتماعات القمم السابقة كانت هذه المخاطر على طاولة النقاش؛ فالإنسان والاقتصاد ضمن أهم محاور اللقاءات، كذلك الصحة العالمية، وتقلبات المناخ، وازدياد الاحتباس الحراري، نالت نصيبها من التوصيات.
لقد التزمت السعودية بما خرجت به بعد استضافتها المجموعة عام 2020 والوباء يحاصر العالم. "كورونا" الفتاك جعل السعودية تحافظ على سوق النفط من آثار الإغلاق العالمي وتدهور قطاع السياحة والطيران؛ فوازنت بين حجم الطلب والإنتاج في معادلة دقيقة، يصعب تطبيقها، وأعلنت مجموعة العشرين في ذلك العام عقد اجتماع افتراضي استثنائي عن بُعد لوزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين؛ لتعزيز الحوار والتعاون العالميَّين الهادفَين إلى تحقيق وضمان استقرار أسواق الطاقة، الذي بدوره سينعكس على نمو الاقتصاد العالمي.
وبناء على ما سبق فقد أعلن وزراء طاقة مجموعة العشرين حينذاك عزمهم على اتخاذ إجراءات لضمان التوازن في سوق النفط؛ فحققت السعودية هذا النجاح من خلال خبرة عريضة في تكتل أوبك، واستطاعت قيادة القمة في وضع حرج كارثي، وقدمت الدعم للدول الفقيرة، وتسهيلات تأمين اللقاحات. فيما نجحت المنظمات الإنسانية والبيئية والمالية المدعوة لقمة الهند في معالجة الكوارث البشرية، وخصوصًا في الدول الفقيرة.
ولمنظمة الأمم المتحدة جهود دولية لمراقبة الأوضاع الإنسانية في البلدان النامية والفقيرة، وتعمل على مسارات متعددة، تهتم بالإنسان.. وعملت خلال عمر تجاوز 50 عامًا بشعار "الكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة"؛ ففيها المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهو قلبها النابض لتحقيق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية). وكذلك برنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب)، وهو السلطة البيئية العالمية الرائدة. وتتلخص مهمة البرنامج البيئي في وضع جدول الأعمال البيئي العالمي، وتعمل كمحامٍ رسمي عن البيئة العالمية.
وعلى مسار موازٍ، يرى صندوق النقد والبنك الدولي ثلاثة محاور مهمة، هي: تعزيز التعاون النقدي الدولي، وتشجيع التوسع التجاري والنمو الاقتصادي، وتخفيف السياسات المهددة للاستقرار. وتعمل الدول الأعضاء في الصندوق لتحقيق الأهداف. ويتعاون الصندوق مع الهيئات الأخرى لتحسين حياة السكان.
هذا، فيما تُعنى منظمة الصحة العالمية التي تتخذ من جنيف مقرًّا لها، وتأسست عام 1948، بالعمل في مجال الصحة العامة، وهو التاريخ الذي أصبح يُعرف بيوم الصحة العالمي. ويعمل موظفو المنظمة من خلال المكاتب الموجودة في أكثر من 150 دولة مع الحكومات والشركاء الآخرين؛ لضمان تمتع جميع الناس بأعلى مستويات الصحة. وتكافح المنظمة الأمراض المعدية، وتسعى لتعزيز الصحة العامة في المجتمعات والدول، وتنشر ثقافة الحد من ملوثات المناخ وسلامة الطعام.
أما منظمة التجارة العالمية فقد وُلدت عام 1995 لتصبح بديلاً عن الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات)، وهدفها يتركز حول التجارة بين الدول، ومراقبة الالتزام بشروطها.
كما يبرز من بين المدعوين للقمة منظمة العمل الدولية، وقد انطلقت عام 1919، وتعمل على تحقيق أربعة أهداف محورية، أولها ضمان احترام الحقوق الأساسية في العمل، والمساعدة على توفير العدالة في الشواغر الوظيفية القيادية بين الجنسين، وضمان الحماية الاجتماعية لكل العاملين، وتقوية الحوار بين مختلف الأطراف المهنية. في حين يقوم مجلس الاستقرار المالي الذي تأسس عام 2009، وهو جهة دولية تراقب وتقدم التوصيات بشأن النظام المالي العالمي، بالتنسيق بين عمل الهيئات المالية المحلية وهيئات وضع المعايير الدولية؛ لرسم سياسات تنظيمية إشرافية، ترتبط بالقطاع المالي.. وصولاً لدور منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي كيان دولي، يعمل على بناء السياسات المثلى لحياة جيدة من خلال رسم استراتيجيات تنشر الرخاء، وتساوي بين الناس، وتزيد من فرص الرفاهية من خلال العمل مع صانعي القرارات والحكومات والمواطنين.
ستعمل قمة الهند بشكل أساسي على ثلاثة مسارات، هي: مجموعة المشاركين. وتقدم هذه المجموعة التي تتكون من مشاركين غير حكوميين توصيات إلى قادة مجموعة العشرين، وتساهم في عملية صنع السياسات.
فيما يبرز المسار المالي، ومن مهامه مناقشة مسار التمويل لمجموعة العشرين وقضايا الاقتصاد الكلي العالمية، من خلال اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية ونوابهم، واجتماعات مجموعات العمل المختلفة.. ويتناول التوقعات الاقتصادية العالمية، ورصد المخاطر الاقتصادية العالمية.
وأخيرًا، أو ثالثها، مسار شيربا، ومن خلاله ستجتمع 13 مجموعة عمل ومبادرتان تحت رئاسة الهند؛ لمناقشة الأولويات، وتقديم التوصيات.