كسوف تاريخي للشمس غدًا.. والفلكيون يترقبون ويحذّرون

"الهفوف" أفضل مدينة لمشاهدة "حلقة النار".. هكذا ستظهر
كسوف تاريخي للشمس غدًا.. والفلكيون يترقبون ويحذّرون
تم النشر في

يشهد العالم أجمع ودول الخليج العربي بشكل خاص وبالأخص المملكة، ظاهرة فلكية نادرة، مع إشراقة يوم غد الخميس، تتمثل في كسوف شمسي تاريخي من النوع الحلقي، الذي يندر تكراره بشكل دائم على أي منطقة؛ حيث يقع القمر أمام الشمس، ويكون قطره الظاهري أصغر من قُطر الشمس الظاهري بقليل؛ فيحجب الشمس ويبقى منها قطعة محيطة بالقمر على شكل حلقة مضيئة؛ ولذلك يسمى بالكسوف الحلقي.

ويترقب الفلكيون تلك الظاهرة النادرة؛ حيث استعدوا لمتابعتها بوسائل التقنية الفلكية المتاحة لديهم والتي تمكّنهم من رصد الحدث.

من جهته قال رئيس جمعية "آفاق" الفلكية بالطائف الدكتور شرف السفياني، في حديثه لـ"سبق": تلك الظاهرة تتمثل في كسوف حلقي تاريخي ويسمى "كسوف حلقة النار"، لم يحدث مثله منذ 97 عامًا؛ حيث كان آخر كسوف من هذا النوع في عام 1922، ولن يحدث مثله إلا في عام 2049؛ أي بعد مرور 30 عامًا.

وأضاف السفياني: لكسوف الشمس ثلاثة أنواع (كسوف جزئي، وكسوف حلقي، وكسوف كلي)، والبعض يضيف نوعًا رابعًا يسمى الهجين. والفرق بين الحلقي والكامل أو الكلي؛ أن الحلقي يختفي فيه كامل قرص الشمس ماعدا حوافها الخارجية تبقى مضيئة؛ بينما في الكلي يختفي كامل قرص الشمس وتصبح مظلمة تمامًا.

وأردف: سبب ظاهرة الكسوف، وقوعُ القمر بين الأرض والشمس، وتكون الأجرام الثلاثة كلها على استقامة واحدة؛ فعندما يكون القمر بين الأرض والشمس على استقامة واحدة وفي أبعد نقطة عن الأرض أو قريبة من الأوج؛ يكون قُطره الظاهري أصغر من قطر الشمس الظاهري؛ فلا يحجب كامل قرص الشمس، وتبقى حوافها الخارجية مضيئة على هيئة حلقة من الضوء، وهذا ما يسميه العلماء كسوفًا حلقيًّا، أما في الكلي فيكون القمر في أقرب نقطة من الأرض أو في أقرب نقطة من الحضيض؛ وبالتالي يكون قُطره الظاهري مساويًا تقريبًا لقطر الشمس؛ فيحجب كامل قرصها ويختفي ضوؤها تمامًا، ويتحول النهار إلى ظلام، وتبدأ الحيوانات والطيور بالعودة إلى مساكنها ظنًّا منها أن الليل قد بدأ.

وقال السفياني: سيغطي المسار المركزي للكسوف شريطًا ضيقًا من الأرض يبلغ عرضه حوالى 155كم، كل من يتواجد داخل هذا الشريط من الراصدين وقت حدوث الكسوف سوف يشاهدون احتجاب كامل قرص الشمس خلف القمر، أما السكان المتواجدون خارج هذا الشريط من الأرض فسوف يشاهدون كسوفًا جزئيًّا للشمس؛ فكلما كان الراصد قريبًا من هذا الشريط؛ كانت نسبة الكسوف الجزئي عالية، وكلما كان أبعد عن هذا الشريط كانت نسبة الكسوف أقل.

وأضاف: إذا تأملنا الكسوف الحلقي غدًا الخميس على السعودية؛ سنجد أن الشريط المركزي للكسوف يمر من منطقة الأحساء وتحديدًا مدينة الهفوف؛ وبالتالي تكون هي أفضل مدينة لمشاهدة "حلقة النار" كما يطلق عليها أحيانًا.

وأردف السفياني: بالنسبة لبقية مدن السعودية؛ فيكون الكسوف عليها جزئيًّا؛ فكلما ابتعدنا عن مدينة الهفوف، قلّت نسبة الكسوف الجزئي؛ ففي مكة تشرق الشمس الساعة 6:56ص ونسبة الكسوف 44٪، وينتهي الساعة 7:39ص. وفي العاصمة الرياض تشرق الشمس الساعة 7:45 ص في وضع الكسوف بنسبة 88.6٪ ينتهي الحدث الساعة 7:47.

وتنظم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء، بالتعاون مع أمانة محافظة الأحساء وجامعة الملك فيصل وجامعة المجمعة، فعاليات ثقافية وعلمية، ومخيمًا فلكيًّا في جبل الأربع بالأحساء؛ من أجل توفير المكان المناسب للهواة والمختصين من حضور ورصد هذا الحدث الفلكي البارز.

وستكون جمعية "آفاق" لعلوم الفضاء بالطائف، من ضمن الحضور والمشاركة في هذا الحدث التاريخي، وستقدم الجمعية للحضور النظارات العلمية الخاصة بمشاهدة الكسوف مجانًا لجميع الحضور.

وستقيم الجمعية فعالية أخرى بمدينة الطائف في فندق أوالف إنترناشيونال "برج مشروع قلب الطائف" في الدور "30"، والدعوة عامة للحضور، وحذّرت الجمعية من خطورة النظر إلى الشمس مباشرةً بدون فلاتر خاصة تقي من أشعة الشمس؛ مؤكدةً أن النظر إلى الشمس مباشرةً يؤدي إلى أضرار بشبكية العين وقد يسبب العمى.

وقالت: هناك وسائل غير فعالة تمامًا مثل استخدام ورق الأشعة XR أو الزجاج المدخن أو أوراق التظليل أو أقراص وسيديهات الكمبيوتر؛ جميعها وسائل غير آمنة تمامًا؛ لذا ننصح كل من يريد مشاهدة هذا الحدث من خلال العين باستخدام الفلاتر الخاصة لمثل هذه الحالة.

يشار إلى أن الجمعية ستقوم ببث مباشر لهذا الحدث الفلكي البارز؛ من خلال صفحتها الرئيسية على تويتر @hsss_sa.

وحول تلك الظاهرة، أوضح أيضًا مدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عودة، أن المناطق التي ستشاهد الكسوف الحلقي تقع داخل شريط ضيق قطره نحو 155كم يبدأ من شرق السعودية مرورًا بقطر، ثم الإمارات، ثم سلطنة عمان، ثم يكمل مساره في المحيط الهندي، وفي حين أن أجزاء من هذه الدول ستشاهد الحدث ككسوف حلقي؛ إلا أن باقي مناطق الخليج ستتمكن من رؤيته ككسوف جزئي.

وأكد المهندس "عودة" أن مركز الفلك الدولي برعاية وكالة الإمارات للفضاء؛ سينظم رصدًا جماهيريًّا عامًا لرصد الظاهرة من إحدى أنسب المناطق في الدولة التي ستشهد الكسوف الحلقي؛ وذلك في فندق "تلال ليوا" الواقع في منطقة الظفرة، وسيبدأ الرصد من الساعة السادسة والنصف وحتى نهاية كسوف الشمس، وسيوفر المركز للمشاركين نظارات الكسوف الخاصة، إضافة إلى تلسكوبات شمسية خاصة.

وأشار "عودة" إلى أن المناطق التي ستشهد الكسوف الحلقي، ستتمكن من رؤية ومتابعة ظواهر نادرة ومميزة؛ فعند اكتمال ونهاية الكسوف الحلقي يمكن رؤية ظاهرة تسمى حبيبات بيلي؛ فحواف القمر ليست حادّة بل عبارة عن تعرجات ونتوءات بسبب جبال ووديان القمر التي تقع على حافته، فعند اكتمال الكسوف الحلقي تصل أشعة الشمس إلينا من خلال وديان القمر؛ وبالتالي تظهر حبيبات مضيئة على حافة القمر.

وواصل بقوله: بالنسبة للمناطق التي تشهد كسوفًا حلقيًّا أو كسوفًا جزئيًّا بنسبة عالية؛ فعند حجب نسبة كبيرة من أشعة الشمس يبدأ لون وشدة لمعان السماء بالاختلاف، وتصبح الظلال أكثر حدة، لدرجة أنه يمكن ملاحظة ظل شعر الرأس بشكل حاد، وهذا التغير يؤدي إلى التأثير على سلوك بعض الحيوانات. وعندما تحتجب الشمس بنسبة عالية جدًّا، تنخفض الحرارة، وهذا قد يؤثر على الغلاف الجوي وذلك بشكل طفيف على سرعة واتجاه الرياح. وعندما تكون نسبة الكسوف الحلقي عالية يمكن رؤية ألمع الكواكب مثل الزهرة والمشتري وقت الذروة؛ إلا أن هذا غير متوقع في هذا الكسوف.

وتابع "عودة": وبالنسبة للمملكة العربية السعودية؛ فإن الشريط الضيق للكسوف الحلقي سيبدأ من غرب مدينة الهفوف، ويتجه نحو الساحل الشرقي باتجاه قطر. وستكون نسبة الكسوف في مدينة الرياض 87% وفي مدينة جدة 39%. وقد كان آخر كسوف حلقي شهدته المملكة عام1922م وسيكون المقبل عام 2049م بمشيئة الله.

وحذّر "عودة" من النظر مباشرةً نحو الشمس وقت الكسوف؛ فذلك قد يؤدي إلى تلف في العين قد يصل إلى درجة العمى الدائم.

بدوره حذر الباحث الفلكي "ملهم بن محمد هندي"، عضو الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء عضو رابطة التلسكوبات السعودية وفريق سديم الفلكي، من خطر النظر للكسوف الشمسي إشراقة غدًا الخميس بدون وسائل حماية؛ لتجنب الأخطار المترتبة من النظر للشمس فترات طويلة، وعدم استخدام الوسائل غير المناسبة التي قد تزيد من الأخطار الصحية على العين، بعد أن كان قد طالب الجهات المعنية، مثل وزارتي "الصحة والإعلام"، بتكثيف الحملات الإعلامية التوعوية عبر الوسائل المتاحة كافة.

وأشار "هندي" إلى أن أفضل الوسائل هي استخدام النظارات الخاصة بالكسوف. وبالنسبة للمنظار أو الكاميرات يجب استخدام الفلاتر والمرشحات الخاصة للشمس، أو استخدام طريقة إسقاط صورة الشمس على لوح.

وقال الفلكي "هندي": "كون الحدث استثنائيًّا ولافتًا للأنظار؛ سيجعل كثيرًا من الناس تشهد الكسوف وترصده، إما بالعين أو بوسائل الرصد المختلفة. وتحمل الشمس أشعة مختلفة ضارة على العين، وتزيد الخطورة عند استخدام عدسات تزيد من تركيز تلك الأشعة الضارة والحارقة".

وأضاف: "خلاف المُشاع أنه أثناء الكسوف تتكون أشعة خاصة مضرة، فالأشعة الضارة من الشمس دائمًا موجودة، ولكن غالب الناس بسبب سطوع الشمس، ولا يوجد ما يلفت نظرهم لها، لا ينظرون أو يحدقون بها. أما أثناء الكسوف فيكون هناك سبب لنظرهم للشمس والتعرض لأخطارها".

يشار إلى أن وزير التعليم، الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، وجّه بتأخير اختبارات الطلاب والطالبات في جميع مدارس السعودية يوم غد الخميس إلى الساعة التاسعة صباحًا بسبب ظاهرة كسوف الشمس؛ حرصًا على سلامتهم وسلامة منسوبي المدارس، كما وجّه الجامعات بما تراه مناسبًا حيال ذلك؛ وفقًا لما أعلنته المتحدثة باسم الوزارة.

وجاء في البيان تفصيلًا: "تشهد سماء السعودية مع شروق شمس يوم الخميس كسوفًا حلقيًّا نادرًا للشمس، يبدأ من الساعة الـ05:30، وينتهي عند الـ07:45 صباحًا تقريبًا.. ونظرًا لتزامن ظاهرة الكسوف مع توجه الطلاب والطالبات للمدارس لأداء اختبارات منتصف العام الدراسي يوم غد الخميس، وحرصًا على سلامتهم من النظر إلى الشمس بشكل مباشر بالعين المجردة، وخشية تعرض العين لجرعات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية؛ مما قد يتسبب في النظر لفترة طويلة في حدوث إصابات في العين، مثل حدوث حروق بمركز الإبصار.. فقد وجّه وزير التعليم بتأخير موعد بدء الاختبارًات يوم الخميس إلى الساعة التاسعة صباحًا في جميع مدارس السعودية، متمنيًا السلامة لجميع الطلاب والطالبات، ولمعلميهم والإداريين، مع تأكيد التوعية حول مخاطر ذلك للعموم، وأن تتخذ الجامعات ما تراه مناسبًا لمنسوبيها".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org