شرعت المملكة الكثير من القوانين والتشريعات التي تحمي المرأة من العنف؛ كقانون التحرش وقانون الحماية من الإيذاء، والعديد من التشريعات التي أنصفتها، وأظهر استطلاع للرأي قدمه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام، أن المرأة تتعرض لعنف نفسي بشكل أكثر، يليه العنف الجسدي.
وعن أسباب العنف والقضاء عليه ، قالت استشارية طب الأسرة الدكتورة لمياء عبد المحسن لـ"سبق": إن العنف موجود حَتْىّ لو كان هناك قوانين تُجرمه، فهناك ممارسات سلطوية يمارسها الأقوى، فمثلاً العنف الأسري والعنف ضد المرأة، ولا يشترط أن يكون من رجل قد يكون من إمرأة وقد يكون خارج نطاق الأسرة؛ كالعنف المهني والتعليمي، وهناك جوانب كثيرة تبرر وجود العنف حَتْىّ لو لم يكن مشرعًا".
وعن الأسباب تبين "عبدالمحسن" قائلة: "من المتوقع أن يكون هناك مقاومة ضد التغير الذي حصل مع تمكين المرأة وإعطاء المرأة عدة حقوق، فلاحظنا هذا الشيء عندما تختار المرأة اختيارًا تواجه تنمرًا اجتماعيًّا، وإذا لم تجد أي دعم أسري قد تتعرض لعنف يهدد حياتها على الرغم من وجود القوانين التي أنصفت المرأة".
وتضيف: "المشكلة موجود بالأسرة، وأيضاً المجتمع الذي يبرر العنف ضد المرأة بسبب العادات والتقاليد، وأيضاً يبرر العنف تجاه المرأة، السلطوية الموجودة وعدم المساواة في الحقوق الذي يبرر للرجل العنف تجاه المرأة، كما هناك عنف وسلطة الأم، وزوجة الأب والحماة ضد المرأة فهناك امرأة تُعنف امرأة أيضاً".
وتوضح: "الطرق الفعالة للقضاء على العنف بدون وجود قوانين مُفعلة لمعاقبة المتسبب للعنف؛ لن تستطيع التحرك؛ بل ستزداد الشكاوي دون حل وعلاج، فنحن بحاجة لتكثيف التوعية والحلول، ومن ضمن الحلول: إبعاد المعنف عن المرأة، وهنا يجب أن يبعد هو لا تبعد المرأة من بيتها خصوصاً إذا كانت زوجة وأم أطفال".
ونوهت "عبدالمحسن" إلى أنه يجب أن تكون هناك آلية لبقاء المرأة في منزلها، وتقنن دور الإيواء على النساء اللواتي لا يجدن منزلًا مستقلًّا لو كانت فتاة أو سيدة لا تملك منزلًا، فيوفر لها دور إيواء مناسبة تسمح لها بالعمل والخروج لتامين مستقبلها.
وتتابع: "لا بد أن يُلزم المعنف بحضور دورات تدريبية وإرشادية للتحكم بالغضب حَتْىّ يتم تقويمه، فنحن نسعى لجمع رباط العائلة فهم أسرة بالنهاية، واليوم يعتبر العنف مشكلة أسرية وليس مشكلة جنائية مهما كان تضرر المرأة المصابة".
وأردفت: "أحد الأشكال للقضاء على العنف مواكبة التوعية وتعزيزها بالتشريعات التي تحمي المرأة من العنف وإبقاؤها في منزلها وتأمين دور إيواء لائقة لمن لا تمتلك منزلًا أو أسرة تتيح لها العمل، كذلك لا بد من تأهيل الأطفال المعنفين أو من عاشوا بجو معنف فهم يتأثرون بذلك، إما أنهم يتقبلون العنف وأنه أمر طبيعي، أو يدخلون بمشاكل نفسية بحاجة إلى التأهيل عندما يتعرضون للعنف وكيف يحمون أنفسهم دون الاعتداء على الآخرين".
من جهته ، قال الباحث الاجتماعي عبدالرحمن القراش لـ"سبق": "تختلف ممارسات العنف ضد المرأة بحسب الثقافات والمفاهيم والبيئات، ولكن في المحصّلة يمكن تعريفه بأنّه: كل فعلٍ يتسبب للمرأة بالأذى الجسدي أو النفسي سواء كان داخل الأسرة أو العمل".
وتابع: "تشمل ممارسات العنف: الضرب ، الإهانة ، الاستغلال المادي ، الحرمان من الحق الشرعي ، التحرش ، التخويف ، الحرمان من التعليم والتوظيف، الإجهاض الإجباري، التهديد".
وبين: "نفّذ مركز الاستطلاع الوطني بالشراكة مع برنامج الأمان الأسرى، استطلاعاً حول العنف ضد المرأة وبرامج التمكين الخاصة بها ، فأفاد أنّ 83% من المشاركين يرون أنّ منزل الأسرة هو أكثر الأماكن التي تتعرض فيها المرأة للعنف، وكان الزوج بنسبة 73% هو المسؤول عن ذلك. وكانت النسبة على النحو الآتي: 46.5% عنف نفسي، 26.8% إهمـال، 13.3% عنف جسدي، 12.4% استغلال ،1.0% أخرى".
وأضاف: "بالرغم من أنّ القانون الإلهي قد كفل للمرأة حقوقها في العيش بكرامة، والدولة ساهمت في توسيع دائرة تمكينها، إلا أنّ العوامل الاجتماعية تبقى أقوى أمام تلك القوانين؛ حيث لا يمكن إغفال هذا الجانب، فما زالت تعزز مكانة الرجل وتمنحه الكثير من الفرص والامتيازات؛ لأنّ الرواسب المتوارثة التي تخالف القانون تجد الكثير من الأريحية في التسلّط والتجبّر؛ بسبب أنّ المرأة نفسها قد ساهمت في ذلك من خلال خنوعها وانكسارها وجهلها بحقوقها؛ ظنّاً منها بأنّ ممارسة الرجل للسلطوية نوع من القوامة عليها".
وللقضاء على العنف، دعا "القراش" إلى تضمين مناهج التعليم الصورة الإيجابية للمرأة في المجتمع ودورها الحضاري بالرقي فيه، وإبراز دور المرأة في حياة الناس العامة والخاصة من خلال دورها في المشاركة التنموية، وتصحيح المعلومات الخاطئة عن المرأة من خلال الشرع والقانون والاهتمام بالبرامج التي تساهم في تمكينها وفق القانون الذي يساهم في تقدم المجتمع، وتفعيل دور القانون الذي يحميها من النظرة الاجتماعية القاصرة.