- بعض مشاريع الشباب "التجارية" فشلها أمر طبيعي.. ولا بد من التفكير بموضوعية ووضع قائمة بالمزايا والعيوب قبل إطلاق الفكرة.
- كأس العالم 2034م وإكسبو 2030م تُعبّران عن مكانة السعودية عالميًّا ومستقبلها المشرق وستجلب للسوق السعودي فوائد هائلة.
- الكثير من الشركات تفشل في خدمة العملاء لأنها تعاني داخليًّا من القيادة وسيطرة عقلية العزلة وثقافة اللوم.
- الوعي الذاتي يميز المدير والقائد الاستثنائي عن العادي.. والتعامل بين الرؤساء والمرؤوسين فن" لا يتقنه إلا القليل.
- عقلية التعاون والخروج بالحلول ستساعد رجال وسيدات الأعمال على مواجهة التحديات والعقبات بدلًا من البحث عن المشاكل.
- في تنظيم الفعاليات العالمية لا توجد دولة أخرى أفضل من السعودية قادرة على أداء دور المضيف بنجاح وبراعة واحترافية.
- هذه علامات عدم الكفاءة في العمل.. وهناك مهن ومهارات جديدة دخلت أسواق العمل العالمية ولا بد من التكيف معها.
- أفضل طريقة للتعامل مع الصناعات الجديدة، تعلُّمها؛ فمالك المطعم لا بد أن ينشئ موقعًا على الإنترنت لتلقي الطلبات وتوصيل الوجبات وإلا سيخرج من السوق.
حوار / شقران الرشيدي- سبق- الرياض : يقول خبير التطوير والتدريب وبناء فِرَق العمل، المستشار جمال سعيد: إن التطورات التي شاهدناها في السعودية منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، مذهلة للغاية، ولا مثيل لها في أي مكان آخر، ويعود ذلك إلى الطبيعة الطموحة للرؤية، وحجم المشاريع التي نشأت لدعمها.
ويوصي في حواره مع "سبق" رواد ورجال الأعمال السعوديين بأن يفكروا بموضوعية في مشاريعهم قبل تطبيقها، كوضع قائمة بالمزايا والعيوب المحيطة بالفكرة.
ويشير إلى أن تنظيم السعودية لكأس العالم لكرة القدم 2034م، ومعرض إكسبو الدولي 2030م، وغيرها، تعبّر بشكل واضح عن مكانة المملكة على الساحة العالمية، وسيشعر الناس بأثرها الإيجابي لسنوات عديدة، في ظل الفرص والإمكانيات التي تجلبها هذه الأحداث إلى السوق السعودي.
ويقول: "عندما ننظر إلى المنظمات والشركات التي تفشل في جهودها لخدمة العملاء؛ نجد أن العديد من مؤشرات الأداء الداخلي تعمل بشكل عكسي، بدلًا من التوجه في الاتجاه الصحيح".
ويتناول الحوار عددًا من المحاور المهمة في التنمية والإدارة والتدريب ومشاريع رواد الأعمال، فإلى التفاصيل.
** كخبير في التطوير والتدريب وبناء فِرَق العمل؛ كيف ترى التحولات الأخيرة في مجتمع الأعمال السعودي منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، وما هو المتوقع من رواد الأعمال الشباب؟
التطورات التي شاهدناها في السعودية منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 مذهلة للغاية ولا مثيل لها في أي مكان آخر، خاصة خلال الـ25 سنة الماضية، ويعود ذلك إلى الطبيعة الطموحة للرؤية، وحجم المشاريع التي نشأت لدعمها، والأثر الذي تُحدثه هذه المشاريع على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، ورؤية 2030 ليست مجرد تغيير، إنها تحول عميق لاقتصاد البلاد ليصبح أكثر توازنًا ومرونة واستدامة، وقوة وتنافسية على جميع الأصعدة، ومثل هذا التحول العميق لا يمكن أن ينجح دون تغيير في منظور المواطن؛ لا سيما رجال وسيدات الأعمال، سواء كانوا شبابًا أو كبارًا، والذين يمثلون الركيزة الأساسية في نجاح قصة هذا التحول، وهذا يعني أنه يجب عليهم تبني الرؤية والمشاركة الفعالة، وتقديم أفضل ما لديهم من أفكار وجهود ودعم، وقبل كل شيء، الابتعاد عن التلكؤ أو التخاذل خلال مسار التحول.
وكما هو الحال مع جميع التحولات الكبرى، سنواجه العديد من التحديات والعقبات، وهنا تبرز الحاجة إلى عقلية الخروج بالحلول بدلًا من عقلية البحث عن المشاكل، واقتراح حلول مبتكرة وعملية في الوقت نفسه، وتأخذ في الاعتبار وجهات نظر مختلفة؛ حيث إن التعاون هو المفتاح لتخطي العديد من التحديات التي قد تتواجد في السبيل نحو المستقبل المنشود.
** ما هي أبرز السلبيات التي يرتكبها الشباب عند بداية مشاريعهم التجارية؟
من المشجع للغاية رؤية كيفية تبني الشعب السعودي لرؤية المملكة 2030، وعدد رواد الأعمال الذين أفرزتهم هذه الرؤية منذ انطلاقتها، كلما زرت المملكة لا أستطيع إلا أن أشعر بالحيوية والتفاؤل المنتشر في كل مكان أذهب إليه، ولكن علينا أن نتذكر أنه على الرغم من كل الحماس والتفاؤل الذي أوجدته رؤية 2030، فإن بعض المشاريع لن تأتي بثمارها، وهذا أمر طبيعي، والأسئلة التي يجب أن نطرحها: هل تعلمنا من أخطائنا؟ وماذا يمكننا أن نفعل لتحسين فرص نجاحنا؟ من الطبيعي عندما نكون متحمسين ومتفائلين بفكرة تجارية، أن نبالغ في الإيجابيات، ونتجاهل السلبيات وهذه هي الطبيعة البشرية، وأوصي دائمًا رواد ورجال الأعمال بأن يفكروا بموضوعية في مشاريعهم قبل تطبيقها.. ومن الأشياء التي يمكنهم القيام بها وضع قائمة بالمزايا والعيوب المحيطة بالفكرة، وهذا التمرين بحد ذاته يوسع من منظورهم ويسمح بالتفكير الاستراتيجي، عندما يتعلق الأمر بالمزايا من المهم جدًّا التفكير في نموذج العمل خلف الفكرة؛ أي (كيفية تحقيق الربح، وأي شريحة من العملاء يجب خدمتها، وما الذي يقدرونه، وكيفية الوصول إليهم)، مثل هذه الأسئلة تسمح لرواد الأعمال بتوضيح أهدافهم ونموهم، وكذلك للمستثمرين الذين قد يكونون مهتمين بأفكارهم، ومن المهم التحلي بالصبر والمثابرة خلال العديد من التقلبات، والسعودية استثمرت في بنية تحتية رائعة لدعم رجال وسيدات الأعمال الناشئين من خلال تقديم المشورة والدعم المالي.
** توليتَ في السعودية مناصب قيادية في شركة "بيبسي كولا" العالمية، و"صن ميكروسيستمز" (أوراكل)، و"سيسكو السعودية" وغيرها.. كيف ترى دور القطاع الخاص، وما هي أبرز التحديات؟
من المعروف أن القطاع الخاص هو القلب النابض لأي اقتصاد ناجح، والمصدر الرئيسي للمنتجات والخدمات والحلول المبتكرة، وخدمة العملاء المتميزة، والتنافسية العالمية، والنمو الاقتصادي القوي، وخلق فرص عمل جديدة، والكثير غير ذلك.. وما قامت به السعودية بقيادة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لدعم القطاع الخاص أمر مذهل، لقد زرت العديد من البلدان، وتمعنت في اقتصاداتها، ولكن الدعم الذي تقدمه الحكومة السعودية للقطاع الخاص يعتبر نموذجًا يحتذى به، وهذا يعكس إيمان الحكومة الراسخ بأهمية القطاع الخاص، والدور الذي يجب أن يلعبه في نمو وتنويع الاقتصاد السعودي.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه القطاع الخاص، وأذكر هنا بعضها:
1. بناء منظمة رشيقة قادرة على التعامل والتكيف مع بيئة شديدة التقلب وسريعة التغيير.
2. جذب والحفاظ على المواهب، فالسوق السعودي تنافسي للغاية، والطلب على المواهب السعودية في أعلى مستوياته.
3. تطوير المواهب داخل المنظمة، ومع دخول الذكاء الاصطناعي في مكان العمل، ستزداد وتيرة التحول والتطوير للمهارات إلى مستويات جديدة.
4. تَوفر المواهب، فالمنافسة على المواهب ستشكل تحديًا رئيسيًّا لأصحاب العمل.
5. السرعة التي تغزو بها المنتجات والخدمات الجديدة السوق تجبر العديد من الشركات على مراجعة وتحديث مجموعة منتجاتها وخدماتها بانتظام.
6. التنافسية العالمية، وضغوط التضخم، والاضطرابات الإقليمية؛ تدفع العديد من الشركات إلى مراجعة استراتيجيات التسعير، وسلاسل التوريد واللوجستيات.
7. الجوائح الطبية والكوارث الطبيعية، نستذكر هنا جائحة كورونا "كوفيد"، وأطلب من رجال وسيدات الأعمال أن يبقوا مدركين أن الخبرة التي مررنا بها والتي دامت قرابة السنتين، قد تعود بشكل أو بآخر، وأن يأخذوا بعين الاعتبار هكذا حالات.
** ما هي علامات عدم الكفاءة في العمل؟
الكفاءة هي السمة الأساسية للشخص التي تُمَكنه من تقديم أداء متفوق في كل وظيفة أو دور، والكفاءة بشكل رئيسي مجموعة من المعرفة والمهارات والمواقف التي تؤثر على أداء الفرد؛ لذا عندما نتعامل مع مشكلة تتعلق بنقص الكفاءة لدى شخص ما؛ فإننا ننظر إلى كل عنصر من هذه العناصر، ونسأل: هل يرتبط نقص الكفاءة بنقص المعرفة في مجال معين أم بمهارة يحتاج الشخص المعني إلى تطويرها؟ أو هل يرتبط بالموقف أو العقلية التي يتبناها الشخص في كيفية القيام بالأمور؟
بالطبع، الأسهل إدارةً وحلًّا هو النقص المرتبط بالمعرفة، ويكون التدريب والمتابعة كافييْن؛ أما عندما يتعلق الأمر بتحسين المهارة؛ فيتطلب التدريب والتكليف بمهام أو مشاريع مناسبة، وتقديم الملاحظات والمتابعة.. إلخ؛ لذا فإن تطوير المهارة سيتطلب جهدًا أكبر ومهارات مختلفة.. وأطلب من المديرين والمشرفين أن ينظروا إلى أبعد من الأساليب والتقنيات المعتادة المتعلقة بتطوير المعرفة والمهارات، وأن يوظفوا ويمارسوا مهارات الاستماع الفعال والتوجيه والتعاطف والمتابعة المنتظمة وتقديم الملاحظات، وأن يكونوا أكثر تأثيرًا وإلهامًا مع اهتمام عميق وإيمان بتطوير الأشخاص أو الأفراد.
** تستضيف السعودية أحداثًا عالمية مهمة ككأس العالم لكرة القدم 2034م، ومعرض إكسبو الدولي 2030م، وغيرها.. ما هو الأسلوب الأمثل للاستفادة من مثل هذه الفعاليات وتقديم صورة إيجابية؟
أود أن أغتنم هذه الفرصة لتهنئة المملكة وشعبها على هذه الانتصارات والإنجازات؛ فهي تعبر بشكل واضح عن مكانة المملكة على الساحة العالمية والمستقبل المشرق الذي ينتظرها، وكلا الحدثين يخدمان العلامة التجارية للمملكة، وسيشعر الناس بأثرها الإيجابي لسنوات عديدة، خاصة في ظل الفرص والإمكانيات التي تجلبها هذه الأحداث إلى السوق السعودي، وعلى الصعيد الاقتصادي، وكذلك في قطاعي الرياضة والترفيه.. إذًا فالفوائد هائلة، وللاستفادة من مثل هذه الأحداث، أود أن أقول إن من المهم طرح السؤال التالي على المستوى الفردي أو المجتمعي أو التنظيمي: كيف يمكنني (يمكننا) المساهمة في إنجاح مثل هذه الفعاليات؟ المغزى وراء هذا السؤال هو الدعوة والتحفيز إلى المشاركة، ومن المهم المشاركة واستكشاف الإمكانيات؛ حيث لا يمكننا استكشاف الفرصة والنمو إذا لم نشارك، ولا توجد دولة أخرى أفضل من المملكة قادرة على أداء دور المضيف بنجاح وبراعة واحترافية.
** ما هي المهن والمهارات الجديدة التي دخلت أسواق العمل العالمية، وكيف يمكن مواجهتها؟
سؤال مهم جدًّا. لقد دخلت العديد من الوظائف الجديدة إلى السوق في السنوات الـ25 الماضية؛ لكنني أود أيضًا أن أضيف أن العديد من الوظائف الجديدة قد انبثقت وتطورت من وظائف كانت موجودة من قبل، نظرًا للتغيرات السريعة في التكنولوجيا، والمتطلبات والإجراءات الحكومية، وديناميكية السوق، والاتجاهات والمنحنيات الاجتماعية، وما إلى ذلك.. تطورت العديد من الوظائف وتبنت أسماء أو ألقابًا جديدة. على سبيل المثال كانت البرمجة كوظيفة شائعةً جدًّا، ومع ذلك ومع التقدم في تقنيات تطوير البرمجيات، والتحولات في منصات البرمجة، والتغيرات في سلوكيات المستهلكين وتفضيلاتهم عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التكنولوجيا؛ ستجد أن المبرمج أصبح الآن مطور تطبيقات؛ لذلك لم تختفِ بعض الوظائف بالفعل، بل تطورت.
من ناحية أخرى، نجد أن العديد من الصناعات قد تم ابتداعها أو إنشاؤها، وهذه الصناعات والقطاعات الجديدة تتطلب خبراءها، والمتخصصين، والمديرين، والمشرفين، والمطورين، وما إلى ذلك.. وتشمل هذه الصناعات الجديدة: السفر إلى الفضاء، والعملات المشفرة، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والهواتف الذكية، والسيارات الكهربائية، والروبوتات، والطاقة الشمسية، وإدارة الاستدامة والبيئة، والألعاب الإلكترونية الجماعية، والتجارة عبر الإنترنت، ومنصات تجمعات الأعمال، إلخ، والتي دخل العديد منها في الاقتصادات العالمية في العقدين الماضيين.
وأفضل طريقة للتعامل مع هذه الصناعات الجديدة هي التعرف عليها وتعلمها والتكيف معها، وإذا فكرنا في الإمكانيات التي قد تجلبها هذه الصناعة الجديدة إلى صناعة تقليدية أو قائمة؛ فسنبدأ في رؤية فرص النمو، وإليك مثالًا بسيط جداًّ: كمالك مطعم اليوم، من الضروري أن تنشئ موقعًا على الإنترنت، لتلقي الطلبات وتوصيل الوجبات إلى المكان المطلوب من العملاء؛ حيث يفضل العديد منهم تناول طعامهم في المنزل أو في العمل، إذا لم يتفاعل مالك المطعم مع هذه النظم الجديدة فسيحدّ من فرص النمو، ويقلّص حجم الفئة الاستهلاكية المستهدفة، أو حتى الخروج كليًّا من السوق.
** يعد التعامل مع الرؤساء والمرؤوسين "فنًّا" لا يتقنه إلا القليل، فما هي المهارات المطلوبة لتحقيق ذلك في بيئات العمل؟
هذا أحد مواضيعي المفضلة، وأجد أن العديد من المديرين والمشرفين يواجهون صعوبة في إيجاد التوازن عندما يتعلق الأمر بإدارة رؤسائهم ومرؤوسيهم، فالقصة لا تنتهي هنا؛ حيث نحتاج أيضًا إلى إدارة زملائنا في العمل، وإدارة أنفسنا، وأود أن أؤكد أن الإدارة الذاتية هي الأهم، وللأسف تحظى بأقل قدر من الاهتمام، وبناءً على تجربتي الشخصية، وبالرجوع إلى العديد من الدورات التي نقدّمها في التدريب والاستشارات، أود أن أقول إن واحدة من أهم المهارات التي يجب على المدير اكتسابها لإدارة بيئة العمل، أن يكون واعيًا لذاته وسلوكياته، ولقد كنت على حق في سؤالك: عندما قلت إن قلة قليلة فقط يتقنون فن التعامل مع رؤسائهم ومرؤوسيهم؛ وذلك لأنهم يجدون الوقت للتفكير في أنفسهم وسلوكياتهم، واكتساب البصيرة في نقاط قوتهم وضعفهم، وصقل نقاط القوة، والعمل على تحسين النقاط الضعيفة، والوعي الذاتي؛ وهو ما يميز المدير أو القائد الاستثنائي عن المدير أو القائد العادي.
** توليتَ مناصب قيادية في شركات متعددة الجنسيات في آسيا وإفريقيا وأوروبا؛ فما هي ميزة العمل في مثل هذه الشركات، وما هي أهم الفوائد المكتسبة منها؟
أعتبر نفسي محظوظًا للغاية لأنني عملت في عدة شركات دولية رائدة، وأشجع زملائي السعوديين والسعوديات الذين يبحثون عن فرص العمل بأن ينظروا إلى ما توفره مثل هذه الشركات. هناك العديد من الفوائد التي يمكن أن يحصل عليها الموظف عند العمل في مثل هذه الشركات العالمية. وأذكر هنا بعض هذه الفوائد كالتنوع الثقافي، لأنه يساعدنا على أن نصبح أكثر تسامحًا مع الآخرين، ويحسّن مهاراتنا في التواصل، ويعلمنا عن الثقافات الأخرى، ويعزز مهاراتنا في التعاون، إلخ. كذلك من الفوائد إدارة الأشخاص من خلفيات مختلفة؛ حيث يرفع من مهاراتنا الإدارية، ويحسّن من موضوعيتنا في اتخاذ القرارات، ونصبح أكثر تقديرًا لجهود وأداء الآخرين بغضّ النظر عن الخلفية التي يأتون منها. وأيضًا اكتشاف العالم، فالعمل في شركة عالمية ومتعددة الجنسيات يعني أنك من المحتمل أن تسافر إلى الخارج في مهام أو لحضور اجتماعات عمل، وقد يكون هذا أمرًا مثيرًا للغاية لأنه يفتح أعيننا على ثقافات أخرى، ويوسع فهمنا لفرص الأعمال المختلفة، إضافة لوجود فرص مهنية مثيرة وفريدة حيث تتمتع الشركات العالمية بحجمها الكبير في معظم الأحيان، وهذا يعني أنها مليئة بفرص قد لا تكون متاحة في الشركات الأصغر أو المحلية. ثم لدينا وجود عقلية الفوز، فالثقافة داخل الشركات العالمية أو الدولية موجهة نحو الفوز والتنافسية، وهذا شيء اختبرته يوميًّا طوال مسيرتي المهنية مع الشركات متعددة الجنسيات التي عملت فيها.
** يقال إن أكثر من 70% من مشاريع تحول الهيئات والشركات تفشل، فهل هذا يعني عدم القيام بالتحولات؟ أم أن هناك أساليب سليمة يفضل اتباعها؟
أنت محق في أن نسبة كبيرة من المبادرات التحولية داخل الهيئات أو الشركات تفشل.. هناك العديد من الأسباب وراء هذه الإخفاقات؛ بما في ذلك نقص دعم القيادة ورعايتها، ونقص الموارد، ونقص تمكين الموظفين وإشراكهم، ضعف التخطيط، استراتيجية الاتصال غير المناسبة، واستخدام أساليب الإدارة غير الفعالة، وغيرها.
والأهم أنه يجب أن نتذكر أن كل مبادرة تحويلية هي فريدة من نوعها ولا يوجد اثنتان متماثلتان؛ لذا فإن استخدام نهج النسخ واللصق هو وصفة سريعة للفشل، ومن المهم أن نكون على دراية بالمنهجيات المختلفة المتاحة في السوق لإدارة المبادرات والمشاريع التحولية، بغضّ النظر عن النهج الذي تقرر المنظمة اعتماده، من الضروري أن نتذكر أنه ستكون هناك تغييرات؛ حيث ستظهر تحديات جديدة، وستطرح طلبات تغيير جديدة، وسيغادر بعض أعضاء الفريق التأسيسي، ويأتي آخرون مكانهم؛ لذا توفر المنهجية خريطة طريق، ومجموعة من المراحل أو الخطوات الموصى بها لإدارة التحول. ومع ذلك فإن هذه الخريطة ليست ثابتة ويجب أن تكون قابلة للتأقلم، والأمر الرئيسي هنا هو كيفية التعامل مع التحديات المختلفة، مع الحفاظ والتركيز على النتيجة المرجوة وضمان تحقيقها.
قد تحقق العديد من المبادرات التحولية مستوى معينًا من النجاح، قبل أن يتم فرض مسار عمل جديد بسبب قوى أو عوامل داخلية أو خارجية. هذا أمر طبيعي، وهذا ما نراه في السوق اليوم، نادرًا ما تحقق مبادرة تحولية 100% من الرؤية المعلنة؛ حيث إن العالم يتغير باستمرار، ويصبح من الضروري إجراء التعديلات خلال المسار التحويلي.
** هل تتفق مع مقولة: "لا يمكن للشركات تقديم خدمة عملاء رائعة دون أن يكون لديها خدمة داخلية رائعة"؟
لا يسعني إلا أن أتفق تمامًا مع هذه المقولة. المنظمة التي تكون سعيدة وصحية داخليًّا ستتجاوز دائمًا توقعات العملاء. إذًا كيف يمكننا بناء منظمة سعيدة وصحية؟ حسنًا، عندما ننظر إلى المنظمات والشركات التي تفشل في جهودها لخدمة العملاء، نجد أن العديد من مؤشرات الأداء الداخلي تعمل بشكل عكسي؛ بدلًا من التوجه في الاتجاه الصحيح، مثل: عدم استجابة القيادة لاحتياجات المنظمة، سيطرة عقلية العزلة والصومعة بين الأقسام المختلفة، نقص التعاون والتنسيق بين الموظفين، قنوات الاتصال الضعيفة، بطء حل المشكلات التنظيمية، ضعف المهارات والممارسات الإدارية، ارتفاع معدلات فشل المشاريع، ثقافة اللوم التي تحل محل المسؤولية والمحاسبة.. إلخ، كل هذه المؤشرات هي عوامل داخلية؛ مما يعني أنها تحت السيطرة الكاملة للمنظمة لإصلاحها أو تعديلها، وعندما تبدأ هذه المؤشرات في التحسن والتوجه في الاتجاه الصحيح، فهذا يعني أن المنظمة تسير نحو بيئة عمل أكثر صحة وسعادة؛ حيث يتعاون الموظفون، ويدعمون بعضهم البعض، ويحلون المشكلات بمعدل أعلى، ويساهمون بأفكار جديدة، ويحسنون العمليات ويجعلونها أكثر كفاءة، وفي النهاية يؤمنون بأنهم يضيفون قيمة إلى منظمتهم.. كل هذا ينعكس على كيفية تعامل الموظف السعيد مع شكاوى العملاء، واستجابته لاحتياجاتهم، وخدمتهم بطريقة تجعلهم لا يرون ضرورة للتحول إلى منافس آخر.