وزير الإعلام الأسبق "خوجة" "لـ"سبق": عرضنا الأغاني والمسلسلات في التلفزيون فهاجمتنا "الصحوة" بشدة في خُطب صلاة الجمعة

قال: "الكيمياء علّمتني الصبر أثناء التفاعلات فأحياناً الناتج لا يكون متوقعاً.. والصراعات الدولية لا يمكن التنبؤ بنتائجها"
 وزير الثقافة والإعلام الأسبق عبدالعزيز خوجة
وزير الثقافة والإعلام الأسبق عبدالعزيز خوجة
تم النشر في

- منزلنا في مكة كان عبارة عن مدرسة للعلم والأدب.. ووالدتي هي المحفز الحقيقي للإبداع.

- عُلمت بخبر قرار مجلس الوزراء تعييني وكيلاً لوزارة الإعلام من المذياع وأنا أقود سيارتي.

- بعد اعتداء جهيمان ومعاونيه الغاشم على الحرم حصلت نكسة حقيقة في الإعلام وعدنا للوراء كثيرًا.

- عُيّنت سفيراً في تركيا ووجدت السفارة ممتعة وأسهل بكثير من الإعلام.

- هذه حكاية كتابة قصيدة الوجدانية التي غناها محمد عبده بعد لقائي رئيس الوزراء اللبناني "السنيورة" ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

- العالم الأكاديمي كان واضحاً وصادقاً بالنسبة لي بعكس دهاليز عالم الإعلام الجريء المنفتح.

- عندما كنت سفيراً للسعودية في الاتحاد السوفياتي شهدت انهياره وواجهت أموراً صعبة.

- في سابقة تحدث للمرة الأولى تمّت إعادتي أستاذاً في كلية التربية بأمر ملكي.

- الشعر الشعبي يحمل كثيراً من الفولكلور والتاريخ الإنساني ولا أستطيع أن أقول شعراً بغير الفصحى.

يقول الدبلوماسي والشاعر وزير الثقافة والإعلام الأسبق، والسفير السعودي في دول عدة، الدكتور عبدالعزيز خوجة: "حينما ينشأ الإنسان في مكة ويعرف أن أصوله مكيّة عريقة يشعر دون شك بانتماءٍ وفخرٍ، ولا أستطيع أن أقارنها بأي مدينة أخرى".

ويؤكّد في حواره مع "سبق"، إن الكيمياء علّمتني الصبر أثناء التفاعلات، فأحياناً الناتج لا يكون متوقعاً.. والصراعات الدولية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.

وأوضح حكاية كتابته قصيدة "لقاء الساعتين" بعد مقابلة سياسية مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة، عندما كان سفيراً في لبنان، ما يدل على أن القريحة الشعرية لا تنتظر الوقت والمكان المناسبين.

كما تطرق إلى دخوله المجال الإعلامي وكيلاً لوزارة الإعلام للشؤون الإعلامية، والمراحل التي سبقت ترشيحه لهذا المنصب المهم.

ويتناول الحوار عدداً من المحاور الدبلوماسية والإعلامية والشعرية، فإلى التفاصيل:

مكة مهد طفولة

تعد مكة مهد طفولة الدكتور عبدالعزيز خوجة.. ماذا تعني لك مكة المدينة وحاراتها وشوارعها بغض النظر عن قُدسيتها ومكانتها الدينية؛ ولاسيّما أنك زرت مدناً كثيرة قبل أن تستقر أخيراً بمدينة جدة؟

مكة هي الأساس، مكة هي المنشأ، هي الولادة، هي الإقامة، هي الأصل، هي الأهل، وإذا ما ذكرنا مكة يجب ألا ننسى أن مكة هي أقدس بُقعة في العالم كله، فمكة هي الشرف، هي مهبط الوحي، هي ولادة الرسول -صلّ الله عليه وسلم-، هي الحرم الشريف، هي الكعبة، هي مأوى أفئدة العالم كله من المسلمين المنتشرين في كل مكان، حينما ينشأ الإنسان في مكة، ويعرف أن أصوله مكيّة عريقة يشعر دون شك بانتماءٍ وفخر، ولا أستطيع أن أقارنها بأي مدينة أخرى إلا بتوأمتها المدينة المنوّرة، حيث مثوى الرسول -صلّ الله عليه وسلم-.

المحفّز الإبداعي

اسمح لي أن أعود بك لأكثر من 6 عقود كيف كانت طفولتك، وما اهتمامات ذلك الطفل، ومَن يستحق لقب عرّابك والمحفّز الإبداعي لك؟

حقيقةً نشأت في بيئة متوسطة وطيّبة من ناحية والدي ووالدتي، فقد كان منزلنا عبارة عن مدرسة للعلم والأدب، خاصةً من ناحية والدتي، حيث كان جدي لأمي عثمان قزاز، وخالي بكر قزاز، وكان منزلنا في جرول بمكة يحفه كثيرٌ من منازل الأدباء والمفكرين في ذلك الوقت، وكانت لوالدي صداقات عميقة مع مفكرين وأدباء وشعراء ذلك العصر، وكان شقيقي الأكبر يملك بالمنزل مكتبة، وكان لديه أصدقاء كأدباء ومفكرين، وأعتقد أن والدتي -رحمها الله- هي المحفز الحقيقي للإبداع بالنسبة لي ولأشقائي؛ بل اكتشاف المواهب، حيث إنها ساعدتني كثيراً في اكتشاف موهبتي الشعرية، بينما كان والدي يرى ويظن أنني سأصبح ذا شأن في الدولة؛ مما أعطاني الثقة بنفسي والتحفيز العالي وجعلني أنظر للأمام بإيجابية وجسارة عالية، بينما والدتي كانت تعتقد أنني سأكون شاعرًا كبيرًا حيث إنني عندما كنت بالمرحلة الابتدائية أحفظ كثيراً من القصائد والأشعار كقصائد ألف ليلة وليلة وأشعار عنترة، وكانت تسمح لي أن أقولها بالمنزل بصوت عالٍ دون أن يمنعني أو ينهرني أحدٌ، مما جعل هذه الأحداث تترسخ في عقلي الباطن واللاشعور، وأيضاً مدرستي الابتدائية كانت تزخر بمعلمين وأساتذة كُبار جدًا وقد كان لهم الأثر الكبير في تعليمي وإعطائي قواعد اللغة الأصيلة بالنسبة للإملاء والنطق والتجويد، وهذا أعتبره القاعدة الأساس التي ترسخ عليها البناء المعرفي بالنسبة لي فيما بعد.

مَلَكة الشعر

كيف اكتشف الشاعر عبدالعزيز مَلَكة الشعر؟

مثلما أسلفت سابقًا الشاعر يجد نفسه شاعراً ولا يعلم لماذا؟ والشعر عطاء وهبة ربانيّة من الله -سبحانه وتعالى- ويجب على الشاعر حين اكتشافه مَلَكة الشعر أن ينمّي هذه الموهبة والمَلَكة بالاحتكاك مع المثقفين والاطلاع، وربما أنني كنت محظوظاً لأنني وُجْدِتُ في بيئة ثقافية، وأستطيع أن أقول إنني أحسست بأنني شاعر في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث كانت تلفت انتباهي أشياء لا تلفت زملاء الطفولة، كالقمر والبدر في الصحراء، والغابة وأشجارها، وكانوا يقولون لي زملاء الطفولة مازحين: انظروا إلى عبدالعزيز إنه شاعر. واسمح لي أن أنبّه إلى نقطة مهمة وهي أن الشاعر من المهم أن يكون وعاؤه الثقافي ممتلئاً جداً وعريقاً، وأنا -ولله الحمد- أُتيحت لي الفرصة أن أدرس بالخارج في بريطانيا، وأيضا كنت سفيراً في كثير من الدول المهمة؛ كتركيا وروسيا ولبنان والمغرب، وبالطبع كل دولة لها ثقافاتٌ مختلفة وكانت هذه المحطات مناهل عديدة وجداول تنصب في داخلي في اللاشعور وتغذي أفكاري ومعرفتي وحروفي، لذلك من المهم أن يكون الشاعر على اطلاع على الثقافات الأخرى وأدبهم وشعرهم مما يسهم في زيادة مفرداته حتى يتكوّن له أسلوبه الخاص.

قصيدة وجدانية

كيف استطعت كتابة قصيدة وجدانية مثل لقاء الساعتين التي تغنى بها فنان العرب محمد عبده؛ بعد لقاءٍ سياسي مهم مع رئيس الوزراء آنذاك فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عندما كنت سفيراً في جمهورية لبنان؟

حقيقةً بعد نهاية لقائي مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الوزراء فؤاد سنيورة كنت أنوي أن أكتب ما جرى في لقائي معهما ووجدتني أكتب قصيدة لقاء الساعتين حتى إن زوجتي قالت لي مُتعجبةً: هل أنت متأكدٌ أنك قابلت الرئيسين أم أنك ذهبت إلى مكان آخر؟ فقلت لها شاهدي التلفاز وستجدينني معهما في الاجتماع، وأخبرتها أنني كتبت القصيدة بعد الاجتماع مباشرةً، وهذا يدل على أن القريحة الشعرية لا تنتظر الوقت والمكان المناسبين، ويجب أن يستسلم الشاعر لتلك اللحظة؛ لأنها إن ذهبت لن تعود وستذهب لشاعر غيره، وأنا أشبه لحظات الشعر كالجواد الحرور، وأعتقد أنها سوف تذهب لشاعر آخر يكتبها بأسلوبه الخاص وعندها يتحسر الشاعر على تفويت هذه اللحظات الشعرية المفاجئة.

دبلوماسي وإعلامي

حصلت على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا والكيمياء إضافة إلى دكتوراه في الكيمياء، ويبدو أنك من عُشاق الكيمياء رغم إبداعك كدبلوماسي وإعلامي. ما سر عشقك للكيمياء؟ وهل كان للكيمياء أثرٌ في وصولك إلى ما وصلت إليه؟

الكيمياء من أحب المواد لديّ، خصوصاً الكيمياء العضوية، وأعتقد أن الكيمياء هي الحياة نفسها، فالجسم به تفاعلاتٌ كيميائية وتفاعلنا مع البشر هو عبارة عن تفاعلات كيميائية وعلاقاتنا عبارة عن كيمياء، فلربما تجد شخصين بينهما كيمياء عالية وتفاهم كبير دون أن يعرفا أو تعرف السبب، لكن الكيمياء هي سبب هذا التفاهم، وحقيقة الكيمياء علّمتني الصبر أثناء التفاعل الكيميائي، فالكيميائي يجب أن يصبر أثناء التفاعلات الكيميائية؛ لأن التفاعلات الكيميائية تمر بحالة وسطية وهذه الحالة الوسطية يجب على الكيميائي ألا يأخذها كنتيجة نهائية، بل عليه أن يصبر حتى اكتمال التفاعل، وأحياناً الناتج لا يكون متوقعاً، حيث إن الناتج الرئيس للتفاعل قد يمثل 60% فقط، بينما الباقي يكون من النواتج الثانوية التي قد تكون جيدة أو غير جيدة بشكل غير متوقع أبداً، مما يجعلني ككيميائي أُنقي هذه النواتج الثانوية، وأحصل على نتيجة نهائية حسبما أريد، وأيضًا التفاعلات الكونية عبارة عن كيمياء، والصراعات الدولية عبارة عن كيمياء، لا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها، وقد يجتهد المحللون السياسيون في التنبؤ بالأوضاع السياسية مستقبلاً، لكن قد تكون هناك نواتج جانبية لا أحد يتوقعها خصوصاً في هذه الفترة الحرجة التي نعيشها من حرب أوكرانيا والاعتداءات والانتهاكات من قِبل جيش الاحتلال على إخواننا في غزة، وإن العالم يتحرّك بشكلٍ متسارعٍ والتوترات تتصاعد، فخلال الأيام القليلة الماضية حضر عديدٌ من قادة الدول الإسلامية والعربية بدعوة من قيادتنا الحكيمة؛ للاجتماع -بشكل طارئ- في عاصمة القرار الرياض، وأعتبر كأننا في هذه اللحظات في الحالة الوسطية، وننتظر الناتج النهائي لهذه التفاعلات والتوترات، وأسأل الله أن يكون الناتج النهائي خيراً وفي صالحنا تحت ظل قيادتنا الرشيدة، لذلك أقول إن الكيمياء هي أساس كل شيء.

وكيل الوزارة

دخولك المجال الإعلامي وكيلاً لوزارة الإعلام للشؤون الإعلامية، ما المراحل التي سبقت ترشيحك لهذا المنصب المهم؟

أنا شخصياً لم أكن أعلم، فأنا كنت عميد كلية التربية آنذاك في مكة، وكان بها في ذلك الوقت كليتا التربية والشريعة فقط، وقد كنت مع زملائي في كليتيّ التربية والشريعة الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، رحمه الله، والدكتور راشد الراشد، حفظه الله، نحاول تطوير الكليتين إلى جامعة، والحمد لله قد أصبحت في النهاية جامعة أم القرى، فقد كان كل عملي أكاديمياً بحتاً، إضافةً الى عمادة الكلية وكوني أستاذاً للكيمياء لم يكن عندي فكرة على الإطلاق عن الإعلام، أو كيف يُدار الإعلام؟ ولا ماهية الصحافة وكيف تُدار الصحافة؟ وجمعتني اجتماعات، وعلاقة صداقة مع مدير الجامعة الدكتور محمد عبده يماني، رحمه الله، وفي عهد الملك خالد، رحمه الله، أصبح الدكتور محمد عبده يماني وزيراً للثقافة والإعلام، وبينما وأنا أقود سيارتي أستمع للمذياع، فلم يكن هناك في ذلك الوقت هاتف جوّال إذا بي أُفاجأ خلال قراءة قرارات مجلس الوزراء -عبر المذياع- بخبر تعيين الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة وكيلاً لوزارة الإعلام والشؤون الإعلامية، وعندما وصلت إلى منزلي، اتصلت مباشرةً عبر الهاتف الأرضي بمعالي الدكتور محمد عبده يماني، رحمه الله، متسائلاً: ماذا حدث؟ أجابني إجابة مقتضبة صدر الأمر، وغداً يجب أن تحضر إلى الرياض كي تتسلم مهام عملك، وفعلاً ذهبت إلى الرياض، وقد دخلت عالماً جديداً آخر مختلفاً عن العالم الأكاديمي الذي كان واضحاً وصادقاً بعكس دهاليز عالم الإعلام الجريء المنفتح، وثم يصبح لديك بشكل مفاجئ اتصالاتٌ مباشرة مع قيادات ورجالات الدولة، بينما كنت أحلم قبل تركي العالم الأكاديمي أن التقي وزير المعارف آنذاك، فقد كانت نقلة كبيرة في حياتي ومختلفة تمامًا، حيث أصبح العالم كله أمامك وتعلمت بسرعة، ولله الحمد، وأحببت الإعلام وعشقته، وجمعتني علاقات وصداقات طيبة مع رؤساء تحرير الصحف والأدباء والوسط الفني، وكانت الفترة التي تسلّمت فيها وكالة الشؤون الاعلامية فترة صعبة، حيث كانت الحداثة والصحوة والتطرف، وأيضاً كانت فترة غنية بالتجارب، مما أكسبني خبرة جيدة في التعامل مع التحديات. ومن أعظم التحديات التي لا أنساها اعتداء جهيمان على الحرم المكي الشريف، فقد سبقت هذا الاعتداء نقلة نوعية في الإذاعة والتلفزيون، حيث كنا منطلقين بشكلٍ جيدٍ نحو الترفيه لأن الناس كانوا بحاجة في ذلك الوقت إلى الترفيه، ولم تكن هناك وسيلة للترفيه سوى التلفاز والمذياع. وبدأنا بعرض الأغاني والمسلسلات بشكلٍ جيد حتى أصبحت حديث المجتمع ولاقت استحسان المجتمع، باستثناء الصحوة، والهجوم الشديد علينا من قِبلهم، أثناء خُطب صلاة الجمعة. لكن لم نكن نستمع إليهم، وظللنا منطلقين نحو تحقيق الهدف إلى أن حدث الاعتداء الغاشم من قِبل جيهمان ومعاونيه، فحصلت نكسة حقيقة في الإعلام، وعدنا للوراء كثيراً، حيث أصبح التلفاز هزيلاً جداً، وشعرنا حقيقةً بالأسى لهذه النكسة، ثم تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مقاليد الحكم في البلاد، وبعد توليه بعام تمّ إعفاء معالي الدكتور محمد عبده يماني، وتولى وزارة الاعلام معالي الشيخ علي الشاعر، وتغيّر أسلوب الإدارة في الوزارة ذلك الوقت، فقمت بطلب أن أعود أستاذاً للكيمياء مرة أخرى في مكة، وأكرمني خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، رحمه الله، كثيرًا بإعادتي أستاذًا لكلية التربية بأمرٍ ملكي، وكانت هذه سابقة تحدث للمرة الأولى ولم تحدث بعد ذلك، وعدت لمحبوبتي الكيمياء كأنّي لم أغب عنها يومًا واحدًا، وألفت كتاب تفاعلات الكيمياء وميكانيكية التفاعل وكنت سعيداً جداً، وبينما أنا منهمكٌ في الكيمياء والكلية أتاني اتصالٌ مفاجئ من نائب وزير الخارجية عبدالرحمن منصوري، رحمه الله، يخبرني عن رغبة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أن أكون سفيرًا للمملكة في تركيا، وعندما أردت أن أرد عليه أن يمهلني كي أفكر، قاطعني قائلاً: لا تحتاج إلى التفكير فقد صدر الأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، بأن تكون سفيرًا، وكنت أعتقد أنني نُسيت، وسأظل مع محبوبتي الكيمياء ولا سيما بعد أن عدت أستاذاً مرة أخرى بعيداً عن الاضواء رغم استمرار علاقتي وصداقتي برؤساء التحرير والوسط الفني والتقيهم بشكل دوري، وفعلاً ذهبت لوزارة الخارجية وقاموا بترتيب أموري وذهبت إلى تركيا سفيراً، وأنا لا أعلم ما مهمة السفير أو ماذا يفعل السفير؟ فكان هذا العالم نافذة جديدة بالنسبة لي وعالماً جديداً، ولا شك أن خلفيتي الثقافية كشاعر وأكاديمي وإعلامي مُلّم بسياسة المملكة وبما يفكر فيه قادتنا، هذا كان أساساً قوياً ساعدني كثيرًا في مهمتي كسفير. ووجدت السفارة ممتعة وبلا شك كانت أسهل بكثير من الإعلام، وأي سفير للملكة العربية السعودية يُعتبر محظوظاً، لأن المملكة لها ثِقل سياسي وإسلامي كبير، مما يجعل السفير عندما يذهب للدولة المُضيفة يجد الاحترام والتقدير جاهزاً أمامه، ولله الحمد، عندما توليت السفارة في دولة تركيا جمعتني علاقات طيبة مع قيادات في تركيا، وأصبحت هناك علاقات تجارية كبيرة جدًا، وأصبحت العلاقة بين المملكة العربية السعودية ودولة تركيا قوية جدًا، وكان خادم الحرمين الشريفين سعيداً جدًا بهذه العلاقات.

ومن الأحداث المهمة التي واكبتها في أثناء عملي سفيراً، غزو الكويت، وكيف كان عليّ أن أشرح القرار التاريخي للملك فهد، رحمه الله، المتمثل في تحرير الكويت، ولله الحمد، وفقنا وكان الملك فهد، رحمه الله سعيداً ولله الحمد، وبعد تحرير الكويت عُقد مؤتمرٌ إسلامي في إسطنبول، وحضره وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، وبلغني برغبة الملك فهد، في أن أكون أول سفير للمملكة العربية السعودية في الاتحاد السوفياتي، حيث قال الملك فهد هذه الجملة "بندر عندنا بندر في واشنطن ونريد عبدالعزيز في الاتحاد السوفياتي"، وهذا بلا شك شرفٌ كبيرٌ لي أن أنال ثقة خادم الحرمين الشريفين، وأكون سفيراً له في دولة مهمة جدًا في ذلك الوقت، وكان شعوري بالاعتزاز لا يُوصف، وشهدت خلال مهامي سفيراً انهيار الاتحاد السوفياتي، وقمت بتغيير أوراق اعتمادي وأصبحت سفيرًا لروسيا الاتحادية وواجهت أموراً صعبة، ووفقني الله، ولله الحمد.

الشعر العامي

ما رأيك فيما ذُكر في كتاب "الأنباط والشعر النبطي في مدخل موجز" للمؤلف صادق محمد بخيت، أن الشعر العامي هو الأصل والشعر الفصيح فرعٌ بُني على هذا الأصل؟

حقيقةً لا أعتقد أن شعر امرئ القيس مبنيٌّ على شعرٍ عامي أو شعراء الجاهلية، لكن ربما لديه مصادره الخاصة التي بنى عليها هذا الكلام، وأنا بصراحة أقدّر الشعر الشعبي؛ كونه يحمل كثيراً من الفولكلور والتاريخ الإنساني، ويحمل كثيراً من وجدانيات الشعوب في أنحاء العالم، وهي تمثل أحيانًا وجدان الإنسان الشعبي العادي، وأنا لا أدعي المعرفة، فلم أدرس و أتعمّق فيما ذكر في هذا الكتاب، ولكن -باعتقادي- أنه قبل تعلم الكتابة في العصور الأولى عندما كان ينتقل الشعر شفاهية كان ينتقل بين الشعوب بلهجات مختلفة، ومنها أعتقد وُلدت هذه الفكرة، وأنا لا أستطيع أن أقول شعراً بغير اللغة الفصحى.

البحور السبعة

عندما تكون القصيدة جاهزةً للإبحار مودّعةً ميناء قلبك، من أي البحور السبعة تهوى الإبحار من خلاله بقصيدتك؟

لا يستطيع الشاعر تحديد بحر قصيدته وإنما مناسبة القصيدة والقصيدة نفسها تفرض بحرها ولونها الخاص.

أنواع الشعر

أي أنواع الشعر الذي يلامس الشاعر عبدالعزيز خوجة؟

أي نوع من الشعر الجيد يلامسني وأنا أطرب لكثير من الشعراء، وتجدني أحيانًا أطرب لشعر شاعرٍ غير معروف، ولست متعصباً لشاعرٍ معين أو شعرٍ معين ولست متعصباً كذلك لفترة زمنية معينة وإنما أستمتع بالشعر من العصر الجاهلي إلى وقتنا الحاضر، وأنا أشبه الشعر العربي كالبُستان يتجوّل به الإنسان من زهرة إلى زهرة ومن شجرة إلى شجرة.

الشعراء

بودنا أن نعرف مَن هم الشعراء الذين تأثرت بهم؟

كثيرٌ من الشعراء تأثرت بهم ومنهم: عباس بن الأحنف، وعمر بن أبي ربيعة، وكذلك تأثرت بشعراء معاصرين في ذلك الوقت، ومنهم إبراهيم ناجي وأحمد شوقي.

الموهبة الشعرية

باعتقادك هل الموهبة الشعرية تُورّث أم تُكتسب وهناك أمثلة على شعراء ورثوا وورّثوا الشعر؟

لا أعتقد أن الموهبة الشعرية تورّث، وربما ما حدث مع زهير بن أبي سلمى، هو مصادفة قدر فقط لا أكثر، وتجد أحيانًا شعراء كباراً أبناؤهم لا يعرفون إلقاء الشعر.

الثقافة والإعلام

كنت وزيرًا للثقافة والإعلام قبل فصلهما وأنت بالأصل مثقف وأديب، ما رأيك في المشهدين الثقافي والإعلامي في الوقت الحالي؟

أعتقد أن هناك فرقاً كبيراً جدًا بين المشهد اليوم والمشهد في السابق، وبينما كنت أنا آنذاك وزيرًا للثقافة والإعلام كُنت أتمنى أن تُفصل الثقافة عن الإعلام، وكتبت عن ذلك، وقلت رأيي في ذلك، لأنه -باعتقادي- لا يمكن أن تنجح الثقافة مادامت مرتبطة بالإعلام، ولا يمكن أن ينجح الإعلام مادام مرتبطاً بالثقافة؛ لأنه سيعرقل أحدها الآخر، لأن الثقافة لها عالمها الخاص، ذلك العالم الإبداعي التراكمي الذي لا يخضع لظرفٍ معينٍ أو يتغيّر بين يومٍ وآخر ويجب أن يكون لها فضاؤها الخاص كي تنطلق، والإعلام أيضاً عالمٌ جميلٌ وبديعٌ ومتغيرٌ، وعالمنا اليوم يعتمد على الإعلام بشكلٍ كبيرٍ في ظل التطور الذي يشهده الإعلام، والإعلام الجديد وأنا شخصياً كنت سعيداً جداً بهذا الانفصال، وكنت أتهلّل طرباً وفرحاً مما رأيته، وأرى من الانطلاقة القوية لوزارة الثقافة في أسلوب قوي ورصين فيه حداثة وأصالة، والإعلام أيضاً يستطيع أن ينطلق في وثبات لا حدود لها، في ظل وجود العالم الرقمي والصحف الإلكترونية.

السفير والوزير

بماذا تحب أن ينادوك: الدكتور أم الشاعر أم سعادة السفير أم معالي الوزير؟

أحب أن ينادوني الناس عبدالعزيز أو أبو هبة، فأحب الناس إليّ والدي ووالدتي والملوك ينادوني عبدالعزيز وزوجتي تناديني بعزيز، وعندما يناديني أحدهم بالدكتور أو معاليك أشعر أنه وضع بيننا حاجزاً.

كلمة أخيرة؟

أولاً أشكركم على حضوركم، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح، وأنا فخورٌ وأعتز بأنني مواطنٌ في هذا البلد العريق المملكة العربية السعودية، وفخورٌ جداً بأنني كنت خادماً لقيادتي، وقضيت معظم عمري في خدمة وطني سواء كمعيد أو وكيل وزارة أو سفير أو وزير، وأنا لا أملك مؤسسة خاصة أو عملاً خاصاً، فقد كان تركيزي منصباً في خدمة وطني، وأسأل الله أن يتقبّل مني ويغفر لي؛ إن أخطأت.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org