"عايد الهرفي": "منتدى مستقبل العقار" خطوة مهمة لكنه أغفل مناقشة التحديات الأساسية

منتدى مستقبل العقار الذي نظمته الوزارة بمشاركة أصحاب السمو الأمراء والوزراء، ونخبة من المختصين في شؤون العقار، ونخبة من المتحدثين من القطاعَيْن العام والخاص، يمثل خطوة مهمة ومبادرة جيدة لطرح ومناقشة قضايا العقار والإسكان. وكنت أتمنى أن نرى مثل هذه الفعاليات منذ وقت مبكر، وأتمنى أن تستمر بشكل دوري، بما فيها من ورش عمل لحل إشكاليات العقار والإسكان في السعودية، وللخروج بتوصيات مناسبة، تُطبَّق على أرض الواقع، وخصوصًا بعد تحقيق كل مرحلة من المستهدفات لتتويجها بالنتائج والأرقام والخطط المستقبلية، ومناقشة الإشكالات القائمة. وأشير هنا إلى أن أغلب ما تم طرحه من خطط ورؤى وأفكار، مثل الحديث عن المستهدفات، وتنويع مجالات العقار للمساهمة في الاقتصاد الوطني، وسد الفجوة بين العرض والطلب، والمنتجات العقارية السكنية.. هي أمور قد قمت بطرحها مرات عدة، سواء في لقاءات سابقة لي في قنوات تلفزيونية، أو عبر مقالات وتغريدات منذ سنوات.
وأعود وأقول إن مثل هذه المنتديات والفعاليات مهمة وضرورية من حيث المبدأ، ومن حيث الضرورة للخروج بحلول واقعية.

في الحقيقة أرى أن المنتدى تناول بعض الجوانب الخاصة بالعقار والإسكان، ولكنه أغفل ذكر القضايا الأساسية والتحديات الفعلية التي يعانيها المجال العقاري على جميع المستويات، والتي لم تجد حلولاً جذرية واضحة طوال السنوات الماضية رغم الإجراءات التي تم اتخاذها.. فعلى سبيل المثال: لم يتم التطرق لموضوع تحقيق الأمن العقاري وأهميته بالنسبة للثروة العقارية في السعودية، ولم يتم التطرق لمشكلة التضخم في أسعار الأراضي بطريقة مفصلة، ولم يتم ذكر الإحصائيات والأسباب والحلول حيالها، ولم يتم التطرق أيضًا لمدى فاعلية الإجراءات المتخذة في خفض الأسعار على أرض الواقع.. وآمل أن لا يأتي المنتدى المقبل إلا وقد تم رصد السلبيات، وإيجاد الحلول للقضايا العقارية على أرض الواقع.

هناك جهود مبذولة من وزارة الإسكان، ومبادرات عديدة تم طرحها، ولكنها لا تصل لمرحلة التأثير على أرض الواقع سواء من حيث سد الفجوة بين العرض والطلب، أو حل مشاكل وقضايا الإسكان، مثل تضخم أسعار الأراضي في الرياض التي أقر بها الوزير.

بالنسبة للنقاط التي أود الإشارة إليها والتركيز عليها فهي:
1- تنويع المنتجات العقارية السكنية؛ لتكون مناسبة للفرد من ناحية الدخل.
2- وضع الأولويات في تحقيق المستهدفات. فمثلاً في رأيي، وحسب خبرتي في المجال العقاري، أرى أن معالجة قضايا الأراضي، ومراجعة بعض التنظيمات والآليات، سوف تأتيان بنتيجة إيجابية على طرح منتجات عقارية سكنية خالية من الإشكالات.
3- ضرورة الاهتمام والعناية بمسألة تحقيق الأمن العقاري كشرط أساسي لا يمكن التهاون فيه، وذلك مثل معالجة قضايا الصكوك، وتدارُك آثار إلغائها وإيقافها، بما يضمن لها الحماية والأمان؛ وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على المنظومة العقارية في السعودية.
4- أيضًا معالجة الأسباب التي حالت دون سد الفجوة بين العرض والطلب رغم الأرقام والمشاريع والخطط المعلنة.
5- معالجة ارتفاع أسعار الأراضي بالنظر في الخطط والمشاريع والمنتجات العقارية التي أعلنتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ومعرفة الأسباب التي حالت دون انخفاض أسعار الأراضي لمستويات طبيعية مقبولة.

لا شك أن مثل هذه المنتديات والفعاليات مهمة جدًّا، وتمثل حراكًا إيجابيًّا لمناقشة المسائل المتعلقة بالعقار، بشرط أن تكون شاملة لكل ما يتعلق بالملف العقاري من إشكالات وتحديات ومنجزات، مع مشاركة الأطياف كافة للوصول إلى توصيات جادة، تكون مبنية على أسس واقعية.