"الثقفي" سيرة تعليمية ناصعة البياض.. وابنه يروي كيف استقبل رمضان من دونه؟

"#كانوا_معنا" يسترجع مآثر مدير "تعليم جدة" الأسبق:
"الثقفي" سيرة تعليمية ناصعة البياض.. وابنه يروي كيف استقبل رمضان من دونه؟
تم النشر في

مع إطلالة شهر رمضان المبارك، تعود بنا الذاكرة لنسترجع كثيرًا من الشخصيات التي صامت معنا العام الماضي، وانتقلت إلى رحمة ربها قبل أن تلحق بصيام هذا العام.

"سبق" اعتادت سنويًا تسليط الضوء على هذه الشخصيات الوطنية التي قدمت العديد لوطنها ودينها، ونعود العام الحالي لنتذكر الكثير منهم في حلقات متوالية تحت مسمى "كانوا معنا"، وسيكون أولى تلك الشخصيات الأستاذ عبدالله الثقفي، مدير عام تعليم جدة ومكة الأسبق.

نقف هنا ونحن نقلّب في صفحات من حياة الراحل القائد التربوي "عبدالله الثقفي"، مدير تعليم مكة المكرمة وجدة؛ الذي حمل مسؤوليات ثقلها كجبال ثقيف، بعزيمة العظماء وإرادة الأقوياء حتى صنع لنفسه مكانًا ومكانة في هذا العالم، قبل أن ينتقل إلى رحمة الله في يونيو الماضي مخلفًا وراءه سيرة ناصعة البياض وحزنًا عميقًا لأقاربه وأصدقائه، والذين ما زالوا يستذكرونه ويترحمون عليه كلما عاد إلى ذاكرتهم.

"محسن دخيل الثقفي" ابن عم الفقيد تحدث لـ"سبق" متذكرًا بداية حياة الراحل وهو أقرب المقربين له، قائلاً: وُلد "عبدالله الثقفي" ببلاد ثقيف ترعة قرية الدارين عام 1380هـ، والتحق بمدرسة ترعة ثقيف، وعند وصوله الصف الثاني الابتدائي توفي والده، رحمه الله، فقد عاش يتيمًا في فقر مدقع، لولا الله سبحانه، ثم والدته، أطال الله بعمرها، لقد جاهدت عليه وعلى إخوته وبمساعدة من عمه دخيل بن دخيل رحمه الله".

وأضاف: "أكمل دراسته المتوسطة بمدرسة دار التوحيد بالطائف على الرغم من معاناته المادية الشديدة، والتحق بثانوية دار التوحيد، وتخرج فيها، ثم التحق بجامعة أم القرى قسم الثقافة الإسلامية وتخرج فيها، وتمّ تعيينه معلمًا بمدرسة عبال بني مالك، وتحسنت أوضاعه المالية، وبقي بها عدة سنوات ثم نُقل لمدرسة حداد بني مالك ثم لثانوية ترعة ثقيف، وعمل بها سنوات، ثم انتقل إلى مدينة جدة، وعمل معلمًا بإحدى الثانويات".

وأردف: "نظرًا لما لمسه المسؤولون من إخلاصه عيّن مساعدًا لمركز إشراف ثم مديرًا له، ولما لمسه المشرفون التربويون ومدير التعليم عبدالله الهويمل -حفظه الله- تم تعيينه مساعدًا لمدير التعليم، وما هي إلا سنوات حتى تم تعيينه مديرًا للتعليم لمحافظة جدة".

ويقول ابنه "أحمد" في حديث لـ"سبق" عن أبيه ممزوجًا بألم الفراق: "عام مختلف عن كل عام، لقد أتى رمضان هذا العام بمشاعر مختلفة بحزن عميق وشعور الفقد المؤلم، شعور موجع أن يأتي رمضان من دون صوت أبي ومن دون تقبيل يديه".

وعن عاداته في شهر رمضان المبارك قال "أحمد": "كان أبي يبدأ هذا الشهر الفضيل بتقبيل يد أمه التي كان يراها الضياء والنور في كل تفاصيل حياته، ولن أنسى تلك اللحظات التي نقضيها معًا بعد الإفطار، تلك الأحاديث والمواقف الجميلة التي يحكيها لنا، كان من عاداته أن يضع لنا خطة لقضاء شهر رمضان، ويحرص على أن نستغل هذا الشهر الفضيل في الطاعة، فمن حرصه كان يحفزنا على ختم القرآن، فيقدم لنا في نهاية شهر رمضان مكافأة لمن يختمه، ومن عادات أبي السنوية أنه في أواخر شهر رمضان كان يذهب إلى أسواق "البلد" المحببة لديه بسبب ما فيها من أجواء رمضانية، وكان يحب أن يجلب لأفراد العائلة كبارها وصغارها هدايا العيد، فكان دائمًا ما يحثنا على عمل الخير، وكان صاحب رسالة منذ طفولته حتى آخر منصب قاده في حياته".

وكان السادس من شوال من العام الهجري الماضي؛ هو اليوم الذي فُجع فيه المجتمع التعليمي بوفاة القائد التربوي عبدالله الثقفي الذي أدار دفة التعليم خلال الثلاثة عشر عامًا الماضية متنقلاً بين جدة ومكة، حيث تعرَّض الفقيد لجلطة؛ لم تمهله طويلاً، أدخل على إثرها المستشفى، واستمر أيامًا حتى أُعلنت وفاته.

وأسهم "أبو أحمد" خلال السنوات الماضية في الرقي بالحركة التعليمية في المنطقة؛ ما أقنع وزراء عدة، تعاقبوا على تولي حقيبة التعليم، باستمراره في إدارة التعليم في مكة، ثم جدة، قبل أن يعود لمكة، وذلك منذ عام 1427هـ.

ويحمل "الثقفي" -رحمه الله- سيرة عطرة؛ إذ بدأ العمل معلمًا للتربية الإسلامية في تعليم الطائف، ثم جدة من عام 1403 إلى 1412هـ، ثم مشرفًا تربويًّا للتربية الإسلامية بجدة من 1412 إلى 1415هـ، قبل أن يبرز بشكل لافت ليتولى منصب مدير مركز الإشراف التربوي بشمال جدة من 1415 إلى 1420هـ، ثم مساعد المدير العام للتربية والتعليم بمحافظة جدة عام 1420 ولمدة سبعة أعوام، وتمت ترقيته إلى المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة عام 1427، واستمر عامين".

وفي عام 1429م صدر قرار وزير التعليم بتعيينه مديرًا عامًا للتربية والتعليم بمحافظة جدة، واستمر حتى تم ترقيته قبيل وفاته بأسبوعين مديرًا عامًا للتعليم بمنطقة مكة المكرمة، مع تكليفه بالعمل مديرًا لتعليم جدة.

وكان "الثقفي" -وفقًا للمقربين- قريبًا من الكل، وحريصًا على فتح مكتبه للاستماع لشكاوى منسوبي الإدارة أو المواطنين، لا يغادر قبل أن يلتقيهم جميعًا حتى لو اضطره ذلك إلى البقاء متأخرًا، وقد حصل على الكثير من الجوائز، من أهمها المركز الأول في جائزة وزارة التعليم للتميز الإداري على مستوى السعودية، وشخصية العام من إمارة منطقة مكة قبل نحو عامين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org