يمثل القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية أحد أبرز مرتكزات رؤية 2030؛ إذ للصناعة دور هام في رفع اقتصادات الدول، وبها تتحقق التنمية والاستقرار الاقتصاديين.
وللصناعة في المملكة تاريخ كبير؛ فقد بُنِيت على إرثٍ يمتد لعقود طويلة، بدءًا من المرحلة التي زامنت اكتشاف النفط، والذي يُعتبر الركيزة الأساسية التي قامت عليها الصناعة الحديثة في المملكة؛ حيث بدأت عملية التنمية في القطاع الصناعي أولى خطواتها عقب اكتشاف النفط وتصديره بكميات تجارية، بفضل العوائد النفطية ودورها في إمكانية تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوجيهها.
وقد أولت الدولة أهمية كبيرة للتنمية الصناعية؛ فقدمت كافة أشكال الدعم والمساندة والتشجيع، بإنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي عام 1974م؛ وذلك لتمويل ودعم وتنمية القطاع الـصناعي عن طريق تقديم قروض متوسطة أو طويلة الأجل لتأسيس مصانع جديدة، أو تطوير وتحديث وتوسعة مصانع قائمة، إضافة إلى تقديم المشورة في المجالات الإدارية والمالية والفنية والتسويقية للمنشآت الصناعية بالمملكة.
كما أطلقت الدولة في السنوات الأخيرة برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وأنشأت وزارة مستقلة للاهتمام بالقطاع، وعددًا من البرامج والكيانات الأخرى؛ وذلك قبل أن يطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الاستراتيجية الوطنية للصناعة، أمس الثلاثاء؛ لتعمل على دفع عجلة النمو في القطاع لتصل أعداد المصانع إلى نحو 36.000 مصنع بحلول عام 2035.
ويثق ولي العهد في قدرات المملكة وشبابها في دفع عجلة الصناعة، والنهوض باقتصاد وطني قوي، استنادًا لمقومات البلاد وقدراتها؛ مما يعكسه قوله: "لدينا جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، من مواهب شابة طموحة، وموقع جغرافي متميز، وموارد طبيعية غنية، وشركات صناعية وطنية رائدة، ومن خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة وبالشراكة مع القطاع الخاص ستصبح المملكة قوة صناعية رائدة تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية، وتصدر المنتجات عالية التقنية إلى العالم".
مزايا تنافسية وتطلعات
تمتلك الرياض مقومات الاقتصاد الصناعي القوي، والمزايا التنافسية، التي تشمل: الموقع الجغرافي المتميز، ووفرة الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة، والقدرات البشرية، والقوة الشرائية، والسياسات النقدية المستقرة؛ مما يمكّنها من بناء اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
ومن أجل الوصول لأهدافها الصناعية المشروعة، رصدت المملكة من خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة، ميزانية تصل إلى 68 مليار ريال سعودي لتطوير القطاع، منها 51 مليار ريال سعودي لتطوير البنية التحتية الصناعية.
كما عملت الدولة على حوكمة القطاع؛ وذلك من خلال تشكيل اللجنة العليا للصناعة، برئاسة الأمير محمد بن سلمان؛ ليشرف سموه على تطوير قطاع الصناعة في المملكة، وتشكيل المجلس الصناعي بمشاركة القطاع الخاص، لضمان إشراك المستثمرين الصناعيين في صنع القرار وتطوير السياسات؛ وهو الأمر الذي يسهم في كسب ثقة المستثمر المحلي والعالمي.
وتتطلع المملكة، من خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة، إلى تمكين القطاع الخاص، وزيادة مرونة وتنافسية القطاع الصناعي، إضافة إلى المرونة الصناعية، وسعيًا نحو ذلك؛ حددت الاستراتيجية أكثر من 100 مبادرة لتمكين القطاع، تشمل: دعم الأبحاث الصناعية التطبيقية والابتكارات، وتبني تقنيات الصناعات المتقدمة، إضافة إلى حوافز لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمحتوى المحلي، وزيادة الصادرات، واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسهيل الوصول للتمويل الصناعي.