تجمع دول العالم على خطورة الدور، الذي تمارسه إيران في زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ورعاية الإرهاب في العالم، لكنها لا تنظر بنفس القدر من الخطورة إلى الميليشيات التي تمولها إيران في دول الجوار، رغم أن تلك الميليشيا ومن بينها ميليشيا الحوثي الانقلابية، تشكل أدوات إيران في الإخلال بالأمن والاستقرار في الدول المستهدفة منها، كما أنها تمثل جزءًا من رعاية إيران للإرهاب على النطاقين الإقليمي والدولي، فكيف تتفق دول العالم على خطورة إيران ولا ترى ميليشياتها بنفس المنظور رغم أنها تنفذ سياسات إيران في الإضرار بالمصالح الدولية، وانتهاك النظام الدولي الذي يرعى هذه المصالح؟
من هذه المفارقة التي تحمل الكثير من التناقض في الموقف الدولي، جدد الملك سلمان خلال خطابه في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى أمس، استنكار المملكة لانتهاكات ميليشيا الحوثي للقوانين الدولية، واعتداءاتها الإجرامية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على المنشآت المدنية والمدنيين في المملكة، محذراً دول العالم من خطورة استمرار المتمردين الحوثيين في انتهاك القوانين الدولية سواء في داخل اليمن بتنكيلها بالمدنيين العزل، أو استهدف دول الجوار، أو تهديد حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، لاسيما أن ارتكاب ميليشيا الحوثي لهذه الانتهاكات يشكل جانبًا كبيرًا من الدور التخريبي، الذي تمارسه في المنطقة لصالح إيران.
ففي استهدافها لحرية الملاحة في البحر الأحمر، ومنذ عام 2015 إلى أغسطس (آب) الماضي، زرع المتمردون الحوثيون 155 لغماً بحرياً في البحر الأحمر، أحبطها التحالف العربي لمساندة الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، كما نشروا 47 زورقاً مفخخاً لاستهداف السفن العابرة في البحر، ولكن التحالف دمرها أيضاً، فماذا كان سيصبح مصير الملاحة الدولية في البحر الأحمر الذي تمر منه سنوياً 13 في المئة من حجم التجارة الدولية لو أن هذه الألغام والزوارق نجحت في إصابة أهدافها؟ وبالتزامن مع الجرائم السابقة ارتكبت ميليشيا الحوثي 98 ألفاً و628 انتهاكاً ضد المدنيين اليمنيين في 18 محافظة، منذ انقلابها على الحكومة الشرعية في 2014 إلى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بحسب ما أفادت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، بينها 14222 جريمة قتل ضد المدنيين، من بينهم 618 امرأة و974 طفلاً.
وانطلاقاً من عداء النظام الإيراني الشديد للسعودية، فقد وجه المتمردين الحوثيين إلى تكثيف استهدافهم للمملكة، فأطلقوا تجاهها حتى شهر أغسطس الماضي أكثر من 333 صاروخاً باليستياً استهدفت في أغلبها أهداف المدنية كالمطارات والمنشآت النفطية والمناطق السكنية، كما أطلقت إلى ذلك التاريخ 407 طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات تجاه المدن السعودية الآهلة بالسكان، ولو قدر لهذا العدد الهائل من الأعمال العدائية النجاح ولم تحبطه المملكة لأدى إلى خسائر هائلة في أوساط المدنيين، وإحصاء انتهاكات الحوثي في حق الملاحة الدولية والمدنيين اليمنيين والمملكة وعددها بالآلاف يكشف عن مغزى استنكار الملك سلمان لانتهاكات المتمردين الحوثيين للقوانين الدولية، والخطورة المتوقعة من ترك تلك الميليشيا المدعومة من إيران للاستمرار في انتهاكاتها، كما أن عدد هذه الانتهاكات جدير بإدراك قيمة إعادة تأكيد الملك سلمان دعم الشعب اليمني لاستعادة سيادته واستقلاله، باعتباره الحل الوحيد للخلاص من جرائم الحوثيين، وإفشال المشروع الإيراني في اليمن.