أغروه بـ250 مليونًا للتخلي عن فلسطين.. فجاءهم رده الصاعق.. هكذا تفاعل المؤسس مع العرض البريطاني

وضع الأسس للموقف السعودي الواضح والثابت تجاه القضية
المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه –
المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه –
تم النشر في

"أولاً أنني لا أعلم بأن لليهود أمرًا يبرر مطالبهم في فلسطين، لأن فلسطين كانت من قبل البعثة المحمدية بقرون لبني إسرائيل، وقد تسلط عليهم الرومان في ذلك الوقت وقتلوهم وشتتوا شملهم ولم يبق أثر لحكمهم فيها".. بتلك الكلمات يوجز المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه – الموقف السعودي الثابت والحاسم والتاريخي تجاه القضية الفلسطينية، والذي توارثه الملوك من بعده بداية من الملك سعود، مرورًا بالملك فيصل، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان (حفظهما الله).

وحينما سئل الملك عبدالعزيز عن رأيه في القضية الفلسطينية أثناء زيارة أول بعثة إعلامية غربية للمملكة عام 1943، فكان رده على نويل بوش، مراسل مجلة "لايف" الأمريكية (أشهر مجلة آنذاك)، بالقول إن: "العرب استولوا عليها (فلسطين) من الرومان منذ 1300 سنة، ومنذ ذلك الوقت هي بيد المسلمين، وهذا يظهر أنه ليس لليهود حق في دعواهم، لأن جميع بلدان العالم تقلبت عليها شعوب تمتلكها وصارت الآن وطنًا لهم لا منازع فيه".

وأكمل "فلو أردنا تعقيب نظرية اليهود، لوجب على الكثير من شعوب العالم أن يرحلوا من بلادهم وفلسطين من ضمن هذه البلاد".

عرض سخي ومرفوض

يذكر الكاتب الدكتور أحمد حطيط في كتابه الملك عبدالعزيز بن سعود، موقفًا للمؤسس يوضح مدى العناية التي أولاها للقضية الفلسطينية منذ البداية، حينما عرض عليه الرحالة البريطاني هاري سانت جون فيلبي، عرضًا من الحكومة البريطانية يقضي بدفع مبلغ 250 مليون ريال إلى المؤسس، إضافة إلى موافقتها على استقلال جميع الإمارات العربية، باستثناء عدن، وذلك مقابل التخلي عن فلسطين، إلا أن الملك قابل العرض برفض قاطع وحازم، مؤكدًا أن الإمارات العربية ستستقل مهما طال الزمن، أما فلسطين فالتخلي عنها مسألة لا تعوض ولا تُغتفر.

وعلى الرغم من العلاقة الوطيدة التي جمعت المؤسس بـ"فيلبي"، واستعانة الملك عبدالعزيز بالرحالة البريطاني في بعض أسفاره، واستشارته له في بعض الأمور الخارجية، إلا أنه كان من الحنكة والذكاء أكبر من أن يستميله أحد حتى لو كان من مستشاريه إلى شيء لا يرضاه للعرب والمسلمين، ونصح "فيلبي" بألا يتطرق إلى هذا الموضوع من جديد، على الرغم مما بذله الأخير من محاولات لاستمالة المؤسس.

رأي حاسم

ويشير الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، عضو هيئة كبار العلماء، في كتابه: (الملك عبدالعزيز آل سعود: أمة في رجل)، إلى أن المؤسس كان حاسمًا بشدة حينما التقى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في عام 1945 فيما يخص القضية الفلسطينية، فقد كان المؤسس مقتنعًا بشدة بالظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني من جراء استيلاء اليهود على أرضهم، وهو ما يتضح من رسائله المتبادلة مع الرئيس الأمريكي.

وجاءت تلك المواقف القوية للمؤسس في الوقت الذي كانت الدولة السعودية الفتية بعد توحيدها في مقتبل المشوار نحو بناء الدولة، وتطويرها، وتثبيت الخطى، إلا أنه لم يتوقف عند ذلك كثيرًا، ويتخذه ذريعة للمداهنة، ولم يذعن، أو يتماهى مع المزاج العالمي وقتها، بل صمد أمام الضغوطات، متشبثًا بفكرته بشأن عروبة فلسطين، وهو الموقف ذاته للمملكة حتى وقتنا هذا في جميع المحافل الدولية والإقليمية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org