في ضوء التصعيد العسكري، والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، عقد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعه الاستثنائي الخامس والأربعين أمس الأربعاء 29 ربيع الأول 1446هـ، الموافق 2 أكتوبر 2024م، في الدوحة بدولة قطر.
ورأس الاجتماع الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر -رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، بمشاركة أصحاب السمو والمعالي والسعادة: صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، ووزير الدولة بالإمارات العربية المتحدة خلفية شاهين المرر، ووزير الخارجية بمملكة البحرين الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية بسلطنة عُمان الشيخ خليفة بن علي الحارثي، ووزير الخارجية بدولة الكويت عبدالله علي عبدالله اليحيا، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم بن محمد البديوي.
واستعرض المجلس الوزاري لمجلس التعاون في اجتماعه الاستثنائي التطورات الخطيرة والتصعيد المتزايد المزعزع لأمن واستقرار المنطقة، بما في ذلك في جمهورية لبنان وقطاع غزة، والانتهاكات الخطيرة في الضفة الغربية، وتهديد المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الدينية، وبين إسرائيل وإيران.
ودان المجلس الوزاري التصعيد في الأراضي اللبنانية والفلسطينية، وحذر من التداعيات الخطيرة لهذا التصعيد، التي لا تقتصر آثارها على هذه المنطقة وحدها، وإنما تتعدى ذلك إلى دائرة أوسع، وما يترتب عليه من تهديد للسلم والأمن الدوليَّين، وتقويض لجهود السلام والأمن في المنطقة والعالم، مؤكدًا ضرورة حماية أمن المنطقة، وعدم اتساع رقعة الحرب.. مطالبًا جميع الأطراف المعنية بهذا التصعيد بضبط النفس، والكف عن العنف، وتغليب لغة الحوار.
كما طالب المجلس الوزاري المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالمنطقة.
وفيما يتعلق بلبنان أكد المجلس الوزاري وقوف دول مجلس التعاون إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بمكوناته كافة في هذه المرحلة الحرجة، داعيًا إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لتقديم الدعم الإنساني العاجل للبنان؛ للتخفيف من معاناة المدنيين، وحمايتهم من أي تداعيات خطيرة.
كما دعا إلى ضبط النفس، وتجنب الانخراط في النزاعات الإقليمية، والحيلولة دون اتساع دائرة النزاع في المنطقة.
وشدد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية باجتماعه الاستثنائي الخامس والأربعين على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، والقرارات الدولية ذات الصلة، واتفاق الطائف؛ لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه، واستقلاله السياسي، وسيادته داخل حدوده المعترف بها دوليًّا.
وشدَّد على مضامين البيان الوزاري المشترك الصادر بتاريخ 25 سبتمبر 2024م عن الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من الدول الأخرى، الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا، عبر الخط الأزرق الفاصل للحدود الجنوبية للبنان، والمضي في تسوية دبلوماسية، تُجنب المنطقة خطر نشوب حرب إقليمية.
ورحَّب المجلس الوزاري بالبيان الصادر في 27 سبتمبر 2024م في مدينة نيويورك، عن الاجتماع الوزاري الطارئ لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لبحث تصعيد الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد دولة فلسطين والجمهورية اللبنانية.
وفيما يتعلق بفلسطين أكد المجلس الوزاري وقوف مجلس التعاون إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق، وإدانته العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، مطالبًا بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين.. ومشددًا على أهمية فتح جميع المعابر بشكل فوري دون شروط، وضمان تأمين وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية والإمدادات الطبية والاحتياجات الأساسية لسكان قطاع غزة، وذلك في إطار الالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأكد المجلس الوزاري مضامين البيان المشترك الصادر بتاريخ 8 أغسطس 2024م عن صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، ورئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية جوزيف بايدن، بشأن ضرورة إتمام التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين في غزة، والدعوة لاستئناف المفاوضات، مؤكدًا دعم مجلس التعاون الخليجي الكامل للجهود المتواصلة في سبيل إتمام التوصل إلى وقف إطلاق النار، والمعالجة العاجلة للأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة، مشيدًا بالدور البنَّاء الذي تقوم به دول مجلس التعاون مع شركائها الاستراتيجيين، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لخفض التصعيد، وتعزيز الأمن والاستقرار، وحماية الملاحة البحرية في المنطقة، وضمان أمنها واستقرارها وازدهارها.
وطالب المجلس الوزاري مجلس الأمن بتنفيذ قراراته رقم 2735، ورقم 2712، ورقم 2720، بشأن الدعوة إلى الوقف الفوري التام والكامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن وتبادل الأسرى، وعودة المدنيين إلى ديارهم، والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
وأكد المجلس الوزاري أهمية جهود اللجنة الوزارية برئاسة المملكة العربية السعودية، التي شكلتها القمة العربية الإسلامية المشتركة الاستثنائية لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والتحرك على المستوى الدولي لمساندة جهود دولة فلسطين في نيل اعتراف مزيد من دول العالم، ودعمها للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي للسلام.
ورحب المجلس الوزاري بنتائج الاجتماع الدولي الذي عُقد في نيويورك بتاريخ 26 سبتمبر 2024م لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وأكد أهمية دعم الوكالة في ظل الظروف الإنسانية الحرجة؛ لضمان استمرار الوكالة في أداء مهامها لتوفير المتطلبات الأساسية للأشقاء الفلسطينيين، منوهًا بالمساعدات السخية والدعم الذي تقدمه دول المجلس لأنشطة الوكالة.
وأكد المجلس الوزاري مركزية القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم سيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، داعيًا الدول كافة إلى استكمال إجراءات اعترافها بدولة فلسطين.
وعبّر المجلس الوزاري عن دعمه لنتائج الاجتماع الوزاري الذي عقدته اللجنة الوزارية برئاسة المملكة العربية السعودية، التي شكلتها القمة العربية الإسلامية الاستثنائية، بالمشاركة مع مملكة النرويج والاتحاد الأوروبي، وإطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" في سبيل تجسيد الدولة الفلسطينية، تنفيذًا للقرارات الأممية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية.
ورحب المجلس الوزاري باعتماد الجمعية العامة بتاريخ 18 سبتمبر 2024م قرار "إنهاء الوجود غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وثمن قرار الجمعية العامة بأهلية فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعا مجلس الأمن لسرعة إصدار قرار بحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كما رحب بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، بتاريخ 18 يوليو 2024م، بإقرار عدم شرعية الإجراءات التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي لتثبيت وقائع تتجاوز قرارات الشرعية الدولية المؤكدة على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
واختتم المجلس الوزاري اجتماعه بإعادة التحذير من التصعيد المتزايد في المنطقة، وتداعياته الخطيرة على السلام والأمن الإقليميَّين والدوليَّين، داعيًا مرة أخرى إلى أهمية خفض التصعيد، والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتجنيب المنطقة والعالم مزيدًا من عدم الاستقرار، وأخطار الحروب والدمار، وآثارها على شعوب المنطقة والعالم.