"تعبيرية"
"تعبيرية"

كثرة حفلات النجاح والتخرج ترهق كاهل الأسر .. تبدأ من رياض الأطفال حتى الجامعة والدراسات العليا

"سبق" تطرح تساؤلات حول كثرة حفلات النجاح والتخرج التي ترهق الأُسر.. تبدأ من الروضة حتى الجامعة

في هذه الأيام انتشرت ظاهرة حفلات النجاح والتخرج في جميع مراحل التعليم، ابتداء من رياض الأطفال حتى طلاب الجامعات والدراسات العليا، كما تنوعت تلك الحفلات في أشكالها، والتجهيزات المصاحبة لها، وأماكن إقامتها؛ ما تسبَّب في بروز مظاهر سلبية، تضرر منها الأفراد والأسر والمجتمعات.

وحول احتفالات النجاح والتخرج تستضيف "سبق" عددًا من المهتمين وأولياء الأمور؛ لتسليط الضوء على إيجابيات وسلبيات هذه الظاهرة.

استشاري: الفرح والابتهاج أمر فطري

في البداية، التقينا الاستشاري النفسي وأستاذ علم النفس المشارك، الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المناحي، الذي قال: لا شك أن إنهاء الطلاب والطالبات العام الدراسي بنجاح، وحصول البعض على شهادة التخرج، أمر يشترك في الفرح به الطالب وأهله وزملاؤه ومحبوه؛ لأن ذلك يمثل نهاية مرحلة التعب والسهر والبذل، ويمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة، يجني فيها ثمرة تعبه.

وأضاف: لهذا فالفرح والابتهاج بهذا التخرج أمر فطري، ينسجم مع طبيعة النفس الإنسانية بصفة عامة. وإذا ارتقت هذه النفس، وعمرت بالإيمان، قرنت هذا الفرح بشيء آخر عظيم، هو الشعور بالنعمة، وشكر المُنعم سبحانه، وإدراك أن الفضل بيده -عز وجل-؛ فهو الموفق والمعين، ولولاه ما كان الإنسان ولا نجاحه ولا اجتهاده.

عمل مذموم وسلوك سلبي

وتابع: لكن قد يتحول هذا الفرح المشروع إلى عمل ممنوع، وسلوك سلبي، يضر بالأسرة والمجتمع، إذا تجاوز الحد، ووصل إلى حد الإسراف والتبذير في الاحتفال، والمبالغة في التجهيزات والمآكل والملابس، وبخاصة عند الطالبات؛ إذ يُجعل لحفل التخرج لباس معيَّن، تُكلَّف الأسرة بشرائه، ومصيره غالبًا الرمي والإتلاف".

تجاوُز للحد في التجهيزات ومبالغة في التكاليف

وأردف: قد يتجاوز الأمر ذلك إلى استئجار قاعات أو استراحات لإقامة حفلات التخرج فيها، وما يصاحب ذلك من ترتيبات وإجراءات، تكلف مبالغ مالية باهظة؛ فهذا مبلغ لاستئجار القاعة، وآخر لمصمم أو مصممة الحفل، وثالث ربما لاستئجار الخدم، ورابع للهدايا والجوائز، وخامس للورود والحلويات، وسادس للأطعمة والأكلات والمشروبات.. وغير ذلك من صور الإسراف المذموم والتبذير الممنوع.

حفلات تلو حفلات من الروضة للجامعة

وتابع: حفلات النجاح والتخرج لم تعد قاصرة على مرحلة معينة، بل تبدأ من غير مبالغة مع الإنسان من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الجامعية، أو ما بعدها.

وأضاف: حفلة للتخرج من الروضة، وحفلة للنجاح في الصف الأول الابتدائي، وحفلة في العام الذي يليه للتخرج من الصف الثاني، وهكذا في كل صف ومرحلة، سواء من جانب الأبناء أو البنات؛ ما يزيد معاناة الأسرة، ويثقل كاهلها، إضافة إلى ما يصاحب كل احتفال من بذخ وإسراف.

معلمة: الحفلات إيجابية وتدعيم بهذا الشرط

وأكدت المعلمة جميلة محمد أن هناك إيجابيات لتلك الحفلات إذا تم مراعاة قواعد معينة، لا تخرج عن الإطار المسموح به اجتماعيًّا واقتصاديًّا، وقالت: يسعد كل منا برؤية أبنائه وبناته وهم يحملون مشعل العلم، ويرتقون لمصاف التميز والنجاح، كما كان أسلافنا بتعليمهم الجاد دون ضجيج وتبذير وإسراف.

وتابعت: من الضروري تدعيم نتائج سلوك الطالب (أو الطالبة)، الذي أنهى دراسته بالنجاح أو التخرج، لكن قبل إقامة حفلة التخرج للطالب (أو الطالبة) بين أهله وأسرته يجب أن يتفق الاحتفال مع قدرات وظروف الأسرة المالية الاقتصادية.

مواطن: هدية أو مكافأة تعبير داعم غير مكلف

أما المواطن عبدالرحمن المقحم فقال: بعض الأسر لا تستطيع أن تقيم حفلاً لأبنائها الناجحين؛ إذ ظروفها الاقتصادية لا تسمح بذلك، وهنا يمكن أن يستبل الحفل المكلف بهدية أو مكافأة تقديرية، تعبر به الأسرة عن شكر الطالب أو الطالبة بعد عام كامل من الجد والاجتهاد.

مشرفة تربوية: ابتهاج بحفل مبسط دون مبالغات

فيما قالت المشرفة التربوية (ح. م): يسعد كل منا برؤية أبنائه وبناته وهم يحملون شهادات النجاح، وتبتهج الأسرة بعمل المدارس حفلاً مبسطًا في نهاية العام، يتخلله كلمات وشهادات شكر دون مبالغة أو إسراف أو حتى مَطالب بملابس معينة منعًا لإحراج بعض الأسر ذات الدخل المحدود.

توحيد الزي المدرسي لهذه الأسباب

وأضافت: لذا نجد أن النظام قد وحَّد الزي المدرسي للطالبات منعًا للتفاخر والتباهي بين أفراد المجتمع، ومراعاة لمشاعر الآخرين وحالاتهم الاقتصادية؛ لكي لا تحمل الأسر ما لا تطيق من تكاليف اقتصادية.

مواطنة: سلوكيات تكسر قلوب ذوي الحاجة

أما المواطنة سارة عبدالعزيز فقالت: للأسف، نجد بعض المدارس وأولياء الأمور يقيمون احتفالات يصحبها التبذير، ويُحمّلون الطلاب والطالبات تكاليفها، ويبالغ الأغنياء في البذخ، وينكسر قلب ذوي الحاجة. وفي المقابل، يستنفع من تلك الأموال أصحاب المحال التجارية.

مَطالب بالتصدي حتى لا تتفاقم المشكلة

وطالبت بضرورة التصدي للمبالغة في حفلات النجاح والتخرج، ووضع حد لها؛ حتى لا تتفاقم، ولاسيما أننا رأينا أن احتفالات التخرج بدأت تنتقل للاستراحات وللصالات وقاعات الفنادق، وتجر معها الكثير من التبعات والسلبيات الاجتماعية والاقتصادية.

مديرة مدرسة: تؤثر سلبًا في سلوكيات أبناء الأسر الغنية

ورأت مديرة إحدى المدارس أن حفلات التخرج بدأت تتخذ مسارًا خاطئًا عن هدفها الحقيقي، وقالت: تسمت حفلات التخرج والنجاح هذه الأيام في غالبها بسمت المبالغة في التحضيرات والتجهيزات؛ وهذا قد يولد سلوكًا سلبيًّا لدى أفراد المجتمع؛ إذ إن العوائل الغنية تسرف في حفلات أبنائها، وتبالغ في الانفاق عليهم والاحتفاء بهم؛ ما ينعكس سلبًا على أبنائهم، ويؤثر على علاقاتهم بزملائهم وتحصيلهم العلمي مستقبلاً.

مختص تربوي: الاحتفال يُشعر بالرضا ويدفع للمواصلة

فيما قال المختص التربوي عماد "الشريف": الاحتفاء بالإنجاز والنجاح مما تحبه النفوس، ويُشعرها بالرضا عما تم تحقيقه، كما يدفعها أيضًا لمواصلة السير في محطات العمر المختلفة، سواء على المستوى العلمي أو العملي والوظيفي.

الحفلات خرجت عن أمرها الطبيعي والمعتاد

وأضاف: من صور هذا الاحتفاء ما تشهده هذه الأيام من حفلات التخرج في مختلف مراحل التعليم العام والجامعي، لكن يؤسفنا أنها خرجت عن أمرها الطبيعي والمعتاد بالمبالغة والتوسع في إقامتها في مراحل مبكرة.. ولا نعلم ما هو الهدف وراء ذلك، وإلا فما هي فائدة حفل تخرج طالب أو طالبة من الروضة للمرحلة الابتدائية، أو من المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة؟ وما هو الإنجاز في ذلك؟

تكرار الحفلات يقضي على الشعور بالإنجاز

وتابع: سيكون هذا الطالب أو الطالبة قد احتفل أو احتفلت ٣ مرات قبل احتفال التخرج الطبيعي في المرحلة الثانوية؛ فهل عندها سيكون هذا الاحتفال له قيمة ولذة وشعور بالإنجاز؟!

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org